على مدى 200 عام من التفاعل المباشر مع الغرب، توجه مئات الآلاف، وربما ملايين المصريين والعرب إلى أوروبا وأمريكا للتعلم أو الزيارة أو الإقامة، لكن أفكارهم ونظرتهم للحياة ظلت كما هي، وكأنهم لم يبرحوا بلادهم، باستثناء قلة نجحت فى معرفة أسباب تقدم الغرب وتخلفنا. وهذا لا يعنى أن من عرف، كان فيلسوفا أو مفكرا، بل إنسان عادى تعامل مع الغرب ولم ينغلق على نفسه وأسرته وأبناء جلدته، كما يفعل الغالبية من قومنا بمن فيهم أصحاب عقول متميزة سافروا للحصول على أعلى الدرجات العلمية أو شغلوا مناصب دبلوماسية هناك. النجم محمد صلاح من القلة التى فهمت الغرب، فهو لم يأخذ وقتا فى إدراك أن الكفاءة والتميز والدأب هى معيار الحكم على الناس، وليس القرابة والنفوذ والغني، كما أدرك أن المنافسة سر التقدم، وطالما كنت قادرا ولديك ما لا يمتلكه الآخرون، فسيحملونك على الأعناق.أما إذا فقدت هذه الصفات انتهى أمرك. قبل أيام، احتلت صورة صلاح غلاف مجلة التايم باعتباره ضمن المائة الأكثر تأثيرا عالميا. وبصراحة وجوده بالقائمة لم يبهرني، فهناك قوائم تظهر من حين لآخر فى مجلات عالمية عديدة. ما أبهرنى وجعل المجلة، فى اعتقادي، تضع صورته على غلافها، طريقة تفكيره ورؤيته المتحضرة للحياة خاصة دعوته إلى تغيير طريقة تعاملنا مع المرأة فى مجتمعاتنا، فهى تستحق أكثر مما تناله حاليا. يا الله.. بينما مازال عندنا من يشكك فى دور ومكانة المرأة، يأتى صلاح ليوضح لنا أن الفارق بين المجتمعات المتقدمة والمتخلفة يكمن فى احترام المرأة والأقليات والآخر. نجمنا المحبوب يؤكد لنا بكلامه أنه تجاوز كونه مجرد لاعب بل أصبحت لديه رؤية للحياة ونهضة المجتمعات. قبل ذلك، كتب صلاح على تويتر محذرا من التعصب الأعمي، وفوجئنا بمن يقول له: خليك فى حالك، لا علاقة لك بما يحدث عندنا. ومن عجب أن صلاح ينضج كل يوم ليس فنيا فحسب بل فكريا وإنسانيا، وبعضنا مازال يركز فى شعره وذقنه ويسفه ما يقوله.. للأسف هذه هى عقولنا وهذه قدراتنا. [email protected] لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام