إعجابى بأسلوب عالمنا الجليل حسام موافى أستاذ الأوعية الدموية وطب الحالات الحرجة، دفعنى للمطالبة بأن نختار خطباء الجمعة من هذا الصنف من العلماء الذى يبسط سماحة الدين للناس، واليوم تضاعف إعجابى ببراعته كمقدم برامج وإعلامى يحول المعلومات الطبية عن السمنة وضغط الدم والسكر والشرايين إلى دعم صحى يصل لمستحقيه مجانا فى البيوت!. فى آخر دروس رمضان من برنامجه «رب زدنى علما» أثنى على من علموه مثل الدكتور جلال السعيد و الدكتور شريف مختار، وفرق بين نوعين من التعليم، الأول.. يجعل الطالب يفتكر.. أى قائم على الغش والتلقين والحفظ وإفراغ الدروس بعبلها فى ورقة الإجابة، أما النوع الثاني..فهو الذى يجعل الطالب يفكر أى يستلهم ما تعلمه فى الإبداع القائم على فهمه ووعيه ورؤيته للمستقبل، وهذه المقارنة بين النوعين تظهر فى كل أساليب حياتنا، حتى فى كرة القدم هناك الحافظ الذى يجتر عقد الماضى وهناك المبدع الفاهم للعصر!. وببساطة.. يمكن تطبيق نظرية حسام موافى على المقارنة بين فضيحة مباراة نهائى بطولة أندية إفريقيا فى رادس بتونس ونهائى العرس الأوروبى للأندية فى ملعب المتروبوليتان بمدريد، الفارق بين البطولتين زمنيا 24 ساعة، لكن الفارق الحضارى عشرات السنين من الإبداع! الأولي.. تعبرعن عالم يشبه الطالب البليد الذى يفتكرعقد الماضى ويجتر موروثاته البالية.. فحول اللعبة الشعبية الأولى إلى حرب ورشاوى وعمولات وصراع قبائل!. أما الثانية.. فتعبر عن سياسات حكومات رشيدة تشبه الطالب الذى يفكر ويبدع مستلهما دروس الماضى ومتطلبات الحاضر وضمان التفوق فى المستقبل، فحولت لعبة الكرة إلى صناعة للبهجة وتجارة فى التواصل الإنسانى والروح الرياضية بين الشعوب والحضارات!. فماذا جرى فى المشهدين؟!. فى مدينة رادس بتونس, بدأت حرب النهائى بين الترجى والوداد البيضاوى المغربي، لبطولة دورى الأبطال فى العاشرة مساء الجمعة الماضى بتوقيت القاهرة، وبعد شماريخ البداية وحرب الزجاجات الفارغة لبث الرعب فى قلوب المنافسين انطلقت المباراة رغم أنف السلام الوطنى للبلدين، واستمرت لمدة ساعة تحت ساتر من الدخان الكثيف، حتى ألغى حكم المباراة الجامبى باكارى جاساما هدف التعادل للوداد البيضاوي، فطالبه اللاعبون بالاحتكام إلى تقنية الفار، فقال لهم الحكم إن الفار عطلان اليوم، فاحتج لاعبو الوداد وحدثت مناوشات بين الفريقين وتعطل اللعب ساعة ونصف الساعة، نزل رئيس الاتحاد الإفريقى أحمد أحمد الملعب واستدعى عقلاء الناديين فتحول العقلاء إلى مجانين تحكمهم عقد المنافسة القبلية، وجرت مشادات بين رئيسى الناديين لم يفهم أى منهما بأن الكرة روح رياضية فيها خاسر وفائز، وليست حرب قبائل، وبعد اتهامات بالرشاوى وبيع الذمم قرر رئيس الاتحاد الإفريقى استئناف اللعب فى الساعات الاولى من فجر السبت بعد إصلاح الفار، فوجد بعثة الرجاء فى طريق العودة للرباط، فتم تطليق الأميرة الإفريقية من زوجها الشرعى أبو العلا وتزويجها عنوة لمن يدفع على طريقة سعاد حسنى فى الزوجة الثانية، وما زالت الفضائح والاتهامات تتفاعل فى المحكمة الرياضية الدولية، حتى يتم الخلع لصالح الوداد أو تحرير قسيمة الزواج الرسمى من الترجى للعام الثانى على التوالي، والطريف أن الفار الذى طالب الوداد بالاحتكام اليه ألغى لهم هدفا صحيحا فى مباراة الذهاب على أرضهم وبسبب الاستجابة له تم وقف الحكم المصرى جهاد جريشة!. أما ماجرى فى مدينة مدريد فهو نموذج للمنافسة بين طلاب مبدعين، ففى تمام التاسعة بتوقيت نجريج, مسقط رأس محمد صلاح, السابعة بتوقيت بج بن انطلق مهرجان كأس الأندية الأبطال بين ليفربول وتوتنهام، فتحول الملعب إلى مسرح عالمى للبهجة الكروية، بدأ المهرجان بنزول اللاعبين أرض الملعب يصحب كل منهم طفلا من ناشئ الكرة، وبعد دقيقة حداد على روح اللاعب الإسبانى أنطونيو رايس الذى مات فى حادث سير، عزف السلام البريطاني، وبعده أعطت فرقة «ميجن دراجونز» الأمريكية الشهيرة لموسيقى الروك إشارة بدء المباراة التى أدارها حكم سلوفيني، لم يخرج خلالها أى كارت أصفر لأى لاعب، وبعد انتهاء المباراة بفوز ليفربول تبادل المدربان المتنافسان التهاني، وتعانق لاعبو الفريقين واصطف لاعبو ليفربول لتحية لاعبى توتنهام أثناء صعودهم لتسلم الميداليات الفضية، ثم بدأت مراسم البهجة بمشاهدة حفر اسم ليفربول 2019 على قاعدة أعظم الكؤوس الأوروبية التى سموها الأميرة ذات الأذنين، ثم بدأ مهرجان زفاف الأميرة الشرعى إلى ليفربول الذى استعرضت فيه الحضارة الأوروبية عضلاتها فى احتلال قلوب البشر فى أنحاء المعمورة!. وفى النهاية أتمنى أن يأتى تنظيم مصر بطولة أمم إفريقيا نموذجا لأداء الطالب المبدع الذى يستلهم حضارة الأجداد وروح العصر كما ظهر فى حفل القرعة وتتجنب المحاولات القبلية لافساد العرس حتى تليق المنافسة الكروية بمستقبل التعايش بين شعوب القارة ويصير تنظيم البطولة عرسا للأميرة السمراء!. لمزيد من مقالات ◀ أنور عبد اللطيف