قال اللواء طيار دكتور هشام الحلبى المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، ان نموذج تحرير أرض سيناء ما بين الحرب والسلام نموذج محترف يجب تناوله بصورة علمية، حيث بدأت دراسة الواقع بعد احتلال اسرائيل لسيناء بعد عام 67، مشيرا الى أن اسرائيل طبقت بعد عملية الاحتلال فيما عرف بنظرية الامن الاسرائيلية. وأضاف الحلبى ان هذه النظرية تمثلت فى أن الدولة المعادية تحتل جزءا خارج حدودها، وتستند على مانع مائى او صناعي، بحيث تكون هذه الموانع حائط صد تأمينى لها، لمنع الدولة المصرية من استرداد الارض، موضحا أن اسرائيل استندت على ان قناة السويس مانع طبيعى موجود ووضعت عليه خطة نيران محكمة، وزودته بمواسير»نابلم» على طول قناة السويس، لردع أى قوات تحاول عبور القناة، بالاضافة الى الساتر الترابى الموجود على الضفة الشرقية للقناة على ارتفاع 20 م بزاوية ميل 45 درجة، ذى تربة رملية ناعمة، بحيث لايسمح للجنود المصريين اذا ما حاولوا الاقتحام ان يسيروا باقدامهم، فضلا عن حملهم الأسلحة والذخيرة التى قد تكون أكبر من أوزانهم، وبالتالى تغوص اقدامهم فى الرمال، وبالاضافة الى ذلك انشاء خط بارليف خلف الساتر الترابي، وهو خط منيع جدا به نقط حصينة وخطة نيران محكمة ايضا . وتابع الحلبى قائلا: اذن الواقع تمثل فى احتلال أرض وفى نهاية هذه الارض مانع طبيعى و2 مانع صناعى كل مانع عليه خطة نيران محكمة، وكانت المعضلة الاولى فى الساتر الترابي، موضحا ان الحسابات ودول الغرب ضخمت من حجم المشكلة، ووجدوا أن الحل لمرور المدرعات والقوات لابد من عمل فتحات فى الساتر الترابي، وان هذا لن يتم الا بوجود قنبلة نووية تكتيكة صغيرة، تقوم بعمل عدد من الفتحات لمرور القوات، وهذا الحل كان يصعب تنفيذه واقعيا، فنحن لا نملك نوويا ولن يمدنا أحد، وهذا الموقف كان من اسوأ المواقف التى واجهت القوات المسلحة فى المنطقة. واضاف الحلبى أن الجيش المصرى لم يجد حلا بديلا سوى الاقتحام، فنفذ 3 اقتحامات رئيسية فى ظل وجود خطة النيران، كانت تشكل نظرية الامن الاسرائيلية فتم اقتحام قناة السويس والساتر الترابى وخط بارليف فى 6 ساعات بسلاح دفاعى قديم وبالتالى تم هدم هذه النظرية الغربية الاصل والتى سبب انهيارها صدمة للغرب، خاصة مع استخدام مصر سلاحا دفاعيا قديما. وأشار الحلبى الى ان الرئيس الراحل انور السادات رأى التوقف عن هذه المكاسب التى نالها من الحرب، وانهاء عملية تحرير سيناء بعملية سياسية دبلوماسية محترفة، وهذا ما فعله السادات، تمثل فى استخدام القوة الصلبة بالحرب، ثم القوة الناعمة فى تحرير بقية الارض بالمفاوضات السياسية والدبلوماسية، موضحا ان امتزاج هاتين القوتين فى الغرب يطلق عليها حاليا «القوة الذكية»، وهذا أحدث مفهوم لاستخدام القوة فى العلوم السياسية والاستراتيجية توصل اليه الغرب حاليا فى امريكا . واكد الحلبى أن الرئيس السادات هو أول من توصل لمفهوم القوة الذكية فى حرب اكتوبر وتحرير سيناء، وهو المزج بين القوتين فى استراتيجية واحدة فاعلة، قبل وصول الغرب لهذا المفهوم بسنوات طويلة، موضحا ان ذلك كان احترافا شديدا جدا من الرئيس السادات، حيث إنه حقق الاهداف النهائية للدولة بكفاءة شديدة، وهذا يدرس حاليا فى الغرب تحت مفاهيم جديدة، مشيرا الى انه لابد ان يعلم الجميع بأمانة شديدة ان هذا المفهوم هو مفهوم مصرى أصيل توصل اليه الرئيس السادات، ولم تفهم المنطقة وقتها هذا المفهوم ووقفوا ضد مصر، وكانت رؤية الرئيس السادات واضحة فى ضرورة الجلوس على مائدة المفاوضات مباشرة بعد الحرب مع الطرف المنكسر دون الانتظار لعملية سلام مع جيل آخر لم يشارك فى الحرب من الاساس، مشيرا الى انه كان من الخطأ الشديد عدم دخول الدول العربية مع مصر فى عملية السلام. وعن الشائعات التى تروج فى ان سيناء منزوعة السيادة قال الحلبي، إن معاهدة السلام نصت صراحة علي« أن كل دولة تحترم الدولة الاخرى ولها كامل سيادتها على كامل الارض»، وأن ما يحدث ما هو الا ترتيبات امنية فى توزيع للقوات يضمن ويبنى جسور ثقة، ان لا نية للحرب، وأن هذه الترتيبات لها حجم معين من القوات، موضحا ان مصر حاليا زودت حجم هذه القوات فى سيناء لمكافحة الارهاب، وهذا معناه ان الترتيبات الأمنية تتم مراجعتها عدة مرات وبقبول ورضا الدولتين، وهذا احتراف آخر للدولة المصرية لتعديل ومراجعة هذه الترتيبات بقبول المجتمع الدولى والدولتين.