لم تكن الأهرام بعيدة عما يجرى فى الجزائر، وقد تميزت تغطيتها للحراك الشعبى الذى يدور هناك منذ فبراير الماضي، بحيدة ومهنية شديدتين، حتى كتابات الرأى لم تنحز لطرف ضد آخر. ولعل ما كتبه الصديق شريف جوهر أقدم محرر شئون عربية بالأهرام تحت عنوان: بوتفليقة..63 عاما من الإنجازات والإخفاقات, يعد علامة فى كيفية تناول مثل تلك الموضوعات، وبحكم خبرته الطويلة وما تعلمه من والده الراحل حمدى جوهر الذى يعد من أشهر المحررين الدبلوماسيين فى تاريخ الإعلام المصري، لم ينسق شريف الى كيل الاتهامات الى الرئيس الجزائرى المستقيل عبد العزيز بوتفليقة باعتباره ماضيا، وإنما تحلى تحليله بموضوعية شديدة ليتناول تاريخ الرجل الذى خدم الجزائر طوال حياته المهنية وكان أقدم وزير خارجية لبلاده بعد ثورتها وهو فى سن ال26، وتولى أدوارا عسكرية وسياسية مهمة سيتذكرها التاريخ له. وبمنتهى الحيادية أيضا تناول شريف جوهر أكبر خطأ لبوتفليقة عندما لم يدرك مطالب شعبه بالاكتفاء بما قدمه والبحث عن بديل يدير البلاد فى المرحلة المقبلة. لم يكن جوهر وحده صاحب هذا التميز، فجاءت بنفس القدرة والتحليل المنطقى المحايد كتابات مديرى التحرير محمد صابرين ومنصور أبو العزم، اللذين صقلتهما خبراتهما المتراكمة فى مجالى الشئون الدولية والعربية وعملهما فى جنوب إفريقيا واليابان ومهامهما الدولية الكثيرة. وكان صابرين سباقا فى إسداء النصح للشارع الجزائرى بضرورة العلم بأن طريق الإصلاح طويل وأن تغيير الوجوه القديمة وتطبيق الديمقراطية لن يحقق الآمال فى لحظة، مع تنبيهه قيادات الدول الى ضرورة الانتباه الى معاناة الشارع العربى وتحقيق تطلعاته والقضاء على الفساد. وألقت تحليلات منصور أبو العزم الضوء على أكثر الأسباب موضوعية للثورة الجزائرية عندما تطرق الى الأزمات الاقتصادية فى بلد المليون شهيد الذى يفترض أن يعيش شعبه حياة رغدة لما تملكه بلاده من ثروة بترولية وغاز طبيعي..ويكفى أن الفساد هبط بالاحتياطى النقدى من 177 مليار دولار عام 2014 الى 67 حاليا، ناهيك عن فساد يصل حجمه الى 60 مليار دولار و15 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر. لمزيد من مقالات محمد أمين المصرى