يقضى الشخص الطبيعى ما بين ثلاثين دقيقة وساعة كاملة فى اليوم، متنقلا بين مواقع السوشيال ميديا، لمتابعة ما يجرى فى محيطه الاجتماعى الافتراضى، فقل لى كم من الوقت تقضيه، متصلبا أمام جهاز الكمبيوتر، أو شاشة هاتفك المحمول؟ انه الادمان ياعزيزى، أو ما يسمى حسب دراسة بريطانية حديثة «الادمان الوجهى»، وهو ذلك النوع من الإدمان على الصورة التى يرى بها مستخدم السوشيال ميديا نفسه، والذى يتراوح دائما ما بين صورة «بوز البطة» للعديد من الفتيات، أو «صباع التفكير» لدى قطاع كبير من الشباب، وقد انعزل كثير منهم عن الواقع، ولجأوا الى ذلك العالم السحرى على «فيس بوك»، يبنون فيه عالمهم الخاص، بكل احباطاته وآماله ونجاحاته، إن وجد لها مكان. وتقول دراسة حديثة صدرت مؤخرا عن جامعة ديربى الانجليزية، إن ادمان مواقع السوشيال ميديا، يسهم فى بناء ما يسمى ب «طبقة أخرى من الذات» التى تتغذى على لايكات المعجبين، وهو إعجاب لا يعكس بالضرورة صورة دقيقة للطبيعة الحقيقية للفرد، فما تنشره الحبيبة الافتراضية من صور، تبدو فيها أقرب ما تكون الى «صوفيا لورين» فى أوج شبابها، لا يعنى أنها فى الحقيقة على هذا القدر من الجمال، وما ينشره العاشق الافتراضى من قضايا فلسفية على صفحته الشخصية، منقول بالحرف الواحد من مواقع دوريات متخصصة على شبكة الانترنت. وتقدر احصائيات حديثة عدد مستخدمى الانترنت فى مصر بنحو خمسين مليون مواطن، يستخدم نحو 30% منهم تقريبا مواقع التواصل الاجتماعى، سواء عبر أجهزة الكمبيوتر المنزلية، أو الهواتف الذكية، والظاهرة لا تقتصر على عالمنا العربى، لكنها تمتد لتطول العديد من بلدان العالم، وهو ما دفع مؤخرا إحدى الشركات الامريكية إلى الاعلان عن أول هاتف غبى، فى مواجهة الالاف من الهواتف الذكية التى تدهمنا إعلاناتها يوميا، عبر الصحف والمحطات الفضائية، وبحسب الخبر الذى بثته وكالات الأنباء فان هذا الهاتف الغبى، سوف يقوم بمزايا محدودة، لن تتجاوز إجراء المكالمات، وإرسال الرسائل، فضلا عن الارشاد عن الاتجاهات وضبط المنبه، وهو ما يعنى أن مستخدميه لن يكون بامكانهم، الوصول إلى التطبيقات الخاصة بالمنصات الاجتماعية، مثل «فيس بوك وتويتر وانستجرام» وغيرها. ورغم أن الشركة المنتجة لهذا الهاتف الغبى، تقول إنها تراهن على فئة كبار السن فى رفع المبيعات الخاصة بهذا الهاتف، فإننى أعتقد أنه سوف يلقى رواجا كبيرا خلال السنوات المقبلة، وربما يكون كاتب هذه السطور أحد زبائنه المحتملين، لأننى أفكر جديا منذ فترة، فى إغلاق كل حساباتى على مواقع التواصل الاجتماعى، لأنضم إلى صفوف الجماهير التى لم تفقد عقلها بعد، وقاومت بكل شرف، تجربة الدخول إلى تلك المنصات الافتراضية، وهذا العالم الساحر الملىء بالزيف والأكاذيب. فهل تفعلها معى؟. لمزيد من مقالات أحمد أبوالمعاطى