واقعة نادرة تعكس أسمى معانى الوفاء، حيث تبرع شاب بالإسكندرية لصديقه بالفص الأيمن من كبده لإنقاذ حياته. يقول محمود عبدالله صاحب الأربعة والعشرين ربيعا الذى تبرع بكبده، إنه تعرف على صديقه عبدالله خلال سنوات الدراسة بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، واستمرت تلك الصداقة بعد التخرج عام 2017. ويضيف: أن الجميع كان يعلم أن عبدالله لديه مشكلة فى الكبد، وعقب إجرائه العديد من الفحوصات الطبية أكد الأطباء أنه لابد من إجراء عملية زراعة كبد، موضحًا أنه كان يتابع معه حالته الصحية أولاً بأول، وأن أسرة صديقه أجرت الفحوصات الطبية اللازمة للتبرع له، إلا أنها لم تصلح لكون فصيلة دمه نادرة، وعندما أخبرنى بذلك عرضت عليه التبرع بجزء من كبدى لإنقاذ حياته. ويشير محمود إلى أن صديقه فى بداية الأمر لم يصدق، ولكنه أكد له استعداده التام للتبرع، وبالفعل بدأ فى إجراء الفحوصات الأولية فى شهر أكتوبر الماضى والتى أكدت إمكانية التبرع، ومن ثم خضع للعديد من الفحوصات الدقيقة للبدء فى عملية النقل. وعن تلقى أسرته خبر تبرعه بجزء من كبده، أوضح محمود أنه جمع أسرته فى رسالة هاتفية جماعية نظرًا لتواجدهم فى أماكن متفرقة، وبدأ حديثه معهم بالآية القرآنية: «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا»، وأخبرهم بقراره، والذين أكدوا له أن ما يفعله ثوابه عظيم عند الله. ويضيف: لكن أسرتى كانت قلقة على حياتى وتأثير العملية الجراحية على صحتي، ولكن عقب استشارة الأطباء وتأكيدهم أن الكبد سوف يعود كما كان بكامل حجمه وعدم تأثر صحتي، أقدمت على هذه الخطوة. ويشدد محمود على أنه لا يعتبر ما قام به عملاً بطوليًا، مشيرًا إلى أن زملاءه وقفوا بجانب عبدالله وقاموا بالتبرع بالدم خلال إجراء العملية. وكشف محمود عن رد فعل أسرة صديقه، قائلا: «كانوا فرحانين جدا أنى هتبرع لابنهم وأصبحوا يعاملوننى مثل نجلهم بالرغم من عدم وجود تواصل بينى وبين أهله من قبل». ومن جانبه، يقول الدكتور أحمد الجندي، منسق وحدة زراعة الكبد بمستشفى «المواساة» الجامعي، والمشرف على العملية الجراحية إن عملية التبرع استغرقت 8 ساعات وعملية نقل الكبد إلى جسد عبدالله استغرقت 12 ساعة، شارك بها فريق طبى متكامل، وتحملت تكلفتها جامعة الإسكندرية كونهما طالبين بها. ويضيف الجندى أن الفحوصات التى تم إجراؤها كانت مطمئنة، إلا أننا اكتشفنا أن كبد محمود به تغير خلقى فى الأوردة المغذية لفصوص الكبد إذ كان لديه وريد زائد، وهو ما يطلق عليه «ثلاثى التفريع»، مشيرا إلى أن ذلك جعل العملية الجراحية أصعب وأدق. ويوضح الجندى أن اللجنة الطبية عرضت الأمر على المتبرع والذى أعلن تمسكه بقراره وموافقته على التبرع، مؤكدًا أن العملية تمت بنجاح والطالبين حالتهما مستقرة وسيتم نقل «عبد الله» من غرفة العزل خلال أيام. ويشير الجندى إلى أنه لأول مرة يصادف هذه الحالة بأن يقوم صديق بالتبرع لصديقه، مرجحًا أنها الواقعة الأولى التى تشهدها جميع مراكز زراعة الأعضاء على مستوى الجمهورية،.