يعد شهر مارس من أكثر الشهور التى شهدت ميلاد العديد من الشعراء الكبار فى الوطن العربى الذين تَرَكُوا بصمة فى تاريخ الشعر.. ويلاحظ أن بينهم صفات مشتركة أهلتهم لكى يحتلوا هذه المكانة الرفيعة من خلال مشوارهم الطويل، ومن أهمها الرومانسية والتفاؤل وشغفهم بكل أنواع الفنون بالإضافة إلى كثرة التنقل وحبهم الشديد لأوطانهم، وكلها صفات تعكس نفحات موسم الربيع بما يحمله من تغيير وانتقال من فصل الشتاء إلى فصل الصيف.. ومن أبرز هؤلاء الشعراء: الشاعر السورى نزار قبانى هو نموذج للمواهب الفذة التى تتمثل فى مواليد شهر مارس. إذ تأثر ببيئته الربيعية التى ترعرع فيها منذ الصغر. ولد نزار فى سوريا يوم 21 مارس 1923بداية فصل الربيع و تفتحت عيناه منذ كان عمره خمس سنوات حتى اثنى عشر عاماعلى الألوان المبهجة فى منزله الدمشقى الذى كان يمتلئ بأصناف متنوعة من الزرع منها الريحان والنعناع والزهور مثل الياسمين، وكلها غرست فى نفسه حب الطبيعة الخلابة التى انعكست على دواوين شعره فيما بعد.. ومثل كل مواليد هذا الشهر فهم شغوفون بمختلف أنواع الفنون منها الموسيقى، حيث تتلمذ على يد متخصصين، وأتقن العزف على العود وهو فى المرحلة الثانوية، كما حفظ شعر كبار الشعراء القدماء ومن بينهم قيس بن الملوح، تنقل نزار كثيرا فى بلاد مختلفة منذ كانت سنه ستة عشر عاما ومن خلالها كتب أبياتا شعرية اقتبسها من الشواطئ والأمواج التى أوجدت فى داخله الخيال الواسع. ثم درس فى كلية الحقوق جامعة الإسكندرية عام 1941. ولكن رغم حياته العملية ووصوله إلى منصب سفير فى بلاد عديدة فإن الشعر ظل شغفه الأول. ولا أحد يستطيع أن ينكر أن لنزار قبانى حالة ثقافية خاصة ومدرسة شعرية متفردة لما فيها من جرأة فى اللغة واختيار الموضوعات. وله دور بارز فى تحديث الشعر. قصائده كلها تحتوى على الحب وتجسيد مشاعر المرأة باقتدار، ومن أبرزها «قالت لى السمراء» كما أن لديه دواوين رائعة فى حب الوطن من أهمها «هوامش على دفتر النكسة»، كما غنى قصائده كبار المطربين والمطربات من أهمهم أم كلثوم وفيروز وَعَبد الحليم حافظ وكاظم الساهر ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد وماجدة الرومى. توفى نزار فى 30 أبريل عام 1998 عن عمر يناهز خمسة وسبعين عاما تاركا وراءه إرثا ثقافيا كبيرا لأجمل دواوينه التى ابتدعها خلال مشواره الطويل فى مجال الشعر لتتعلم منها الأجيال من بعده. محمود بيرم التونسى الشاعر المصرى ذى الجذور التونسية، ولد فى 23 مارس 1893. ويعد من أشهر شعراء العامية، عمق صداقته مع سيد درويش وألف له مسرحية شهرزاد. كما ألف أغانى عدة، وتعامل مع كبار المطربين فى العالم العربى من بينهم أم كلثوم وفريد الأطرش وأسمهان، واشتهر بالأزجال وتفرد فى تأليفها.ومن أهم أعماله «بيرم والمقامات»، و«ازهار وأشواك»، و«بيرم التونسى الأعمال الزجلية»، بالإضافة إلى عمله صحفيا لسنوات طوال فى صحف مصرية عدة وكانت لديه مجلة باسم «المسلة» أصدرها خصيصا لمحاربة الاستعمار الإنجليزى قبل ثورة 1952. ومازالت أعمال بيرم التونسى حية بيننا وتعد تراثا كبيرا، خاصة فى مجال العامية، وللدكتور طه حسين مقولة معروفة بأنه يخشى على الفصحى من عامية بيرم. فمثله مثل كل مواليد شهر مارس هو فنان كثير السفر وثائر ومحب لوطنه لذا سمى «فنان الشعب». ومن هؤلاء الشعراء أيضا الشاعر الفلسطينى محمود درويش فهو من مواليد 13 مارس 1941، ولديه أيضا موهبة كبيرة فى الشعر والكتابة، ولد فى الجليل بفلسطين وارتبط شعره بالثورة والوطن، وانتقاله بين بلاد عدة أكسبه أفكارا شعرية متجددة، ومن البلدان التى زارها مصر وروسيا ولبنان حيث اكتشفه الشاعر والفيلسوف اللبنانى روبير غانم.اشتهرت دواوينه بالجرأة ومنها«أنا الموقع أدناه»، و«لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهى»، و«لماذا تركت الحصان وحيدا» .