سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صبح: جهة سيادية أوقفت مشروع "الغسيل البريتونى" عام 2004 بسبب عرضه على البرلمان من قبل نائب للإخوان المسلمين.. وأصحاب المصالح وبعض الأطباء يقفون أمام تنفيذ المشروع لتحقيقهم مكاسب من جلسات الغسيل الدموى
أكد د.محمد عبد القادر صبح، أستاذ أمراض الكلى ومدير مركز البحوث الطبية التجريبية بالمنصورة، أنه قدم مشروعا لإقرار علاج مرضى الفشل الكلوى عن طريق "الغسيل البريتونى النقال" لمجلس الشعب عام 2004، وهو المشروع الذى أوصت لجنة الصحة بالبدء فى تنفيذه داخل 5 مراكز طبية بالمحافظات، إلا أنه فوجىء برفض المشروع من جهة سيادية بسبب تقديمه من أحد نواب "الإخوان المسلمين" فى ذلك الوقت، مؤكدا على أن بعض أصحاب المصالح من الأطباء وقفوا أمام تنفيذ المشروع بسبب مكاسبهم من استمرار الغسيل الدموى، مما دفعه إلى إنشاء جمعية أهليه لدعم الغسيل البريتونى، وفى بداية حواره مع "اليوم السابع" أشار إلى صورة معلقة فى مكتبه بها طفلتان، قال إن الأولى استمرت على الغسيل البريتونى لعدة أعوام حتى أجرت جراحة لزراعة كلى، الثانية توفيت لاستمراراها على الغسيل الدموى, فإلى الحوار: فى البداية ما هو الغسيل البريتونى؟ وما الفرق بينه وبين الغسيل الدموى؟ الغسيل البريتونى النقال "CAPD"، هو نوع من الغسيل الكلوى يعتمد على قسطرة مرنة يتم تركيبها داخل جسم المريض لتتصل بالغشاء البريتونى الموجود بالبطن، حيث يتم إدخال سائل الترشيح عبر هذه القسطرة، ويترك عدة ساعات حتى يمتص السموم من الدم، ثم يتم إفراغه وإدخال سائل جديد، وهى عملية متكررة يقوم بها المريض وهو يمارس حياته الطبيعية دون أى عوائق، على العكس من الغسيل الدموى، الذى يعتمد على إفراغ دم المريض ليمر عبر مرشح لتنقيته ثم إعادته للجسم مرة أخرى، وهى عملية مرهقة ولها الكثير من الأضرار الصحية والمادية. ما هى أهم مميزات هذا الأسلوب العلاجى؟ مرضى الفشل الكلوى المستخدمين للغسيل البريتونى النقال يستطيعون ممارسة حياتهم بشكل طبيعى، خاصة أنهم يعتمدون على أنفسهم فى العلاج، ولا تظهر عليهم آثار المرض، أما المريض المعتمد على الغسيل الدموى، فمعاناته تبدأ منذ استقلاله وسائل مواصلات للوصول إلى المستشفى، ثم انتظاره لدوره، ليدخل بعدها لإجراء جلسة تستمر ل4 ساعات بجانب جهاز "مرعب الشكل"، 3 مرات أسبوعيا، بواسطة أطباء وتمريض قد يكونون غير مدربين جيدا، بالإضافة إلى أنه معرض بشكل رئيسى للتلوث والإصابة بأمراض الدم. معنى ذلك أن الغسيل الدموى يعد مصدر عدوى لأمراض الدم؟ بالطبع، فنحن فى مصر نعانى من أزمة صحية تدعى "فيروس سى"، فعلى سبيل المثال لو لديك 100 مريض بدأوا فى إجراء الغسيل الدموى فى نفس الوقت، 10منهم مصابون بفيروس سى، بعد عام ستجد 90 منهم أصيبوا بالمرض، فقلة الضمير والجهل يتسببون فى نشر فيروس سى بين مرضى الفشل الكلوى، بالإضافة إلى أن غياب الغسيل البريتونى قد يكون قاتلا لبعض المرضى. كيف؟ نوع الغسيل الكلوى لا يشكل فرقا لبعض الحالات، لكنه قد يكون قاتلا بالنسبة للبعض الآخر، على سبيل المثال كبار السن ومرضى القلب والسكر والأطفال، أو من يعانون من انسداد الأوردة، بالإضافة إلى أن الغسيل الدموى المتكرر يؤدى إلى القضاء تماما على الجزء السليم المتبقى من أنسجة الكلى المصابة، بما يصعب من إجراء عملية زراعة الكلى، لذلك من يستمر فى التعمية على هذا الأسلوب العلاجى وتثبيط همة من يقومون به يعد مشاركا فى جريمة قتل. إذًا ما سبب عدم انتشار الغسيل البريتونى فى مصر؟ عدة أسباب، أهمها أنه لا يحقق مكاسب للأطباء، على عكس جلسات الغسيل الدموى، فهناك "أصحاب مصلحة"، السبب الآخر هو أن الإنسان عدو ما يجهل، فالأطباء لم يمارسوا الغسيل البريتونى النقال بسبب نوع قديم من الغسيل البريتونى، يدعى "البريتونى المتكرر"، وهو نوع سىء السمعة، لذلك فإن الأطباء يعتمدون بشكل رئيسى على الغسيل الدموى. لكنك قمت بطرح هذا المشروع على الحكومة منذ سنوات، لماذا لم يبدأ تطبيقه حتى الآن؟ هذا المشروع هو أحد أهم النماذج الصارخة على انبعاث الأمل بعد الثورة، بالفعل قمت بعرض هذا المشروع، بالتعاون مع الطبيبين طارق محمود وعلى الشريف، على د.إسماعيل سلام وزير الصحة السابق، لكن المشروع لم يوافق عليه على الرغم من نشره فى وسائل الإعلام، وقد يكون لذلك علاقة بصفقات أجهزة الغسيل الكلوى، حتى وصل المشروع بعد فترة إلى مجلس الشعب عام 2004، وبالتحديد للدكتور أكرم الشاعر، وهذا ما يفسر اهتمامه الحالى بالمشروع، حيث اجتمعنا بلجنة الصحة بالمجلس فى وفد مكون من أطباء المنصورة وجامعة عين شمس وممثلى شركة فاكسيرا، الذين قاموا بتجهيز جدوى اقتصادية تثبت إمكانية إنتاج مستلزمات الغسيل البريتونى بتكلفة أرخص من استيراده، بالإضافة إلى حالة المريض، حيث طالبنا أعضاء اللجنة بإخراج المريض من وسط مجموعة الأطباء، لإثبات أن مريض "البريتونى" لا يظهر عليه المرض. وهل تحمست اللجنة للمشروع؟ اللجنة تحمست للمشروع بشكل كبير، ووافقت على المشروع، كما طالبوا بتقديم برنامج لتنفيذ مشروع الغسيل البريتونى، وبالفعل قدمنا برنامجا تفصيليا، يعتمد على وجود 7 مراكز بالمحافظات، بها فريق طبى مدرب لدعم المرضى كاملا، وعند زيادة عدد المرضى المستخدمين للبريتونى، تبدأ الشركات فى إنتاج المستلزمات الخاصة له، بما يقلل تكلفته. إذًا لماذا لم يتم تنفيذه؟ لأننا ببساطة كنا "فى عصر مبارك"، فما حدث هو أننا فوجئنا ب"جهة سيادية" ترفض المشروع كاملا لأنه مقدم عن طريق نواب المعارضة، بالإشارة للنائب أكرم الشاعر المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين، وقالت إن هذا البرنامج لن يسير لأن من قدم المشروع نواب المعارضة، عندها لم يكن أمامنا سوى تأسيس الجمعية الأهلية لدعم مرضى الغسيل البريتونى، لنشر تلك الفكرة ودعم المرضى الذين لا يمكن علاجهم إلا عن طريق هذا الأسلوب. لكن البعض يؤكد أن التكلفة المرتفعة للغسيل البريتونى ربما تتسبب فى تعطيل المشروع؟ إذا نظرنا إلى التكلفة المباشرة للغسيل البريتونى، سنجد أنها تبلغ 3 أضعاف الغسيل الدموى، لكن إذا نظرنا بتعمق، سنجد أن "البريتونى" أقل بالتكلفة، وذلك لأن الغسيل الدموى، بجانب تكلفة الجلسات، يضاف إليه تكلفة المبانى وصيانة الأجهزة والمرشحات وأجور الأطباء والتمريض والمياه والكهرباء، بالإضافة إلى تكلفة علاج المرضى الذين نقل لهم فيروس سى وعلاج الأنيميا الذى يعانى منها النسبة الأكبر من مرضى الغسيل الدموى. كيف كنتم تتغلبون على أزمة التكلفة داخل الجمعية؟ هدف الجمعية هو مساعدة أكبر عدد ممكن من المرضى الذين يحتاجون لإجراء الغسيل البريتونى، وبالطبع كانت التبرعات غير كافية، لذلك كنا نطلب من المرضى تحمل قدر من تكلفة علاجهم. عقب توصيات لجنة الصحة بمجلس الشعب، هل تتوقع استمرار المعوقات التى كانت تحول دون تنفيذ المشروع؟ ما زالت هناك بعض المعوقات أهمها وجود "فلول" مستفيدين من الغسيل الدموى، لكننا بدأنا فى تطبيق المشروع بالفعل فى المستشفى الدولى بالمنصورة، و هو ما تم الاتفاق عليه مع د.أكرم الشاعر، لكن فى حالة وجود إرادة أعتقد أنه يمكن توعية المرضى فى خلال شهرين، بالإضافة إلى البدء فى تدريب الأطباء عن طريق عقد مؤتمرات طبية، على أن يتم ذلك بالتعاون بين وزارة الصحة والجمعية المصرية لأمراض وزارعة الكلى والجمعية الأهلية لدعم الغسيل البريتونى، على أن تكون أولوية العلاج للمرضى الذين لا يمكن إجراء الغسيل الدموى لهم.