جامعة القاهرة تبدأ استعداداتها لاستقبال مكتب التنسيق الإلكتروني للقبول بالجامعات والمعاهد لعام 2025    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 الترم الثاني محافظة قنا    خطاب: "القومي لحقوق الإنسان" ساهم في حل التحديات بملف الجنسية    احتفالية بمرور 10 سنوات على برنامج الدعم النقدي «تكافل وكرامة»    وزير التعليم العالى يعلن رؤية الوزارة لإطلاق جيل جديد من الجامعات المتخصصة    ارتفاع أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 14.2% على أساس سنوي خلال إبريل الماضي.. و4.1% على أساس شهري    استمرار حصاد وتوريد القمح بدمياط    الجريدة الرسمية تنشر قرار نزع ملكيه أراضى بقنا لتطوير 5 مزلقانات    البورصة تعلن عن انتهاء الخلل التقني بنظام تداول حقوق الاكتتاب    توجيهات جديدة من محافظ المنوفية بشأن التصالح على مخالفات البناء    وزير الخارجية الإيراني: طهران لن تتنازل عن حقوقها النووية    البابا لاوون الرابع عشر يدعو لوقف إطلاق النار في غزة    القاهرة الإخبارية: ارتفاع ضحايا غارات الاحتلال على غزة منذ الفجر ل16 شهيدا    مرشح حزب سلطة الشعب بكوريا الجنوبية يسجل ترشحه للانتخابات الرئاسية    بالقوة الضاربة.. تشكيل تشيلسي ضد نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي    سيتى كلوب تضع اللمسات النهائية لإقامة مباراة مصر وغانا بأمم أفريقيا للشباب باستاد السويس    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طالب فى مشاجرة ل15 يونيو    القاهرة تُسجل 40 مئوية.. بيان عاجل بشأن حالة الطقس الآن: «ذروة الموجة الحارة»    تبدأ خلال 3 أسابيع.. جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي الترم الثاني 2025 بالإسكندرية    إصابة 3 أشخاص في حادث اصطدام سيارة بالرصيف بالفيوم    الداخلية تقدم تسهيلات للحالات الإنسانية ب"الجوازات والهجرة"    إنقاذ 6 أشخاص سقطوا في بئر بالظهير الصحراوي بالمنيا    فنانون يتحدثون عن رحلة عادل إمام فى الوثائقى "الزعيم" قريبًا على "الوثائقية"    صحة غزة: 2720 شهيدا و7513 مصابا منذ استئناف الاحتلال الحرب فى 18 مارس    تكريم مازن الغرباوي بمهرجان المعهد العالي للفنون المسرحية    لا يهم فهم الآخرين.. المهم أن تعرف نفسك    "المغاوري" يعلن موافقته على قانون تنظيم الفتوى الشرعية    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟ .. الأزهر للفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    مدير تأمين صحى الفيوم يتفقد العيادات الخارجية ويوصى بتسهيل إجراءات المرضى    من هو سيحا حارس مرمى الأهلي الجديد الذي سيتواجد بكأس العالم للأندية؟    محافظ الدقهلية يتفقد مركز دكرنس ويحيل رئيس الوحدة المحلية بدموه للتحقيق    صندوق الإسكان الاجتماعي يحصد 3 شهادات اعتماد «أيزو»    استئناف المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في جنيف    رئيس الوزراء يشارك في احتفالية "تكافل وكرامة" ويكرم عددا من شركاء النجاح.. صور    الثقافة تختتم الملتقى 21 لشباب المحافظات الحدودية بدمياط ضمن مشروع أهل مصر    البرلمان يفتح ملف العلاوة وزيادة الحافز للعاملين بالدولة ومنحة خاصة لشركات القطاع العام    قبل شهر من مواجهة الأهلي.. ماسكيرانو: إنتر ميامي يعاني من مشكلات دفاعية صعبة    النيابة تصرح بدفن جثة طالب أنهى حياته شنقا بسبب سوء معاملة أسرته في أبو النمرس    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    لرغبتها في استمراره في أوربا .. زوجة كوتيسا تعرقل صفقة انضمامه للزمالك    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    تامر عاشور يلتقي جمهوره في حفل غنائي بدبي 16 مايو    روز اليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» عبدالصبور شاهين مثقف تحول إلى تكفيرى من أجل المال "الحلقة 4"    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    الصحة: افتتاح 14 قسمًا للعلاج الطبيعي بالوحدات الصحية والمستشفيات    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    الرئيس الفرنسي: مقترح بوتين بشأن المفاوضات مع كييف خطوة غير كافية    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    تقرير أمريكي يصدم إسرائيل: ترامب سيعترف بدولة فلسطين خلال أيام    سامي قمصان يتحدث عن.. رحيل كولر.. المشاركة في كأس العالم للأندية.. وفرصة عماد النحاس    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    «التعاون الخليجي» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    بالنسبة لهم أكثر من مجرد أكلة.. 5 أبراج تتمتع بمهارات طبخ ممتازة    «لا أفكر في الأمر».. رد مفاجئ من جوميز على أنباء تدريبه الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(بوبجى) أميراً لمُجاهدى (نيوزيلاندا)

صبيحة جُمعَةٍ من أيام واقعنا القاسي، ينطلق شابٌ استرالى مُدَججًا بالسلاح، نحو مسجدين فى الدولة الساكنة بالمحيط الهادى (نيوزيلاندا)، ينطلق قائدًا سيارته فيما تنبعث موسيقاه الخاصة من حوله، وتلتصق به (كاميرا) تُوَثِق دقائق التوحش وتبثها عبر شبكات التواصل الاجتماعى لحظة بلحظة، فيما تتابع تعليقاتٌ آنيةٌ تحتفى وترحب، يقتحم (الذئب المنفرد) ساحات أهدافه لتتناثر فوارغ الطلقات مع تناثر الجثث والأشلاء، وليكون على إدارة العالم أن تواجه توحشًا صُنِعَ على عينيها!.
دعونا ننطلق بعيدًا عن خانات الشجب والإدانة والرفض، ونتحرك بعيدًا عن ساحات صلوات الخشوع وقفات الشموع ودعوات الدموع، ونُعمِل العقول دون أن تكبلها أهوال الصدمات، وأصوات الطلقات، وأوجاع الآهات، ومشاهد رحيل أرواحٍ مغدورات، فالتهديد ليس موجًها صوب منْ غُدِروا، والهدف ليسَ منَ آمَنَ بإلهٍ أو أنكر، والمُستهدَف لن يكون مسجدًا أو كنيسة أو معبدًا أو كنيسا، ولن يقف عند حدود ملهيً ليلي، أو مسرحٍ أو ساحة مهرجان فنى أو ملتقى ثقافى أو تجمع روحانى صوفي، ولقد سبق أن قرَع المِدادُ كل نواقيس الخطر فى آذان الوعى الإنسانى عبر سلسلة مقالاتٍ بدأت عام 2017، يمكنُ للقارئ الرجوع إليها فى أرشيف الأهرام بحثًا عن عناوين أساسية هى (الذئاب المنفردة) و (جند الفزع)، وفى المقالات ما يمكن توصيفه بحصاد بحث مستمر- عن تطور استراتيجيات وأدوات صناعة (الفزع).
والسؤال الذى يجب أن نطرحه على ضمير الإنسانية فى القرن الحادى والعشرين، هل حقًا تألمت إدارات العالم لمشاهد الدماء التى سالت فى مسجدى نيوزيلاندا، أو فى كنيسة القديسين بمصر أو فى احتفالٍ شيعى بالعراق، أو فى عرسٍ استهدفه القصف باليمن، أو فى استهداف مقر شارل إبدو فى فرنسا، أو فى ملهى ليلى فى أمريكا؟.وحتى نتمكن من مجابهة الخطر المحدق بالإنسانية، علينا أن نكون أكثر صراحة فى طرح التساؤلات على ضمير الإنسانية، هل كل أدوات الانتشار لجراثيم العنف والتطرف والإرهاب المؤدية لشيوع الفزع تتنامى بعيدًا عن رعاية إدارات عالمية لها، وهل تتطور هذه الأدوات دونما رصدٍ من أجهزةٍ أمنية عالميةٍ؟، وحال الرصد هل يتمُ تجفيف منابع هذه الأدوات أم يُصبِح استثمارها أكثر فائدةً من تقويضها؟.
