إذا كان لمصر دفتر أحوال يدون بصدق، لا يقبل ريبا، أحوالها وتاريخها ونضالها، فهو بالتأكيد دفتر «الشهادة» الكبير، الذى يحفظ أسماء شهدائها عبر تاريخها الطويل حتى لحظتها الراهنة، سواء فى حروبها ضد الأعداء، أو فى مواجهتها للإرهاب الظلامي، الذى يعمل بالوكالة، من أجل هدم الدولة. إن دفتر أحوال شهداء مصر يجب أن يكون كتابها الأول، الذى تأخذه بيمينها، وتفتحه حتى يطالعه الجميع، وحتى تعرف الأجيال الجديدة ما يجب أن تعرفه بالضرورة عن هؤلاء الرجال الشهداء، الذين ضحوا بأرواحهم من أجل وطن محرر ومستقل وآمن ومستقر. شهداء مصر هم عقدها الفريد النفيس، الذى يطوق أعناقنا جميعا، وتتدلى منه على صدورنا قلادة الوطنية الحقة، المصنوعة من الذهب الخالص، والمرصعة بالأحجار الكريمة، والمخضبة بالدماء الزكية. أومن بيقين أن الشهداء لا يموتون، ولا يرحلون عن الحياة، فهم أحياء عند ربهم يرزقون، يطلون علينا بوجوههم المبتسمة المشرقة، ويوقدون شعلة الانتماء والحب للوطن، وهى شعلة ملهمة لكل الأجيال، لا تنطفئ أبدا. لم تقدس مصر شيئا مثل الشهداء، وأحسب إذا كان هناك ما ينبغى أن تفعله من أجلهم، بجانب اهتمامها بأسرهم وأبنائهم، هو أن تقيم صرحا معماريا عظيما فى قلب العاصمة، تكتب عليه أسماءهم وتسجل بطولاتهم، يذهب اليه المصريون، ويحفظ لهم ذاكرتهم الوطنية من الضياع.
◘ فى الختام.. يقول محمود درويش: «عندما يذهب الشهداء إلى النوم أصحو، وأحرسهم من هواء الرثاء، أقول لهم تصبحون على وطن، من سحاب وشجرة، من سراب وماء».