يونيو قد يعنى عند البعض الهزيمة، ولكنه عند رجال القوات المسلحة كان بداية زرع بذور نصر أكتوبر 1973.. هذا ما يقوله صديقى الكاتب الصحفى ابن مجلة (آخر ساعة) محمد على السيد، الذى يجيد فنون الحكى والسرد فى رواياته وكتبه وموضوعاته الشيقة فى المجلة العريقة. وما سرده فى كتابه الرائع حكايات من حرب الاستنزاف يستحق التسجيل فعلا، فهذه الحرب لا يعرف عنها شباب اليوم سوى النّزْر القليل وربما يجهل هذا النّزْر، فكل ما يعرفه الشباب هو حرب اكتوبر باعتبارها رمزا للنصر، فى حين أن حرب الاستنزاف وحكايات الراوى صديقى تعد الشرارة الأولى فعلا لتحقيق نصر أكتوبر المجيد. يتميز محمد على السيد عن غيره ممن عملوا محررين عسكريين بقدرته الفائقة على إجراء مقابلات صحفية كثيرة وحفظها فى ذاكرته ليعيد نشرها فى وقت لاحق لتكون مرجعا لنا عن بطولات الجيش المصرى فى هذه الحرب التى أجهدت الجيش الإسرائيلى حتى طلب وقف إطلاق النار..ويبدو أن السيد قد خطر على باله وهو لا يزال طفلا أنه سيكون صحفيا، فدون معظم أحداث حياته طفلا وشابا وطالبا ثم صحفيا لنعرف منها لاحقا تاريخ مصر فى حقبة مهمة من تاريخها. لقد فهمت هذا من أول حكاية له بالكتاب بعنوان أنا وولاد الأرض..الغنوة دى سلاحي، حيث يعود الكاتب الى عصارى أحد أيام صيف يوليو 68، ليقف أمام بيت أبناء عمه فى شارع زين العابدين فى قلب حى الأربعين الشعبى بالسويس، ليسرد حكاية رائعة عن ظروف السويس فى تلك الفترة العصيبة وينقل لنا متاعب سكانها الذى هاجروا الى مدن أخرى ومنهم عائلته التى عادت الى بلدها الأصلى فى جرجا بالصعيد. ولم ينس السيد وهو ينقل لنا حكايات أبطال حرب الاستنزاف أن ينقل لنا شعوره وهو طالب بالسنة الأولى الإعدادى عندما شاهد الكابتن غزالى لأول مرة أحد قادة المقاومة الشعبية بالسويس ومؤسس فرقة ولاد الأرض التى شدت بأغانى وطنية رائعة لرفع الروح المعنوية. ويقول غزالى بصوته الأجش وفرقته تضرب بالطبلة ومعلقتين مقلوبتين: إحنا ولاد الأرض ولاد مصر العظيمة..تارنا هناخده بحرب للنصر غناوينا..شباب ثوار مانسيبش التار..إحنا ولاد الأرض. وللموضوع بقية.. لمزيد من مقالات محمد أمين المصرى