بحسب ما هو مُعلن فإن تاريخ 23 مارس 2017 شهدَ ميلاد أول نسخة للعبة إلكترونية تحمل اسم PlayerUnknowns Battlegrounds ويُرمز لها اختصارًا ب (pubge)، وتعنى (ساحات معارك اللاعبين المجهولين)، وخلال عام واحد تم تطوير اللعبة لتُصبح فى متناول كل حاملى الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر فضلاً عن أجهزة الألعاب، كان هذا التطوير بتضافر جهود شركتين عالميتين هما (تينسنت) و (بلوهول) وهذه الأخيرة أضافت اللغة العربية على اللعبة، كان وجود دعاية للعبة عبر صفحات التواصل الاجتماعى التابعة للخلايا النوعية الإخوانية أمرا مثيرا للتساؤل، غير أن تتبع واقع اللعبة يُشير إلى إنها تعتمد على القَنصْ ويُمكن أن يتم لعبها فى مجموعات تصل إلى 100 لاعب يستهدف كلُ منهم أن يكون الناجى الأخير ليفوز ففى بداية كل مباراة يقفز اللاعبون من «طائرة» بالمظلات على «جزيرة» دون أن يكون بجعبتهم أية أسلحة، وبمجرد هبوطهم، يبدأ كل لاعب البحث فى المبانى وغيرها من المواقع للعثور على «الأسلحة» والمركبات، وغيرها من المعدات التى يتم توزيعها عشوائيا فى جميع أنحاء الخريطة وبها تبدأ مهمته فى القتل.(بوبجي) ليست سوى لعبة من ضمن ألعاب كثيرة، غير إنها تفتح ساحات تدريب إلكترونية على كل ما يخص السلاح والقتل، والأكثر إدهاشاً أنها تفتح وسائل تواصل مباشرة بين مقاتلين لا يعرفون بعضهم البعض، ويُمَثِل التعاطى مع السلاح بتفاصيله حوارًا طبيعيًا فى سياق لعبة محورها القتل ورسالتها (اقتل لتضمن بقاءك وتفوز)، عبر هذه اللعبة وغيرها بالتأكيد تُثبت ماكينة المال فى العالم أنها بلا قلب، وأنها فى سبيله قادرة على فتح حاضنات إلكترونية تتجاوز أى رقابة لتمنح كلُ مُشَوَه فرصته ليتحول إلى ذئب منفرد!. إن لملمة ساحات صناعة جند الفزع فى العراق وسوريا ليس نهاية معركة الإنسانية مع الفزع، وإنما بداية لمرحلة جديدة من تطور جنده وأدواته، وما (بوبجي) إلا نموذج لما آلت إليه أوضاع صناعة الفزع، وهو النموذج الذى كان لا يمكن استيعابه إلا عبر صدمة بحجم جريمة إرهابى (نيوزيلاندا)، ولا يعنينا أبدًا خلفياته الدينية والعرقية والثقافية والجنسية، فجميعها ليست الأساس فى استخدامه قدر ما هو مهم أن نستوعب أن (الذئاب المنفردة) أو (جند الفزَع) الجدد متفقون فى عنصر واحد هو التشوه النفسى القابل للاستخدام من قبل آخر يقوم بتعبئته وتوجيهه ليتحول إلى (بوبجي) قادر على أن يتم إسقاطه فى أى ساحة ليتحصل على أسلحته ويطورها ثم يبدأ فى مهمته من أجل البقاء، وليتوج فائزاً أميرًا لمجاهدى مصر أو نيوزيلاندا، لا يهم اسم الساحة طالما فيها إنسانٌ يجب أن يُقتل..
لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.