توالت الأيام وانقضى شهر رمضان بطقوسه وعباداته ومناسكه، وعقبه العيد بفرحته وبهجته، ولكن هل فرحنا برمضان لأنه شهر التوبة والغفران والرحمة ومراجعة النفس؟ هل علينا أن نفرح بالعيد لمجرد أن الموروث الشعبى الذى تربينا عليه أن العيد فرحة! أم لأننا سوف ننتهى من الصوم ويحق لنا أن نأكل كل ما لذ وطاب فى أى وقت بلا قيود!. الحقيقة أن هذا الشهر الكريم تحول لعادة ملزمة ربما فرغت من مضمونها، وكان الأجدى بنا أن نعتبره ميزانية لتقفيل السنة لنراجع ونحاسب ونقيم أنفسنا ثم نحدد كم أصبح رصيدنا من الخير، ولو صح التعبير فهو أوكازيون لأنه بوسعنا أن نمتلك أكبر عدد من الحسنات مضاعفة، لكن السواد الأعظم من الناس تعامل مع هذا الشهر على انه عبادة مفروضة ومرهقة ماديا ومعنويا وعليهم أن يتظاهروا بالقبول والخشوع حفاظا على ماء الوجه، وحين يأتى العيد تنتشى أساريرهم وترافقهم فى أحلامهم فرخة مشوية فى صباح العيد؟ فهل فكر البعض ما هو حال المسكين الذى لا يملك أن يحلم بهذه الفرخة طيلة العام وكل ما نفعله أن نتصعب على حاله وربما تصدقنا عليه مرة!. ويمكننى أن أعرض عليكم روشتة ربما تكون مجدية لإستقبال مرحلة ما بعد الصيام، وقد تصل بكم الى حالة من الرضا المنشود عن النفس.. يمكن لكل انسان أن يحرص على أن يقوم فى كل يوم بأداء عملين من الأعمال التى يستثقلها عادة، وفى الوقت نفسه يقوم بأداء خدمة نافعة لأحد الناس، دون أى إعلان عنها، ثم يجعل نصب عينيه طول يومه الصبر على ما قد يؤذيه، فى محاولة جادة لأن يقابل كل إساءة بالصفح والغفران وتذكر أنك يوما ما ستقف بمفردك أمام الخالق عزوجل وستطلب منه المغفرة والرحمة! ثم عليه أن يعيش يومه وأن يعالج كل مشكلة تقابله على حدة، فلا تضع كل مشكلاتك فى سلة واحدة حتى يسهل عليك حلها، وأن تؤمن أن سعادتك رهن بعزيمتك الصادقة وليست وليدة الظروف المحيطة، فالسعادة لا تمنح، فباستطاعة أى إنسان أن يكون سعيدا وفقا لمعطياته الخاصة مهما كانت بسيطة، وعليه أن يحرص على تعلم شيء جديد ومفيد كل يوم، وأن يتدرب على التفكير العميق، ويرسم لنفسه برنامجا ينفذه فى غير عجلة ولا تردد، وفوق كل هذا لبدنك عليك حق وعليك أن تعطى بدنك حقه من الراحة والاستجمام وتخصص نصف ساعة على الأقل للاسترخاء والهدوء والتأمل فى حقائق الكون، وتذكر وسط كل ما سبق أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، محافظا على مظهرك قدر المستطاع، ولا تتدخل فيما لا يعنيك متحكما فى شهوة فضولك بشأن شئون الغير، وأخيرا ثق بنفسك واعلم انك أفضل من يقيمها ومادام ضميرك راضيا فأنت على ما يرام. اشتغل على ضميرك بالخير .. غذى مشاعرك بالمحبة .. وتوكل على الله لمزيد من مقالات د. هبة عبدالعزيز