صحيح أن سنوات عمره تجاوزت الستين منذ زمن ليس بقريب، إلا أن الدهشة والفرحة والحذر كانت تطل جميعا من بين ثنايا تجاعيد وجهه، وكأنها طفل يخرج رأسه من شباك سيارة أجرة تقله للمرة الأولى فى حياته من السويس إلى القاهرة. فرحة من نوع خاص جدا شابها الخجل واللجلجة فى الحديث عندما يحكى عم سيد أنه لا يصدق أن الله كتب له زيارة «مصر» وسيدنا الحسين للمرة الأولى فى حياته بعد هذا العمر. التقيناه وهو فى الشارع الخلفى للمسجد الحسينى يبحث عن مطعم للفول والطعمية وعلى كتفه «شيكارة» امتلأت فيما يبدو ببطانية يجلس عليها ليستريح بين الحين والآخر حتى نهاية هذه الرحلة المغامرة. كان يحث السير مجتهدا من أجل الوصول إلى أقرب محل فول وطعمية ، إلا أن عينيه كانتا تطلبان من قدميه التمهل كلما وقعتا على مقهى أو مجموعة من السائحين أوشيء من الألوان المبهرة للبضائع المعروضة هناك. وعن أول وقفة له أمام المقام الحسينى قال : «ما كنتش مصدق نفسى. نلت بركة سيدنا النبى وأهل بيته.»