تفاعل دائم وتناغم إلهى وتوافق يحقق للإنسان حالة من التوازن لكى يشعر دائما بالهدوء والرضا، وكل ذلك يعنى الصحة والعافية جسديا ونفسيا، فالعقل هو جهاز التفكير ومصدر الحكمة والحكم على الأمور فى اتخاذ القرارات وتحريك أسلوب الحياة فى الاتجاه الذى يحقق للفرد الوصول إلى غاياته وآماله وطموحاته الرشيدة الهادفة، أما القلب فهو نبع العاطفة ومصدر الانفعالات ومخزن العواطف التى تضفى على الإنسان شيئا من حلاوة التعبير وصدق الأحاسيس وجمال المشاعر، وفى القلب كل ألوان الشوق والحنين والحب والجفاء والضيق والقلق والهدوء والاسترخاء. والقلب هو أصل التوافق والألفة والمحبة بين الناس. وبين العقل والقلب خيط إلهى من التواصل والتناغم وهما أصل الحكمة مع اللين والرأفة وأصل الحزم والقرار والضبط والربط مع الهدوء والتروى ودفء المشاعر ونبض العواطف والثقة بالنفس دون خوف أو تردد، وبين العقل والقلب تواصل وتجاوب تام يجعل الفرد فى حالة من الانسجام والتوافق مع نفسه، وكلاهما يراعى حدود الآخر ولا يجور أحدهما على الآخر حيث إن العقل يكبح جماح العاطفة إذا حدث أى تجاوز فى التعبير عن المشاعر تجاه موقف معين، وأن القلب على الجانب الآخر يوقظ العقل من جفائه وغلظته إذا زادت قسوته بتأنيب الضمير أو بالإحساس بالندم لدرجة تعطيل الجهاز الفكرى بالعقل من إدارة شئون المواقف الحياتية الصعبة.. وهذا التوافق بين العقل والقلب هو سر الحياة فى عمق الضمير الإنساني، وتتجلى قدرة الله سبحانه وتعالى فى استقامة العلاقة بينهما، والحفاظ على قدر من السلام والوئام بينهما لكى تستقر أمور حياة الإنسان. طوبى لمن يستلهم حكمة الربط بين العقل والقلب ومن يستغل هذا التناغم بين دور كل منهما، ويعمل دائما على أن يكبت جماح فكره حتى لا يضل، وأن يوقف تدفق عواطفه حتى لا يندم، وأن يوفق بين الاثنين حتى يعيش فى سلام وأمان د. يسرى عبد المحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة