البيان الذي تنشره وزارة الخارجية المصرية علي موقعها في شبكة الانترنت كإرشادات للمصريين الراغبين في زيارة روسيا لا يستقيم مع وضعية هذه الوزارة ولا يليق بمثل هذه المؤسسة العريقة .. .. لا شكلا ولا مضمونا, فيما يكاد يكون من اسباب المشكلات التي تنال من صورة مصر والمصريين في موسكو بما يتضمنه من أخطاء لغوية ومطبعية ومعلوماتية. موسكو د. سامي عماره: هذا البيان إلي جانب خلوه من أي ارشادات موضوعية مفيدة تحذر من مغبة ارتكاب مغامرة السفر إلي موسكو غير المحسوبة, يتضمن عددا من المعلومات الخاطئة التي كانت وحتي تاريخ كتابة هذا المقال تستدعي التدخل بالتصحيح والإضافة: ولذا فقد تعمدت الأهرام طرح هذا الموضوع في صدارة حديثها مع السفير المصري الجديد محمود الديب الذي وصل الي موسكو في منتصف الشهر الماضي في اطار محاولة استيضاح ما تقوم به المؤسسات المصرية في الخارج لرعاية ومتابعة شئون المصريين في روسيا, ومعرفة ما يتوقع القيام به من اجل توثيق العلاقة بين المغتربين ومؤسسات الدولة في الداخل وما يمكن عمله لمعالجة ما يطرأ من مشكلات وسلبيات وتقديم كل اشكال الدعم الي المغتربين المصريين. استهل السيد السفير حديثه مع الاهرامبالاعتراف بعدالة الاشارة الي ما يتضمنه البيان من قصور. وقال إنه اصدر تعليماته بمراجعته وتصحيح ما ورد به من اخطاء. وقال نقلا عن سجلات السفارة إن أعداد المصريين المقيمين في روسيا نحو1500 منهم قرابة الخمسمائة في موسكو وحدها, وهي اعداد نعتقد انها تزيد عن الواقع بأضعاف كثيرة. وان الشئون القنصلية في السفارة في سبيلها الي مراجعة الارقام وتحديثها من اجل تدارك تبعات مشكلة القصور في عملية التسجيل. واوجز السفير محمود الديب ابرز المشكلات التي تواجهها السفارة والمصريون في تفاقم ما يسمي بالهجرة غير الشرعية. واشار الي ان روسيا صارت ملاذا للكثيرين من الشباب الذين يقصدونها اما بحثا عن العمل والإقامة او كنقطة عبور في اتجاه أوروبا الغربية عبر اراضي بيلاروس المجاورة. وهنا تذكرت الرئيس الكسندر لوكاشينكو رئيس بيلاروس الذي كان اثار مشكلة الهجرة غير الشرعية من روسيا الي بيلاروس في معرض لقائه مع نظيره الروسي بوتين منذ ايام كواحدة من اهم القضايا التي تكدر صفو العلاقات بين البلدين في الفترة الاخيرة. وكانت مصادر وزارة الداخلية البيلاروسية اعلنت عن اعتقال عدد من المصريين الذين قالت انهم كانوا في طريقهم الي بلدان الاتحاد الاوروبي للقيام بعمليات تخريبية. ونقلت وكالة انباء ايتار تاس عن مصادر شرطة العاصمة مينسك أن خمسة مصريين تسللوا الي اراضي بيلاروس بشكل غير شرعي في محاولة للانتقال الي بلدان الاتحاد الاوروبي وانهم يجيدون استعمال الاسلحة النارية والمتفجرات.وقالت إن التحقيقات المبدئية كشفت عن أن هؤلاء المصريين شاركوا في عمليات قتالية علي الأراضي المصرية وانهم كانوا ينوون التوجه الي دول الاتحاد الأوروبي لأهداف متطرفة. ونقلت عنهم اعترافاتهم التي قالت انهم اكدوا فيها انضمامهم إلي عدد من الحركات والمنظمات السرية التي تستهدف محاربة النظام السياسي والاجتماعي في الدول الأوروبية. وبغض النظر عن صحة هذه المعلومات ومدي مبالغة الاجهزة الامنية في تقديراتها للأمر فقد استطاعت السفارة المصرية في موسكو وبوصفها المسئولة ايضا عن تمثيل مصر في بيلاروس التوصل الي تسوية جزئية لهذه المشكلة. وبهذا الصدد قال السفير محمود الديب: إن عدد المصريين الذين تقوم السفارة بترحيلهم, ازداد بشكل ملحوظ ولا سيما بعد اندلاع الثورة الليبية وزيادة صعوبة السفر عبر اراضيها الي ايطاليا وبلدان الاتحاد الاوروبي. واضاف ان روسيا استقطبت بموقعها علي مقربة من هذه البلدان, الشباب المصري مشيرا الي ان الاعوام الماضية سجلت تزايد عدد هؤلاء الشباب, فيما يبلغ عدد الذين يتم ترحيلهم الي مصر في المتوسط50 شابا سنويا. وكشفت مصادر السفارة في موسكو عما يتداوله الشباب المصري من معلومات تقول إن هناك في مصر ما يسمي بمافيا التأشيرات التي تمارس ترويج الوهم من خلال بيع التأشيرات مقابل مبالغ تتراوح من خمسة آلاف حتي ثلاثين الف جنيه ومنها تاشيرات العمل وهي مسئولية تتحملها الاجهزة الأمنية المصرية والسفارة الروسية في القاهرة. وانتقل السفير محمود الديب, الي استعراض تبعات سقوط بعض المصريين في براثن الجريمة. وقال بوجود عدد منهم في سجون روسيا مشيرا الي ان احدهم يقضي عقوبة السجن لمدة عشر سنوات بتهمة القتل, الي جانب آخرين في الحبس الاحتياطي تحت ذمة التحقيق احدهما بتهمة قتل زوجته, والآخر بتهمة ارتكاب جريمة السرقة, فضلا عن متابعة التحقيقات التي تجريها المؤسسات الروسية والمتعلقة بعدد من الجرائم التي راح ضحيتها مصريون آخرون وابرزها قضية مقتل الراحل وسيم صلاح حسين التي كان وزير الخارجية المصرية محمد كامل عمرو اثارها خلال زيارته الاخيرة لموسكو مع نظيره الروسي سيرجي لافروف.. تلك هي الصورة نسوقها بايجاز, مجردة من اي رتوش, وإن تظل في حاجة الي المزيد من التفاصيل التي قد نعود اليها لاحقا من خلال حكايات الكثيرين ممن ساقهم حظهم العاثر الي شوارع موسكو واطلالها بحثا عن كسرة خبز او مكان دافئ في بلد لا يصدق الدموع ولا يتقافز فرحا وغبطة بالغرباء. اما عن عنوان الموضوع موسكو لا تصدق الدموع, نقول اننا استوحيناه من عنوان احد اشهر الافلام في تاريخ السينما الروسية والسوفيتية والحائز علي جائزة الأوسكار في مطلع ثمانينيات القرن الماضي, ويحكي قصة متاعب الغرباء ممن قصدوا موسكو بحثا عن مستقبل افضل.