لا أبالغ إذا قلت إن الانفلات الأمني مهدد لاستقرار النظام السياسي, وطارد للاستثمار, ومعوق خطير للسياحة التي تعد أهم شرايين الاقتصاد المصري. بل مؤثر سلبي خطير علي صورة مصر في الخارج, حيث يربط البعض بينه وانعدام القدرة علي السيطرة علي مجريات الأمور, وتحول جزء من المصريين إلي وحوش كاسرة يريدون فرض شريعة الغاب في القرن الحادي والعشرين! اللافت للنظر في جرائم ما بعد الثورة أنها أخذت طابعا جديدا, فأصبح يرتبط بها بشاعة وخسة ووضاعة وفحش ولا مبالاة وجرأة ووقاحة ما عهدنا بها في سلوك المصري من قبل. وأنا أتعجب من كثيرين عندما يطالب الناس بسرعة التصدي لجرائم البلطجة وإعطاء الشرطة حيزا أوسع ومجالا أرحب للتعاطي مع ظاهرة الإجرام, فأجدهم يتحدثون عن حقوق الإنسان. وأقول لهؤلاء: إن حق المجرم يتلاشي بمجرد أن رفع السلاح وروع الآمنين وقتل الأبرياء. والمجرم لا مكان له إذا ما قورن بحقوق الآخرين وحرياتهم. أي حق سوي المحاكمة السريعة العادلة والناجزة لمن قتل الطفولة وأزهق البراءة, أي حق لمن طاوعته نفسه الآثمة أن يدفن إنسانا حيا؟ أي حق لمن مارس مهنة القضاء فحكم بالإعدام علي أبرياء, بل ونفذ فيهم حكم الإعدام؟ أي حق لمن قست قلوبهم فصارت كالحجارة أو أشد قسوة, مع أن من الحجارة ما يتفجر منه الأنهار, ويشقق فيخرج منه الماء. وأعجب لمن يثيرون الخوف من التشدد. إذا جاء ذكر حكم الله في الإجرام والمجرمين إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم( المائدة/33). وأقول لمن يرتعدون إذا ورد ذكر الإسلام هل أنتم أعلم أم الله!! ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير( الملك/14), علي ضوء المعطيات السابقة أعتقد من الضروري, إعطاء جهاز الشرطة تحت ضوابط محددة مساحة أوسع ومجالا أرحب للتعامل مع ظاهرة الإجرام. ولست أستسيغ أن يسأل ضابط شرطة أصاب أو قتل مجرما هم بقتله, له سجل إجرامي تعدي العشرين أو الثلاثين جريمة, ولست أري أي مجال للتعاطف مع المجرم من أي من منظمات حقوق الإنسان.. أين حق المجتمع أولا؟ بالاضافة إلي إيجاد منظومة جديدة من التشريعات التي تحقق الحسم والحزم, وأظن أن التشريع الآن في يد الرئيس الدكتور محمد مرسي الذي يستطيع أن يصدر تشريعا جديدا يحقن به دماء المصريين الأبرياء! من ناحية أخري, من الواجب إنشاء دوائر قضائية خاصة لمحاكمة المجرمين تحقق السرعة والإنجاز, والراحة النفسية لذوي الضحايا وعائلاتهم. وأن تراعي وسائل الإعلام موضوعية التناول ومهنية المعالجة ومصلحة المجتمع, حيث لا مجال للمزايدة علي أمن الناس ومعايشهم وأرزاقهم, ولا مجال لأدني تعاطف مع مجرم عتيد عاث في الأرض فسادا. لقد آن الأوان أن تشجع وسائل الإعلام جهاز الأمن, وأن تثمن له جهوده, وأن تقدر له تضحياته, وأن يكون نقدها له موضوعيا حتي لا يصاب أفراده بالإحباط, خاصة أن مصر لم تعد تحتمل مزيدا من الدماء التي أسالها الإجرام.