دائما ماننادي وننكرر بأن الأطفال هم ذخيرة الوطن وآمانه المستقبلي, وأن التنمية البشرية الحقة تبدأ بالإهتمام بهم.. ونتفق جميعا أفراد ومؤسسات علي أن مشروع الدولة الذي لايهتم بالطفل هو مشروع فاشل وعقيم ونتنبأ له بالبوار والخسران.. نتفق جميعا علي المعطيات, ولكننا أبدا لا نصل إلي نفس النتائج. فإذا تناولنا آراء القائمين علي شأن الطفولة نجدهم يصنفون قضايا الطفل إلي, قضايا عامة تشمل الإهتمام بالطفل وتثقيفه, ورعاية الأطفال المبدعين, والمتفوقين علميا ورياضيا. وقضايا عاجلة وملحه; وتشمل مشكلات أطفال الشوارع, رعاية الأطفال صحيا, الحقيقة أن مشكلات الصحة والتعليم تبتلع كل ميزانية الدولة حيث لا يتبقي شيئ للثقافة ورعاية الموهوبين والنابغين من الأطفال, ونعذر من يعتبر تثقيف الطفل رفاهية في مجتمعاتنا, وينادي بضرورة التضحية بتلك الرفاهيات غير الضرورية, والتركيز علي الأساسيات فقط.. وربما من واجبنا هنا ونحن نري أن من حق أصحاب تلك النظرية أن يروا الأمور علي هذا النحو, إلا أننا يجب أن نلفت أنظارهم في ذات الوقت إلي أنهم بذلك يضحون بمستقبل الوطن في الفترات القادمة: فمعني أن نهمل حاجات الأطفال الطبيعين في تعليم متميز, ونرجئ رعاية المبدعين والمتفوقين منهم بدعوي أن هناك فئات هي الأولي بالرعاية ذلك يعني بالتأكيد أننا لن نقدم لمصر في الفترات القادمة علماء أو مبدعين أو نابغين; معناه أننا لا نريد مستقبل أفضل للأجيال القادمة.. فإذا كنا ننادي بضرورة وضع مناهج بديلة لهؤلاء النابهيين, كذلك التدريس لهم بطرق واستراتيجيات تتناسب مع ماوهبهم الله سبحانه وتعالي من موهبه وليس وسط الأطفال العاديين ومعاقبتهم علي أنهم مختلفون; فمن المعروف أن الطفل المبدع أكثر استعدادا للإنطواء أو حتي الإكتئاب إذا ماعومل بنفس الطريقة التي يعامل بها الآخرون.. كما أنه يحتاج أن تنتهج أساليب مختلفة في تعليمه كمبدأ الإسراع في التعليم, وعدم التكرار, كما أنه يكره الحشو والتطويل سواء كان ذلك في طرق التدريس أو الكتاب المقرر, ودائما مانوصي المعلمين بأن يكتشفوا هؤلاء الأطفال مبكرا ليتمكنوا من الاستفادة من موهبتهم, ورعايتها حتي تثمر, وأن يتخذوا من هذا المبدع الصغير مساعدا لهم داخل الفصول حتي نحميه من الملل والإنفصال واقعيا عن أقرانه.. نحن نتكلم هنا عن أوجه رعاية المبدع دراسيا, واجتماعيا, وثقافيا وبدون ذلك تضيع موهبته للأبد, أو لاتكتشف علي الإطلاق ويخسر حصاد نتائجها المجتمع ككل, وليس فرد المبدع وأسرته فقط.. فهل نحن علي استعداد للتضحية بالمجتمع وتقدمه, ورفعته في سبيل رفع شعار حماية ورعاية الفئات الأكثر إحتياجا في المجتمع, وتوفير تعليم سطحي لايفيد الأفراد ولا الجماعات ولا يفرخ سوي صور نمطية مكرره, أم يمكننا الاهتمام بالفئات الأكثر إحتياجا, وإلي جانبها توفير أنواع متميزة من التعليم والثقافة تقوم علي تطبيقها مؤسسة وطنية واحدة تختص بوضع خطط واستراتيجيات موحدة, تراعي كل الفئات وتدعمها منظمات التربية والصحة والثقافة.