شهرة الكثير من الطهاة تفوق نجوم الفن والرياضة، لكن شهرتها من نوع خاص. فهى حفرت اسمها فى التاريخ وأصبحت رائدة وأسطورة لا تقبل المنافسة لأنها أول من أدخل روح الابتكار والتطور والشغف الدائم بما تقدمه. إنها «جوليا تشايلد» الطاهية والمؤلفة الأمريكية، التى نجحت فى تعريف الشعب الأمريكى بالمطبخ الفرنسي، لتصبح واحدة من أعظم نجوم التليفزيون من فترة الستينيات وحتى الآن. ولدت تشايلد فى ولاية كاليفورنيا عام 1912 وتوفيت عام 2004 لأسرة راقية ميسورة الحال. تخرجت من إحدى جامعات نيويورك قبل عملها فى مجال الإعلانات، ثم انضمت للمخابرات الأمريكية فى فترة الحرب العالمية الثانية عندما التقت برفيق العمر وصديقها الأول وزوجها فيما بعد الدبلوماسى «بول كاشينج تشايلد». وخلال مدة خدمة زوجها ل6 سنوات فى باريس، التحقت بمدرسة للطهو. ومن هنا ظهر حبها لفنون الطهو، حيث تلقت دروسا خصوصية على يد مجموعة من الخبراء، ثم أنشأت مدرسة لتعليم الطهو عام 1951 وكتبت لاحقا كتاب الطبخ الأكثر مبيعا آنذاك «اتقان فن الطبخ الفرنسي» على مجلدين فى 1961 و1970. وتم عرض برنامجها«الشيف الفرنسي» لأول مرة فى عام 1962 فى تليفزيون بوسطن المحلي. واستمر العرض الشهير على الهواء لمدة 206 حلقات. ويعود لها الفضل فى إحداث ثورة فى المطبخ الأمريكى وإقناع الرأى العام بمحاولة طهو الطعام الفرنسى فى المنزل بأسلوب بسيط وميسر. ومع روح الفكاهة والحماسة والتواضع وصوتها المتميز، أصبحت جوليا نجمة غير مسبوقة. وأعطت الفرصة للعديد من الطهاة الخبراء أو المبتدئين للظهورمعها لتقديم إضافاتهم ليصبح الطبخ على يدها فنا ممتعا وليس واجبا مخيفا. وعلى الرغم من أنها غالباً ما كانت ترتكب أخطاء أثناء الطهو، إلا أنها ظلت غير قابلة للمنافسة، وشجعت المشاهدين على قبول الخطأ واستمرار شغفهم بالطهو لتنهى كل عرض بالجملة الفرنسية الشهيرة«شهية طيبة»(بون أبوتي). وقدمت بعد ذلك العديد من البرامج التليفزيونية سواء بمفردها أو مع طهاة آخرين، حتى نهاية التسعينيات. كما ألفت كتابين آخرين. وعندما تم نشر سيرتها الذاتية عام 2006، استغلت المخرجة «نورا إيفرون» جزءا منه لتقدم فيلمها الرائع عام 2009 «جولى وجوليا» من بطولة النجمة ميريل ستريب، وبالطبع حصلت جوليا على العديد من الجوائز خلال مسيرتها ، بما فى ذلك جائزة إيمى لعملها التليفزيونى وجائزة الكتاب الوطني. وتم تعيينها فى فيلق الشرف الفرنسى وحصلت على وسام الحرية الرئاسي. ومازال يتم عرض جزء من مطبخها باعتباره تراثا أمريكيا فى متحف التاريخ الوطنى فى واشنطن كما تحول منزلها الصيفى فى فرنسا إلى مدرسة كبرى للطهو.