عام 1957، أنشأت مدينة الملاهى الأمريكية الأشهر ديزنى لاند منزلا كاملا من البلاستيك، أطلقت عليه منزل المستقبل، وزار الملايين الابتكار الأعجوبة. بعد سنوات، أثبت العلم خطورة البلاستيك على صحة البشر، فأزالته ديزني، لكن وللمفارقة المحزنة، كان البلاستيك قد غزا كل منزل بصورة لم يقدر عليها أى منتج صناعى آخر. وفى دراسة علمية، قدر الباحثون إجمالى ما تم انتاجه من البلاستيك منذ الخمسينيات من القرن الماضى وحتى الآن ب 8٫3 مليار طن، 30% منها مازال قيد الاستخدام والباقى تم التخلص منه سواء بدفنه بنسبة 79% أو حرقه (12%) أو إعادة تصنيعه(9%). ولأن العالم فى وضعه الراهن، صناعة أمريكية بنسبة معتبرة، فإن قصة أمريكا مع البلاستيك أحد أكثر الجوانب السلبية التى يتعايش معها بقية البشر مسلوبى الإرادة. تولد الولاياتالمتحدة وحدها 34٫5 مليون طن من زبالة البلاستيك، يتم إعادة تصنيع 9% بالداخل، والباقى يذهب للخارج لإعادة تصنيعه، وهى تجارة يقبل عليها رجال أعمال وشركات يستوردون البلاستيك الملوث ببقايا الغذاء والقذارة، بأسعار بخسة ويكسبون المليارات بعد إعادة التدوير. وقد خرج من أمريكا 68 ألف حاوية محملة بزبالة البلاستيك العام الماضى فقط. حتى 2017، وكما تشير عدة تحقيقات استقصائية ممتازة للجارديان، كانت الصين من الدول المستوردة ثم توقفت بعد إدراكها خطورة الأمر لكن دولا مثل بنجلاديش وإثيوبيا والفلبين والسنغال وماليزيا، التى قالت وزيرة بيئتها: إننا أصبحنا مستودع نفايات بلاستيك العالم، مازالت تفتح صدورها لهذا القاتل الذى لا يرحم. ورغم أن الغرب، وأمريكا تحديدا، يشهد ثورة ضد البلاستيك ومطالبات بمنع استخدامه وظهرت بدائل أخرى له، فإن تصدير زبالة البلاستيك لا تتوقف، فأطرافها رابحون: الولاياتالمتحدة تتخلص من الزبالة ببيعها إلى العالم الثالث، وأصحاب المصانع يكدسون الثروات الهائلة. وإذا كان متوسط عمر الانسان حاليا حوالى 80 عاما، فإن عمر البلاستيك ما بين 400 إلى ألف سنة، أى أن زبالة الأغنياء خاصة الأمريكيين المعاد تدويرها بالعالم الثالث باقية لتقطف أعمار على الأقل 10 أجيال من مواطنيه المغلوبين على أمرهم. [email protected] لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام