كتبت:سها حشمت استطاعت السينما الإيرانية خلال العقود الأخيرة فرض نفسها علي الساحة العالمية حتي احتلت المركز الثاني عشر عالميا,وحازت الأوسكار, أرفع جائزة سينمائية علي مستوي العالم. وجاءت السينما الإيرانية لتحطم الصورة التقليدية الجامدة المأخوذة عن إيران كدولة إسلامية شيعية متشددة, وأكدت للعالم أجمع أن لديها من الفكر والانفتاح والنضوج العقلي ما يؤهلها لمسايرة السينما العالمية, بل يجعلها في المقدمة علي مستوي النضج الفكري والإبداعي. ومن هنا فقد فتح التطور السينمائي في إيران الباب واسعا أمام تساؤل رئيسي هو: ما مستقبل السينما المصرية خاصة والفن عموما ؟ بعدما تصدر الإسلاميون المشهد وأمسكوا بمفاصل الدولة, وكيف سيكون التعامل مع الفن والفنانون في ظل حكمهم؟ هل ستفرض قيود علي الفكر؟ وهل لديهم ما يؤهلهم لإعادة الزخم الفني للقاهرة هوليوود الشرق علي الرغم من المعروف عن التراث الإسلامي من تقليديته ومحافظته؟ حول هذا كله, وغيره الكثيرمن علامات الاستفهام آثرنا الغوص في قلب مجتمع الخاميني لعلنا نجد ضالة نهتدي بها لإعادة بناء وتطوير الفن المصري, وفي القلب منه' السينما' صاحبة الريادة الأولي في المنطقة. في البداية يقول الناقد الفني طارق الشناوي: السينما الإيرانية أضحت في الوقت الحالي فاكهة المهرجانات السينمائية العالمية علي الرغم من القيود المفروضة عليها فهي سينما محجبة بلا قبلات ولا عنف ولا حتي سلام بالأيدي بين الرجل والمرأة,ولكنها استطاعت عقد تصالح بين حرية السينما وبين القيود المفروضة عليها لتخرج بجنين جديد قادر علي أن ينمو وعلي أن يفرض نفسه وسط أقرانه. واستكمل الشناوي كلامه بأننا ربما نستطيع أن نأخذ من إيران عمق السينما التي ترتكن إلي التأمل, لكننا لا يمكن أن نختصر هذه السينما العظيمة في الحجاب والقيود ومطاردة المبدعين. ومن جهة أخري يكشف المخرج محمود قاسم عن السر وراء نجاح السينما الإيرانية الذي يكمن في الموهبة الفطرية الجادة للفنان الإيراني القادرة علي تحقيق أهدافها ورسالتها تحت أية ظروف, فعلي الرغم مما يفرضه الملالي علي السينما الإيرانية من قيود ورقابة صارمة, إلا أن الفنان الإيراني صمد واستطاع الهروب من شرنقة العقوبات وأطاح بكل التحذيرات عرض الحائط وهرب بالسينما الإيرانية في انطلاقة سريعة أهلتها للوقوف في مصاف أولي الدول سينمائيا. ويضيف قاسم: الوضع في مصر مختلف كثيرا فالسينما المصرية تحولت لسينما' أرزؤية', وحتي في حالة دخول التيار الإسلامي مجال الانتاج السينمائي لا يري محمود قاسم أنها ستغير كثيرا من الوضع الحالي بل علي العكس ربما تؤدي إلي مزيد من الاضمحلال لأنها- علي حد قوله- ستسعي إلي العمل بمقياس واحد هو انتصار الاخلاق والدين, وهذا ربما يصطدم كثيرا مع الرسالة السينمائية, التي تعكس بطبعها الواقع اليومي بكل ما يعانيه من مشكلات وسلبيات وكراهية وحيل وضغائن, فعلي سبيل المثال قام الإخوان بإنتاج مسرحية للرجال فقط لا يوجد بها امرأة واحدة, فهم في أول عمل لهم قاموا بتهميش نصف المجتمع وهذه البداية فالسينما في مصر تحتاج لمفكرين حقيقين غير منتميين لأي حزب أو فصيل بعينه, وهذه هي الضمانة الوحيدة لاستقلال الفكر والإبداع. أما الفنان عبد العزيز مخيون فيقول إن الثورة في إيران نجحت في توظيف تراث السينما الإيرانية لصالح المجتمع الإيراني بعد الثورة, وعلي الرغم من أن عمر السينما الإيرانية يقل عن عمر السينما المصرية بثماني سنوات إلا أن الأولي أحدثت طفرة عالمية مبنية علي الإتفاق الذي أبرم بين النظام والسينمائيين بحيث وضعت ثوابت معينة لايمكن للفنانين الخروج عليها مع إطلاق حريات الإبداع في حدود هذا الإطار, وهذا أراح الطرفين, فضلا عن تشجيع الحكومة لكل التجارب والمواهب السينمائية وإنشاء مراكز إبداع. ويؤكد مخيون قائلا إن آيات الله ورجال الدين لم ينظروا للسينما علي إنها رجس من عمل الشيطان ولم يعادوها بأي شكل كان,بل علي العكس استطاعوا تفهم واستيعاب دور الإبداع في توصيل رسالة للشعوب,ومن هنا كانت السينما الإيرانية التي استطاعت الوصول لكل أرجاء العالم واستطاعت حصد ما يزيد عن الألف جائزة عالمية منذ عام1980, وهذا رقم كبير جدا مثير للدهشة وموجب للتمعن, وأشار مخيون إلي ضرورة إطلاق حرية الإبداع في مصر مع التزام الفنانين بثوابت المجتمع فتلك هي المعادلة التي إذا تساوت معطياتها أدت للنتيجة المثالية المرجوة.