تطبيق القانون حلال على دول العالم أجمع، حرام على مصر وحدها! هذا ما تتبعه وسائل إعلام غربية مرموقة فى تغطيتها للشأن المصري، والتى تجاوزت حد التناول الإعلامي، إلى مرحلة الانحياز الصارخ والكامل لطرف دون آخر، دون منطق، أو مبرر. فقد واصلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي.» منهجها «المخجل» فى التعامل مع الأحداث فى مصر، وبثت تقريرا مطولا حول شكاوى المتضررين من تطبيق نظام المراقبة الشرطية إثر قضائهم عقوبة الحبس فى السجون المصرية بسبب إدانتهم فى قضايا تخريب وشغب وفوضي. وقد تكامل هذا التقرير مع حملة موسعة من الواضح أن وسائل إعلام غربية أخرى تشنها فى محاولة لإدانة هذا النظام، أو لإجبار السلطات فى مصر على منح استثناءات من خلاله للمطبق عليهم، على الرغم من أن هذا النظام له أمثلة عديدة فى دول الغرب، فضلا عن أن تطبيقه فى مصر ليس أمرا حديثا، وإنما يعود تاريخه إلى عقود طويلة، ولم يصدر خلالها أى انتقادات بشأنها، ومع ذلك، تبث وسائل الإعلام الأجنبية، وعلى رأسها «بي.بي.سي.»، انتقادات تجاهه بصورة شبه يومية، بدعوى تعارضه مع حقوق الإنسان، نظرا لما هو معروف بالطبع من أنه يمس تحديدا عددا كبيرا من الشخصيات الإخوانية والفوضوية، والتى دأب بعض الإعلاميين والحقوقيين فى الغرب على توفير الدعم لهم، أملا فى استئناف دورهم لبث الفوضي، ونشر العنف، وعرقلة مسيرة الشعب المصري، وأيضا سعيا وراء اصطناع أى شعبية لهم بين المصريين. وفى التقرير الذى بثته شبكة بي.بى.سي. بتاريخ 13 مايو 2019 بعنوان «عدالة مصر .. حر نهارا وسجين ليلا»، عرضت الشبكة البريطانية بصورة عاطفية مستفزة للغاية قصة معاناة سجين كل يوم مع رحلة مرهقة ذهابا وإيابا بين منزل أسرته بالقرب من القاهرة ومحافظة بنى سويف، وذكرت أنه فى أثناء قيامه بهذه الرحلة ذات يوم تعرض لإصابة بالغة فى حادث سيارة، إلا أنه كان على يقين من أن هذا ليس مبررا له للتوقف عن القيام برحلته اليومية، التى وصفتها الشبكة بأنها «محنة يومية إجبارية»، وقالت إنها ستستمر على الأقل فى الأعوام الخمسة المقبلة. وأوضح التقرير أن النظام المتبع يقضى بأن يتواجد هذا السجين لمدة 12 ساعة يوميا فى أحد أقسام الشرطة، وهو ما يعرف فى مصر بنظام «العقوبة التكميلية». وأشارت إلى أن هذا السجين كان قد أمضى بالفعل خمس سنوات فى سجنه، وقد انتهت هذه المدة العام الماضي، وأنه منذ ذلك الحين يخضع لنظام المراقبة التكميلية. ونوهت الشبكة إلى أن تهمة هذا السجين كانت نشر أخبار كاذبة ومساعدة جماعة الإخوان المحظورة خلال اعتصامى رابعة والنهضة عام 2013. وعمد التقرير استدرار عواطف المشاهدين بالحديث بالتفصيل عن المعاناة التى يلاقيها الخاضعون لهذا النظام الأمني، والذى قالت عنه إنه يتم فرضه أيضا على «مئات الناشطين السياسيين»، وتصفه المنظمات الحقوقية ب»العقوبة المفرطة»، فتشير إلى أن أحد السجناء لا يستطيع تكوين أسرة الآن لأنه مفلس، والآخر تعرض للفصل من كليته، وثالث يشكو من أن نظام المراقبة دمر حياته، غير أن التقرير لم يتحدث عن حياة ملايين الأسر المصرية التى تضررت وتدمرت من جراء أعمال العنف أو الفوضى أو الشغب التى تورط فيها هؤلاء «الضحايا»، وصاروا يستحقون عليها هذه المعاناة، بموجب القانون. والغريب أن التقرير تعمد نقل شكاوى الخاضعين لنظام المراقبة من أى شيء، ومن كل شيء، وكأنه من المفترض التعامل معهم على أنهم فى «نزهة»، وليس فى فترة عقوبة، فأحدهم يقول إنه لا يسمح له بقضاء فترة المراقبة فى زنزانة القسم، بل يتم إلزامه بقضاء ال12 ساعة فى منطقة خارجية ملحقة بالقسم، مع السماح بإحضار عشائه يوميا، وبعض الكتب، مع منع استخدامه للأجهزة الإلكترونية. وفى جزء آخر من التقرير، تقول الشبكة إنه يسمح للسجناء بإحضار أغطية من منازلهم للنوم داخل زنزانات صغيرة مخصصة لهذا الغرض، وفى حالات أخرى يتم تركهم فى فناء القسم المحاط بسور لتتم مراقبتهم بالدوائر التليفزيونية المغلقة، وهو نظام يعترض عليه التقرير أيضا! وختم التقرير حديثه بالنتيجة التقليدية التى تقول إن الهدف من كل هذا هو سحق المعارضة، وجعل حياة خصوم الرئيس عبد الفتاح السيسى أكثر صعوبة، وهى محاولة فاشلة جديدة من الشبكة البريطانية لتجميل صورة متهمين مدانين بأحكام قضائية، ولتشويه نظام متبع فى دول أخرى من العالم، ويتم اتباعه للتخفيف قليلا من أحكام السجن على بعض المتهمين، إلا أن الواضح فى الأمر أن أى وضع لا يعجب، لا السجن، ولا الإفراج الشرطي، فقط المطلوب السماح بتهديد أمن وطن واستقراره ومصالح مواطنيه دون أن يعترض أحد!.