'يبقي الحال علي ما هو عليه و علي المتضرر اللجوء الي مجلس الامن'هذا نص ما توصل اليه المراقبون لملف ايران النووي الشائك والمثير للجدل. فطهران التي تستمد قوتها من دعم الصين و روسيا( سابقا) ودول عدم الانحياز قد اثبتت بحق شجاعة نادرة امام المجتمع الدولي المطالب بوقف الزحف الايراني النووي بشتي الطرق دون استبعاد القوة العسكرية. ورغم الضربات المتكررة التي تلقتها طهران من مجلس الامن علي شكل عقوبات قاسية المقصود منها كبح جماح التقدم التكنولوجي الايراني الا انها بقيت صامدة. بعد ان حسمت خياراتها بتجاهل مطالب الوكالة و الولاياتالمتحدة و حلفائها الغربيين. فقد رأت طهران ان الدول الكبري استطاعت الضغط علي الوكالة الدولية لاستصدار قرار يدين طهران بعد اعلان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو فشل الوكالة في المفاوضات بشأن تأمين الوقود النووي لمفاعلات طهران مقابل مخزونها من اليورانيوم. مدعيا انه حاول بكل الطرق تحقيق اقتراح سلفه الدكتور محمد البرادعي لانهاء الازمة, ولكن المفاوضات قد وصلت الي طريق مسدود. لان ايرانوروسيا وفرنسا والولاياتالمتحدة لم تتوصل الي الاتفاق علي كيفية ضمان عودة اليورانيوم المخصب مرة اخري الي طهران. يذكر ان ايران تصر علي ان تحصل علي وقود نووي لمفاعل الابحاث قبل تسليمها مخزوناتها من اليورانيوم و ان يحدث هذا التبادل علي الاراضي الايرانية, الامر الذي رفضته القوي الكبري. ويبدو ان هدف مجموعة الدول الست هو توظيف قرارات الوكالة في مجلس الامن للحصول علي الانسجام بين الوكالة ومجلس الامن لفرض عقوبات مشددة علي طهران بعد ان استطاعت امريكا انتزاع موافقة الصين و روسيا علي تشديد العقوبات علي ايران خلال قمة واشنطن النووية الاخيرة. و كرد فعل طبيعي من جانب طهران التي استاءت من نجاح الضغوط الامريكية علي بكين و موسكو فقد اعلنت عزمها ملاحقة اوباما قانونيا اثر تهديدات امريكية باستخدام الاسلحة النووية ضد ايران. ووصفت تلك التصريحات بانها أكبر مظهر للإرهاب, محذرة في الوقت نفسه الولاياتالمتحدة وإسرائيل من رد قوي جدا علي أي هجوم تتعرض له معتبرة ان التهديدات العسكرية التي تطلقها امريكا وإسرائيل ضد إيران تأتي في إطار الحرب النفسية لاغير. وفي روسيا الحليف الاستراتيجي لايران تم التوقيع علي اتفاقية بين موسكو والوكالة الدولية للطاقة الذرية حول إنشاء احتياطي ثابت لليورانيوم المنخفض التخصيب للدول الاعضاء في الوكالة. حيث سيتم إنشاء بنك للوقود الدولي في مصنع أنغارسك لتخصيب اليورانيوم في سيبيريا تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسيسمح هذا البنك بتطوير قطاعات الطاقة الذرية في كل دول العالم. إذ يمكن لأي دولة تقديم طلب بالحصول علي الوقود النووي شرط ألا تقوم تلك الدول بتخصيب اليورانيوم بنفسها اوعلي أراضيها. يذكر انه في اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية30 نوفمبر من العام الماضي قد وافق مجلس محافظي الوكالة التابعة للأمم المتحدة علي خطة روسية لإنشاء أول بنك دولي متعدد الأطراف لوقود اليورانيوم كوسيلة لوقف انتشار الأسلحة النووية. وتقضي الاتفاقية بإنشاء البنك في روسيا ليضم120 طنا من احتياطي اليورانيوم منخفض التخصيب لإمداد الوكالة. وتستطيع الدول بموجب الخطة الحصول عليه من البنك إذا انقطع إمدادها من الوقود لأسباب سياسية. ووافق علي الخطة ثلاثة و عشرون عضوا وعارضها ثمانية وامتنع عن التصويت ثلاثة اعضاء ويري المراقبون ان انشاء مثل هذا البنك النووي من شأنه ان يهديء من جو التوتر و الخوف الذي يسيطر علي المجتمع الغربي إزاء ملف ايران النووي الذي ينذر بكارثة في الشرق الاوسط.