تشهد أروقة الأممالمتحدة مشاورات دبلوماسية شاقة قبل أقل من أسبوعين من انطلاق مؤتمر مراجعة إتفاقية حظر الإنتشار النووي الذي يعقد كل خمس سنوات في نيويورك. وتتركز الاجتماعات الدائرة بين مصر الرئيس الحالي لمجموعة دول عدم الإنحياز ودول مجموعة الاجندة الجديدة وهو تجمع دولي يؤيد نزع الإسلحة النووية والدول الكبري علي تفعيل قرار إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط والمعطل رغم صدوره في عام1995 بهدف تجنب فشل المؤتمر الذي سيبدأ في الثالث من مايو. وكان مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي في عام2005 قد فشل في التوصل إلي اجماع حول تطبيق قرار الشرق الأوسط. وترددت أنباء في الأيام الأخيرة عن إمكانية حدوث تحول مهم في الموقف الأمريكي من إسرائيل في هذا الخصوص ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مصادر داخل الأممالمتحدة أن الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا ربما تقترب من تأييد دعوة مصر إلي عقد مؤتمر دولي في العام المقبل(2011) يمهد لإطلاق مفاوضات تبحث في إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط وهو ما يعني دعوة إسرائيل إلي الإنضمام لمعاهدة منع الإنتشار النووي والتفاوض مع الدول العربية وإيران حول نزع الأسلحة النووية. والمعروف أن إسرائيل ترفض التفاوض أو الإنضمام للمعاهدة قبل الوصول إلي سلام مع الدول العربية. ويشير التطور الجديد الي أن الدول الخمس دائمة العضوية تبدو علي استعداد للقبول بعقد المؤتمر الإقليمي بناء علي الورقة المصرية التي ستطرح أمام مؤتمر المعاهدة في مايو المقبل ولكنها تختلف حول' صيغة التفاوض' التي سينعقد بموجبها المؤتمر, حيث تطالب مصر بإقرار معاهدة ملزمة تخضع للتحقق من المجتمع الدولي, وهو ما يمكن أن تراه الدول الكبري في مجلس الأمن سابقا لأوانه. من جانبها تصر الدبلوماسية المصرية علي تحديد صيغة التفاوضNegotiatingMandate لمؤتمر الشرق الأوسط المقترح. وعلمت' الأهرام' أن الدبلوماسية المصرية ترفض صدور قرار منفصل جديد عن مؤتمر المعاهدة النووية وتؤكد ضرورة ان يتضمن الإعلان الأساسي الصادر عن مؤتمر2010 صيغة تدعو لعقد المؤتمر الإقليمي دون فصل الموضوعات عن بعضها تجنبا للمراوغات والتسويفات التي حدثت في أعقاب الصيغة التوافقية التي خرج بها قرار الشرق الأوسط في عام1995, حيث جاء منفصلا عن قرار تجديد المعاهدة ولم يتم إحراز تقدم منذ هذا التاريخ. وتمسك مصر ودول عدم الإنحياز بورقة تفاوضية مهمة وهي عدم رغبة الولاياتالمتحدة وحلفائها في فشل المؤنمر مثلما حدث في المرة السابقة لتمكين الرئيس الأمريكي باراك أوباما من المضي قدما في مبادراته الرامية للتخلص من أسلحة الدمار الشامل وضمان عدم وقوع الأسلحة النووية في قبضة جماعات الإرهاب خاصة بعد قمة الأمن النووي الأخيرة ونظرا لضرورة توافر الإجماع في القرارات الصادرة عن المؤتمر فإن عدم التوصل إلي قرار حول الشرق الأوسط يمكن أن يشكل عقبة كبيرة أمام الوصول إلي بيان ختامي. ويقول مصدر دبلوماسي عربي في الأممالمتحدة أن رئاسة مصر لتجمع حركة عدم الإنحياز في الأممالمتحدة وما يسمي بتجمع' الأجندة الجديدة' الذي يضم كلا من البرازيل وايرلندا والمكسيك ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا والسويد قد منح المفاوضات حول إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط قوة دافعة كبيرة ومن ثم توسيع دائرة الإجماع حول ضرورة الوصول إلي صيغة محددة في هذا الخصوص. وفي حوار عبر الفيديو كونفرانس من واشنطن امتنعت إيلين توشر مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون الحد من التسلح وشئون الأمن الدولي ردا علي سؤال ل' الأهرام' عن توضيح الموقف الأمريكي الأخير من طلب مصر ودول عدم الانحياز وقالت' الولاياتالمتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن نعمل مع عدد من الدول ومن بينها مصر من اجل الوصول إلي إتفاق ولكن قضية الإنتشار النووي في الشرق الأوسط ليست منعزلة عن قضايا وموضوعات أخري في المنطقة'. وقال مصدر دبلوماسي غربي لشبكة الأمن العالميGSI أن المقترح المصري يعتبرSTICKINGPOINT' بمعني أنها نقطة عالقة ومفصلية في إمكانية التوصل إلي إتفاق في مؤتمر2010 من عدمه. وقد أكد السفير ماجد عبد الفتاح مندوب مصر الدائم لدي الأممالمتحدة أن' مصر تريد من الإسرائيليين أن يجلسوا إلي المائدة ويتفاوضوا' وأضاف السفير المصري في تصريحات قبل أيام قليلة' نحن لدينا مرونة فيما يتعلق بالمكان وترتيبات المؤتمر'. وقال دبلوماسي غربي أخر أن إسرائيل سوف تظهر ترددا في المشاركة حتي لو كانت نتائج المؤتمر الإقليمي غير ملزمة ولكن يمكن أن تشارك لو قامت واشنطن بالضغط عليها. وأضاف الدبلوماسي الغربي أن إسرائيل لها مصلحة في الظهور أمام العرب في صورة الرافض للإنتشار النووي وبالتالي يمكن أن يتحرك العرب لرفض المشروع النووي الإيراني. وكانت مصر قد وزعت ورقة العمل الخاصة بمقترحاتها لمؤتمر المراجعة علي188 دولة أعضاء في الأممالمتحدة. وتطالب مصر أيضا ببذل جهود دولية أكبر من أجل تحقيق مبدأ' عالمية المعاهدة' وذلك بدعوة إسرائيل والهند وباكستان إلي التوقيع عليها.