هنالك من يعتبرون أنفسهم مسلمين معتدلين وأنهم ملتزمون بالأساليب السلمية، لمجرد أنهم يرفضون فى خطابهم رفع السلاح، الذى يرونه الشكل الوحيد لممارسة العنف، ولا يشعرون أنهم يقترفون أى عنف، أو أنهم يأتون أى تناقض، عندما يصرون على فرض تأويلاتهم الدينية على أصحاب الديانات الأخرى من مواطنيهم، وعلى الأجانب الآتين إلى بلادهم، خاصة فى الملبس، وبالذات على المرأة! ومنطقهم مع مواطنيهم أن الأقلية يجب أن ترضخ للأغلبية، فى تناقض مع مطالبتهم بالمساواة التامة للمسلمين الأقليات فى مجتمعات أخرى! وأما الأجانب فهم ضيوف عليهم أن يلتزموا بتقاليد وعادات البلد الذى يستضيفهم! ثم إذا بهم عندما يذهبون بأنفسهم إلى بلاد الأجانب يصرون هناك على الالتزام بتقاليدهم هم ويرفضون أى تحفظات من أصحاب البلاد، حتى إذا كانت لأسباب أمنية لا تمس طبيعة سلوكهم، وهذه المرة ينسون منطقهم عن وجوب أن يرضخ الضيوف للتقاليد السائدة، ويعتمدون فى رفضهم على أنها خصوصياتنا وأنها يجب أن تُحتَرَم! بل لقد وصل الأمر فى السنوات الأخيرة إلى أن يتعرض بعض هؤلاء فى هذه البلاد البعيدة لمواطنات هذه البلاد، فى الطريق وفى الحدائق وفى وسائل المواصلات العامة، وينتقدونهن على ملابسهن التى يقولون إنها خليعة، وأحياناً يكون النقد بلغة خشنة وبلهجة عدوانية! ومنطقهم هذه المرة أنهم مأمورون بنشر مكارم الأخلاق!! وهكذا، لا يرى هؤلاء إلا أنفسهم ولا يعتدون بالآخرين، دون أدنى إدراك لأن ما يفعلونه هو نوع من العنف لا تقبله المجتمعات الحديثة! ودع عنك ما يصعب عليهم تصوره فى أن هذا انتهاك لخصوصية الناس واقتحام الدوائر الضيقة اللصيقة بكل فرد والتى تحترمها قوانين وتقاليد المجتمعات الحديثة. ما يزيد المشكلة تعقيداً، أن بالغرب مجموعات شبيهة متطرفة، إما على أسس دينية مسيحية أو عنصرية، وأن هؤلاء يجدون حججاً تدعم تطرفهم من هذا السلوك، ومن السهل استخدامه لتخويف الناس من استقبال المهاجرين الجدد، وفى وجوب التخلص ممن صار لإقاماتهم وضعية قانونية من سنوات سابقة قبل هذه الظواهر. وأما تبعات العمليات الإرهابية الدامية فهى شئ آخر! لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب