فى إطار التوتر والتصاعد الحادث فى منطقة الخليج، بين إيران من جهة والولاياتالمتحدة ومعظم دول مجلس التعاون الخليجى وخاصة السعودية والإمارات من جهة اخرى، تزيد الولاياتالمتحدة من تراكم قواتها وخاصة الجوية والبحرية، بينما تزيد إيران من نغمة التهديد والوعيد مع إضافة لمسة تصويرية ضبابية، مثل (سوف نرسل سفنكم بكامل اطقمها الى قاع الخليج بإستخدام صواريخنا، او احد اسلحتنا السرية الجديدة !). مع تكرار التهديد بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجى، والذى يتم التهديد بإغلاقه من اكثر من عقدين من الزمان، وخاصة عندما يزداد التوتر بينها وبين الولاياتالمتحدة او حلفائها الفاعلين فى المنطقة كبريطانيا وفرنسا وحلف الاطلنطى.. وهنا سنعرض الدوافع والتوجهات المحتملة لكل جانب للتصعيد والتهديد.وكذلك مطالبه فى حالة التباحث لإيجاد حلول سياسية.. أولا: الدوافع والتوجهات الامريكية: ان إيران لم تلتزم التزاما كاملا باتفاق 5+1 الموقع عام 2015 وأن الاتفاق يحتاج الى تعديلات جوهرية ليشمل فرض قيد على تطوير ترسانة إيران الصاروخية بصفتها وسيلة الحمل للرؤوس النووية، فى إشارة سالبة الى إدارة اوباما الديمقراطية السابقة التى اغفلت ذلك فى الاتفاق. وعدم الارتياح للإشراف الروسى على اليورانيوم المخصب والماء الثقيل. إظهار إمكانية الدعم العسكرى الضخم لدول الخليج فى إطار التحالف الإستراتيجى بين الطرفين منذ تحرير الكويت 1991. زيادة مبيعات نظم التسلح المتقدمة لدول الخليج، مع صفقة إضافية حالية تبلغ 8 مليارات دولار الى كل من السعودية والإمارات. محاولة ترامب لإظهارالولاياتالمتحدة بانها استعادت مكانها تحت رئاسته، كقوة عظمى آمرة بما يرضى غرور الشارع الامريكى، ويدعم ترشحه لفترة رئاسية ثانية. التغطية على شبح النتائج المحتملة للجنة تحقيق مولر، التى تم تقديمها مؤخرا للنائب العام، والتى قد تدين ترامب وبعض كبار معاونيه خلال حملته الإنتخابية بالتعامل مع روسيا، بما قد يعتبره البعض انه يمس الامن القومى الامريكى، مما يضعف فرص ترشحه الرئاسية المقبلة، أوقد يضطره لمغادرة البيت الابيض قبل ذلك (تلك مقالة اخرى). رغم ضآلة فرصة نشوب حرب بين امريكاوإيران، إلا انه فى حالة التهور الإيرانى غير المحسوب، فستكون فرصة لتجربة الاسلحة الامريكية الجديدة فائقة التكنولوجيا والتى لم تستخدم على نطاق واسع، وخاصة تكنولوجيا الليزر لاعتراض وتدمير الصواريخ.. ثانيا: الدوافع والتوجهات الإيرانية : إظهار عدم تخوفها, ظاهريا, من التلويح الامريكى بالقوة وانها قادرة على المواجهة، وأنها ليست عراق صدام حسين. انها ملتزمة بإتفاق 5+1 ولو كانت غير ذلك لانسحب باقى الخمسة، ولكن استمرارهم بمن فيهم حلفاء امريكا الاوروبيون،يدعم الموقف الإيرانى. أن امريكا تريد توسيع دائرة العقوبات الإقتصادية ضدها، بزيادة عدد الدول التى ستمتنع عن استيراد البترول الإيرانى مستقبلا. انها تمتلك اكبر قوة صاروخية فى المنطقة ومتدرجة المدى 300- 500- 1150كم بما يغطى كل دول الخليج مع كثافة كبيرة ضد عمق الساحل العربى الذى يحوى معظم الثروة النفطية والسكانية ايضا، وحتى لو تم اعتراض معظمها فإن ما ينفذ كاف للتدمير. انها تملك قوة بحرية متفوقة بالمقارنة بالدول الخليجية وخاصة الغواصات- 30 مقابل صفر- بالإضافة لعدد ضخم من الطائرات بدون طيار كقوة تفجيرية بعيدة المدى يصعب اعتراضها. امتصاص غضب الشارع الإيرانى لتدنى مستوى المعيشة وإنتشار الفقر،لتعديل توجهه للالتفاف حول قيادته فى حربها ضد (الشيطان). ترى ان التصعيد ولهجة التهديد ربما تؤدى فى النهاية الى موافقة ترامب على الجلوس والتباحث مع القيادة الإيرانية، ولما لا، وقد فعلها مع النظام الكورى الشمالى الاكثر تشددا وتطرفا. إسرائيل: تراقب الموقف وتتمنى ان يحدث صدام مسلح بين الطرفين لتستغله فى مهاجمة البنية الاساسية للمشروع النووى الإيرانى اسوة بماتم ضد المفاعل العراقى فى ازوريك عام 1981..سواء بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة او منفردة..وفى حالة الوصول الى مرحلة التباحث بين الطرفين الامريكى ذ الإيرانى، سيكون احد اهم المطالب الامركية الإسرائيلية هو الانسحاب الإيرانى الكامل من سوريا.. السيناريو الاكثر احتمالا: مع إستبعاد ومحدودية فرص الحرب، ومع دفع الازمة الى حافة الهاوية، ينتظر ان يقبل الطرفان التباحث السياسى، وقد يبدأ بشكل غير مباشر بوساطات تم عرضها بالفعل من كل من سويسراوالعراق عقب زيارة وزير خارجية إيران الى العراق- ليعكس انه مطلب إيرانى- وربما وساطة عمانية لمقبولية وخبرة السلطان قابوس. وتشمل أهم مطالب الولاياتالمتحدة من الجابب الإيرانى فى مقابل رفع العقوبات وعودتها الى إتفاق 5+1 وقبول تعديل الاتفاقية كمقترح الجانب الامريكى. وسحب إيران كامل قواتها من سوريا والتوقف عن تهديد دول الخليج بما فيها العراق. وكف يدها وتقديم البرهان عن كل من حزب الله عبر سوريا، والحوثيين فى اليمن ومنع امدادهم باى صواريخ او طائرات بدون طيار. وعدم إغلاق مضيق هرمز. وتتمثل أهم مطالب إيران فى رفع العقوبات الإقتصادية نهائيا وعدم التهديد بها مستقبلا وسحب القوات الامريكية التى تم تراكمها فى الخليج مؤخرا ورفع الحرث الثورى الإيرانى من قائمة الإرهاب وإشراكها فى قضايا المنطقة وعدم تجاهلها،كقوة اقليمية فاعلة.. لمزيد من مقالات ◀ لواء د. محمد قشقوش