المقارنة بين محمد مرسي العياط، الرئيس المصري المعزول، والمرأة الحديدية، مارجريت ثاتشر، عقدها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منذ ست سنوات تقريبًا، أي قبل أن يدخل البيت الأبيض، حين انتقد غياب الرئيس السابق باراك أوباما ونائبه جو بايدن ووزير خارجيته جون كيري، عن جنازة أشهر وأقوى وأول رئيسة وزراء في بريطانيا. ثاتشر، تولت رئاسة الحكومة البريطانية بين عامي 1979 و1990، وتوفيت في 8 أبريل 2013 إثر إصابتها بسكتة دماغية، عن عمر ناهز 87 عامًا. وأقيمت لها جنازة، رسمية وشعبية، كانت هي الأكبر لسياسي بريطاني منذ جنازة وينستون تشرشل سنة 1965، شارك فيها رئيسان و11 رئيس وزراء و17 وزير خارجية، لم يكن بينهم أوباما أو بايدن أو كيري، فكتب ترامب، الذي كان وقتها مواطنًا عاديًا، تغريدة في حسابه على تويتر وصف فيها عدم حضور الثلاثة بأنه أمر فظيع، متوقعًا أن يهرولوا جميعًا لحضور جنازة (مرسي جماعة الإخوان المسلمين)!. ست سنوات وشهور، مرت على هذا التوقع أو تلك النبوءة، جرت خلالها في نهر السياسة الدولية مياه كثيرة، أبرزها قيام المصريين في 30 يونيو 2013 بكنس جماعة الإخوان، وإطاحة الأمريكيين بعصابة الديمقراطيين في انتخابات 2016 الرئاسية. وحين مات محمد مرسي العياط، خلال حضوره إحدى جلسات محاكمته في قضية تخابر، غاب أوباما عن تويتر، تمامًا، وعاد في اليوم التالي لينصح متابعيه بقراءة تقرير عنوانه «أفضل المدارس لن تصلح أمريكا» نشرته مجلة أتلانتك. والشيء نفسه، فعله زعماء عصابة الديمقراطيين، الذين لعبوا مع تنظيم الإخوان، وغيره من التنظيمات الإرهابية، أسوأ لعبة شهدتها المنطقة. وعليه، ولدى سؤالها عن تعليق إدارة ترامب، على خبر وفاة المذكور، لم تجد مورجان أورتاجوس، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، ما ترد به غير: عرفنا الخبر من تقارير إعلامية. وليس لدينا تعليق. المياه التي جرت في نهر السياسة الدولية، قد تجعلك تعتقد أن توقعات ترامب خابت، لكنك لو تأملت قليلًا ستكتشف أنها خابت شكلًا، وأصابت موضوعًا. ليس بشأن عصابة الديمقراطيين في الولاياتالمتحدة فقط، بل أيضًا بشأن نظرائهم داخل بريطانيا نفسها. بدليل أن المرأة الحديدية، تعرضت لسلسلة من الأزمات الصحية أجبرتها على عدم المشاركة في الأنشطة السياسية والاجتماعية، قبل وفاتها بأكثر من عشر سنوات. ومع ذلك، لم تهتم وسائل الإعلام البريطانية بأخبارها بعد استقالتها، كما اهتمت بأخبار مرسي العياط بعد عزله. ولم تقم لجنة برلمانية بزيارتها أو أصدار تقرير عن حالتها الصحية، كما فعلت تلك اللجنة التي طلبت زيارة العياط في سجنه، وحين لم تتلق ردًا من السلطات المصرية، أصدرت تقريرًا عن حالته الصحية في 53 صفحة، جمعت فيه كل الشائعات التي أطلقتها جماعة الإخوان ومنظمات تحت مستوى الشبهات. كما يمكنك أيضًا أن تقارن ردود الأفعال التي يحدثها أي كلام فارغ يكتبه أحد أبناء العياط، بتلك التي أحدثها ما كتبته كارول ثاتشر، عن أمها، ونشرته جريدة ميل أون صنداي على حلقات. الثابت هو أن جماعة الإخوان أسستها المخابرات البريطانية، أو على الأقل، تأسست بدعم من بريطانيا وتحت رعايتها. والثابت، أيضًا، هو أن سيطرة المال الفاسد على السياسة والإعلام هناك، جعل عددًا كبيرًا ممّن يتصدرون المشهدين السياسي والإعلامي، غير معنيين بتقديم إجابات عن الأسئلة التي يطرحها الشعب بشأن البطالة، التعليم، الصحة، التنمية، والعلاقات الدولية، واقتصر دورهم علي إثارة قضايا أو طرح مضامين مدفوعة الثمن. وعادة، أو غالبًا، تتولى تحريك هؤلاء أجهزة مخابرات، بشكل مباشر أو عبر وسطاء. وبهذا الشكل، أو وفق تلك المعادلة، يمكنك التعامل مع الجنازات الحارة التي أقامتها وسائل إعلام بريطانية عديدة، والتي لا تتناسب إطلاقًا مع وفاة قيادي بتنظيم إرهابي دولي. وكذا، ردود الأفعال الشبيهة، في دول أخرى، والتي تجعلك تعتقد، أن المذكور كان يحمل جنسياتها!. طبيعي أن يتشنج الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فمحمد مرسي كما وصفه هو أخوه، كما كان متوقعًا، بالطبع، أن يقوم المدعو إسماعيل هنية، المسئول عن فرع الإخوان في غزة، بتقديم واجب العزاء في زميله، عبر بيان وخطاب واتصال تليفوني بأسرته. ولا جديد، أيضًا، في موقف ذلك الفتى الذي يحكم قطر بالوكالة. أما ما يثير الدهشة، وربما السخرية، فهي مواقف دول وكائنات، كتلك الملكة السابقة، البائسة التي وصفت المذكور بأنه الرئيس المصري الأول والوحيد المنتخب ديمقراطيًا. أو إيران التي زعمت خارجيتها، في بيان، أن الإطاحة بالمتوفى تمت بدعم سعودي، إماراتي، وأمريكي!. ..ولا يبقى غير الإشارة إلى أن ميريل ستريب، لعبت دور المرأة الحديدية، في فيلم بالعنوان نفسه، حصلت عنه على ثالث أوسكار، أفضل ممثلة. ومع الفارق، نتمنى أن نرى فيلمًا شبيهًا، يليق بقيادي في تنظيم إرهابي دولي، تسبب في قتل آلاف الأبرياء، وقال حكم قضائي، نهائي وبات، إنه خان وطنه وتخابر لصالح دولة معادية، وعوقب عن تلك الجريمة، وغيرها، بالسجن لمدة 45 سنة. وكان ينتظر حكمًا بالإعدام عن جريمة تخابر أخرى. لمزيد من مقالات ماجد حبته