تحتفل مصر سنويا في الخامس والعشرين من شهر أبريل بعيد تحرير سيناء, وفي هذا العام يكون قد مر ثمانية وعشرون عاما علي رفع العلم المصري في مدينة العريش, إشارة إلي.انسحاب آخر جندي إسرائيلي من سيناء الحبيبة. عندما نعود بالذاكرة إلي الحقبة الزمنية التي تلت انتصار أكتوبر73 نجد أنها شهدت أحداثا مهمة مهدت الطريق لجني ثمار نصر أكتوبر, والتي يمكن تقسيمها إلي فترات ثلاث. الفترة الأولي: منذ وقف إطلاق النار في22 أكتوبر1973 حتي انتهاء مباحثات الكيلو101 طريق القاهرةالسويس في17 يناير1974 فبعد نجاح القوات المصرية في عبور قناة السويس, واجتياز أصعب مانع مائي, واقتحام خط بارليف الشهير ونجاحها في تحقيق الهدف السياسي والعسكري والمتمثل في إزالة الجمود العسكري وتحرير الأراضي المحتلة, وقد تم تنفيذ هذه المهام كاملة وتحقيق نصر اعتبره العالم إعجازا عسكريا بكل المقاييس, ولم يكن أمام إسرائيل سواء التسلل ببعض قواتها غرب القناة في محاولة منها لإحراز أي تقدم لصالحها في سير الحرب أو الدعاية لنفسها وسرعان ما وجدت هذه القوات نفسها محاصرة بالقوات المصرية من الغرب والشرق وأجبرها موقفها السييء علي عدم الالتزام بقرارات وقف إطلاق النار الثلاثة أرقام340,339,338 والصادرة في أيام25,23,22 اكتوبر بالتتالي, ورغم ذلك رضخت إلي اتفاق فصل القوات في17 يناير1974 وسحبت كامل قواتها المتسللة غرب القناة قبل تدميرها بواسطة القوات المصرية التي كانت قد حاصرتها من خلال خطة عسكرية أطلق عليها الخطة شامل لإنهاء الوجود الإسرائيلي غرب القناة, ويمكن هنا تأكيد أمرين مهمين الأول هو نجاح القوات المصرية في احراز أول نصر عسكري في تاريخها المعاصر علي إسرائيل, الأمر الثاني فشل القوات الإسرائيلية في تحقيق أهدافها عندما اتخذت قراراها بالتسلل لغرب القناة. الفترة الثانية: منذ خطاب الرئيس الراحل السادات في9 نوفمبر1977 بمجلس الشعب حتي توقيع اتفاقية السلام في26 مارس1979 فلقد جاءت مبادرة الرئيس الراحل السادات حين أعلن عن استعداده لزيارة القدس, وبهدف إعادة تحريك جهود التسوية, وكشف إسرائيل أمام الرأي العام وقام بإلقاء خطابه الشهير في الكنيست الإسرائيلي في20 نوفمبر1977, والذي أوضح فيه موقف الشعب المصري من السلام, وضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة كافة بما في ذلك القدس العربية والاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه في العودة وإقامة دولته, وقد تلي ذلك مباحثات بين الجانبين وأسفرت عن توقيع معاهدة السلام في26 مارس1979 علي اساس انسحاب إسرائيل وإقامة علاقات سياسية بين البلدين وممارسة مصر سيادتها الكاملة علي سيناء خلال3 سنوات مع وضع خطة للتسوية لقطاع غزة والضفة الغربية علي مراحل, والجدير بالذكر هنا أن نوضح أن قرار تسوية القضية بالطرق السلمية بعد نصر أكتوبر وتحطيم الغرور الإسرائيلي أتاح للمفاوض المصري أن يكون في موقف قوي مع حرص القيادة المصرية أن تكون التسوية مع كامل أطراف النزاع يمثل ذلك تمسك مصر بدورها القومي في المنطقة العربية. الفترة الثالثة: تنفيذ اتفاقية السلام حتي رفع العلم المصري علي سيناء في25 ابريل1982, فبعد توقيع اتفاقية السلام كان علي مصر خوض مفاوضات مع إسرائيل عسكرية ومدنية منها خاص بالتطبيع, وأخري بشأن مفاوضات الحكم الذاتي للفلسطينيين إلي أن تم توقيع اتفاق25 ابريل, والذي اعتبر عيدا قوميا لتحرير سيناء تحتفل به مصر سنويا, وهنا يجب الإشارة إلي موقف الدول العربية من اتفاقية السلام, فبقدر ما أبدت تضامنا مع مصر في حرب أكتوبر بقدر ما أعلنت رفضها لاتفاقية السلام, وتمثل ذلك في المقاطعات السياسية والاقتصادية لمصر وتشجيع القوي المناهضة الداخلية للرئيس الراحل أنور السادات, ولكن مع تولي الرئيس مبارك مقاليد الحكم في أكتوبر1981 استطاع إنهاء هذه المقاطعة وعودة العلاقات المصرية العربية إلي مسارها الطبيعي. إن احتفالنا بعيد تحرير سيناء يعني لنا عودة كامل السيادة المصرية عليها, ويؤكد لنا أمورا ثلاثة أن ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة, وهذا كان نهج الرئيس الراحل عبد الناصر في فترة ما قبل الحرب, وأن ما يمكن تحقيقه بالطرق السلمية أفضل من تحقيقه بإراقة دماء أبناء الوطن, وهذا كان نهجا للرئيس الراحل السادات في فترة ما بعد الحرب, وأن احتفاظ مصر بدورها القومي في المنطقة العربية وحرصها علي حقوق الشعب الفلسطيني كان نهج الرئيس محمد حسني مبارك منذ توليه أمور الحكم ومازال كذلك ولتظل مصر قلب الأمة العربية النابض وفكرها المستنير.