تستعد إيطاليا لاستقبال أول رئيس مصري منتخب منذ7 آلاف عام, كما وصفته صحيفة ال سولي24 أوريه الايطالية. وتولي القيادة السياسية في إيطاليا اهتماما كبيرا لهذه الزيارة و التي وصفها رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي بأنها تحمل معني, في ضوء أنها المحطة الأولي للرئيس مرسي في أوروبا وسائر العالم الغربي بعد زيارته للصين. وتنطوي هذه الزيارة علي عدة أهداف استراتيجية لكلا الجانبين.. اقتصادية وسياسية: فمن الناحية السياسية, ستنتهز روما هذه الفرصة لاستعادة دورها الجيوسياسي الذي فقدته منذ عام1989( حينما تحول العالم الي نظام القطب الواحد), وتأكيد حضورها علي مستوي جديد في حوض المتوسط وبصورة أكبر من ذي قبل في ضوء التحولات الجارية في المنطقة.. فمنذ انطلاق شرارة الثورات العربية, تزايدت الأهمية الجيوسياسية لايطاليا كمفتاح اتصال بين جنوب المتوسط والاتحاد الأوروبي, وهو الدور الذي تتمسك به روما و تصر علي توطيده. وعلي الجانب المصري, ستحاول القاهرة استغلال هذا الحرص الايطالي من أجل حشد الدعم الأوروبي اللازم وراء المبادرة التي أطلقها الرئيس مرسي بإنشاء لجنة رباعية حول الأزمة السورية, وذلك بعد أن أصبحت الأخيرة بمثابة مختبر صحوة الدور المصري في المنطقة. ولا تقل الأجندة الاقتصادية للزيارة أهمية عن أهدافها السياسية, بل ربما تكون أكثر الحاحا في وقت تمر به البلدان بأزمة اقتصادية. فروما تسعي لتأكيد مكانتها كالشريك الأوروبي التجاري الأول لمصر, وكمستثمر أجنبي رئيسي في البلاد. وهو ما يتضح من خلال تصريحات المسئولين الايطاليين المستمرة بأن الاستثمارات الايطالية لن تترك مصر, بل ان روما ستزيد من استثماراتها علي الأراضي المصرية خلال المرحلة المقبلة, حسب تعبير وزيرالخارجية الايطالي جوليو تيرسي خلال زيارته الي مصر في شهر يوليو الماضي. ويمكن قراءة هذا التوجه في ضوء المحاولات الايطالية لدعم قطاع أعمالها في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها, فقد أكد تيرسي قبل أيام انه خلال الفترة العصيبة الحالية التي تمر بها ايطاليا وسائر أوروبا, فان توطيد العلاقات مع القادة الجدد في المتوسط يعد عاملا اساسيا من أجل النمو الاقتصادي لبلاده. تتلاقي هذه الرغبة مع المصالح المصرية, ومن ثم تأتي زيارة الرئيس لطمأنة الشركاء الأوروبيين والايطاليين بصفة خاصة حول التزام مصر بقواعد الاقتصاد الحر, و تبديد الاشاعات التي طالما أثارتها بعض وسائل الإعلام الأوروبية حول مصر تحت قيادتها الجديدة ذات المرجعية الاسلامية. ومن المقرر أن يبرم الطرفان عدة اتفاقيات, في مقدمتها خطة العمل الثنائية(2012 2015) لدعم التعاون في مجالات التنمية الصناعية و النقل و الطاقة الجديدة والمتجددة و المشروعات الصغيرة و التدريب. كما سيفتتح مرسي مجلس الأعمال المصري الايطالي الجديد. وأعلن قصر كيجي مقر رئاسة الوزراء الإيطالية عن اقامة حفل عشاء مساء يوم الخميس المقبل علي شرف الرئيس المصري. و سيلتقي مرسي خلال زيارته كبار القادة الايطاليين علي رأسهم الرئيس جورجيو نابوليتانو. وتحظي زيارة مرسي باهتمام خاص من وسائل الاعلام الايطالية, التي تتابع عن كثب تحركات القاهرة داخليا و خارجيا. فتشير صحيفة'لاربوبليكا' الايطالية اليسارية إلي ان مساعي القاهرة لتحرير قبضتها في مجال السياسة الخارجية, مؤكدة ان مرسي أراد ارسال اشارة للعالم بأن مصر لم تعد مصر مبارك. أما صحيفة' السولي24 أوريه' الاقتصادية فتؤكد أنه بعد30 عاما من الركود في عهد مبارك, فقدت خلالها مصر دورها الاقليمي الذي كانت تلعبه دائما, يحاول مرسي الآن اعلاء صوت بلاده. و اضافت الصحيفة أن القرارات الداخلية التي اتخذها مرسي مؤخرا بإجرائه تغييرات في القيادة العسكرية, جعلته صانع قرار ثوري, فضلا عن أن سياساته التي أعطت بعض الاشارات الملموسة حول سياسة اقتصادية جديدة وأكثر انفتاحا. وربما تعد هذه الزيارة مستهلا للتعاون علي أسس جديدة حول قضايا قد لا تكون مطروحة علي الأجندة الثنائية حاليا. و تأتي هنا في المقدمة, قضية استرداد الأموال المنهوبة في الخارج من ارصدة وممتلكات لرموز النظام السابق. وقد نري يوما ما ايطاليا تخرج عن صمتها الذي التزمته منذ11 فبراير- لتنفي أو تؤكد وجود أصول أو ممتلكات للرئيس المصري المخلوع علي أراضيها!!