حالة من القلق والتعب والمعاناة يعيشها مريض الفشل الكلوي نتيجة توقف الكلي عن وظائفها الحيوية، وهنا يكون الحل الوحيد في البداية والتدخل السليم «الغسيل الدموي» للمريض، من خلال عدة جلسات علي «ماكينة» غسيل كلوي في الأسبوع الواحد لتنقية الجسم من الفضلات والسوائل الزائدة في الدم، مما يعمل علي تنقيته وتصفيته من أي سموم. ووسط هذا التشخيص تكون الطامة الكبري عندما يخبر الطبيب المريض أنه لابد من إجراء غسيل الكلي مدي الحياة، وهنا تبدأ رحلة البحث في المستشفيات الحكومية أو الجامعية أو الخاصة والجمعيات الأهلية، لإيجاد «ماكينة» غسيل يستمر عليها لعمل نحو 3 جلسات في الأسبوع، مدتها من 3 إلي 5 ساعات. ويذهب المريض حاملا آلامه وأوجاعه، وبعد فترة من التحري والبحث والوساطة - بضعة أشهر - يأتي الفرج وتتوافر «الماكينة». ورغم أنه خلال هذه المدة - حقيقة - يغسل في المستشفيات بنظام «الطوارئ» والانتظار ساعات وساعات حتي يأتي عليه الدور، فإنه في الوقت نفسه نجد من 20 إلي 25 ألفا مقبلون علي الفشل الكلوي سنويا، وهنا تكون الأسئلة: لماذا لا توفر وزارتا الصحة أو التعليم العالي قاعدة بيانات عن الأماكن التي بها ماكينات «غسيل» غير مستخدمة؟ ولماذا يبحث المريض أو أهله عنها؟ وهل الأزمة تكمن في نقص الماكينات أم الأطقم المدربة؟ يقول عدد من أهالي مرضي الفشل الكلوي «المزمن» في محافظات مختلفة بالجمهورية إن مسألة إيجاد «ماكينة» غسيل كلوي ليست بالأمر الهين والسهل، ونقوم بالبحث في أماكن كثيرة وسط معاناة وتكلفة وتعب، حتي نستطيع أن نجد واحدة قريبة من «محل السكن»، فالمريض يحتاج إلي 3 جلسات أسبوعيا لمدة 4 ساعات تقريبا، ولابد من أن يكون له مكان متوافر «بالماكينة» يقوم بالغسيل عليها، ودوره محدد سواء في الفترة الصباحية أو المسائية، ونبذل جهدا في البحث بالمستشفيات والجمعيات أياما بل شهورا للوصول إليها، ولا نجد من يساعدنا، فدائما يكون رد المسئول بالمستشفي لا يوجد، «لما حد يموت تعالوا اسألوا»، ناهيك عن قوائم الانتظار في هذه المستشفيات، بالإضافة إلي أن جلسة الغسيل الكلوي «مكلفة» ولا يستطيع أحد منا تحملها، والدولة توفرها علي نفقتها ولا نتحمل منها شيئا، أوعلي نفقة التأمين الصحي، لكننا من نقوم بإيجادها وتسجيل بياناتنا بسرعة واستخراج قرار العلاج علي نفقة الدولة. وفي السياق نفسه، يقول الدكتور أحمد فراجو استشاري أمراض وزراعة الكلي بالهيئة العامة للتأمين الصحي، إن وحدات الغسيل الكلوي في مصر غير كافية، ويواجه عدد من المرضي صعوبة في الوصول وإجراء عملية الغسيل، كما أن هناك نقصا في الأطباء والتمريض أيضا، فضلا عن أن عملية الغسيل «الدموي» تعتبر جزءا من الحل لمريض الفشل الكلوي، وإمكانيات الغسيل تختلف من جهة إلي أخري، من حيث العنصر البشري المدرب جيدا، ثم المتخصص لل»الماكينة» ثم محطة المياه ومكافحة العدوي، فالموضوع معقد، وهناك حلول أخري تحتاج إلي اهتمام وتدخل الدولة بصورة قوية، ومنها عملية الغسيل «البريتوني»، التي تتم في المنزل ومتوافرة في الكثير من دول العالم، وتوفر الكثير من المال والتعب والمشقة علي المرضي وأهاليهم ، بينما الحل المهم والمناسب في مصر فيكون في التوسع في عمليات زراعة الكلي، والتي يجب علي الدولة أن تدعمها وتنشر ثقافة التبرع من الأحياء لإنقاذ آلاف المرضي، لاسيما أن هناك قرابة 25 ألفا مقبلون علي الفشل الكلوي سنويا، وهذا مؤشر خطير جدا في مصر. من جانبها، أعلنت وزارة الصحة والسكان أنها تعمل علي تطوير ملف وحدات الغسيل الكلوي بجميع مستشفياتها علي مستوي الجمهورية، حيث سيتم إحلال وتجديد جميع ماكينات الغسيل، مشيرة إلي أن هناك عجزا في القوي البشرية من أطباء وتمريض وسيتم سد هذا العجز قريبا.