أسماء القائمة الوطنية من أجل مصر المرشحة بدائرة شرق الدلتا    ثلاثة من أعضاء هيئة التدريس بجامعة طنطا ينضمون لعضوية اللجان الوطنية    جامعة كفر الشيخ تشارك بوفد طلابي في فعاليات ملتقى "قادة الغد"    حملة لإزالة التعديات على الأراضي أملاك الدولة بحي السلام أول    بوتين وترامب يبحثان هاتفياً تسوية الأزمتين الأوكرانية والشرق الأوسط    باحث سياسي: ترامب يسعى للسلام هربًا من الإدانة.. ورغبته في نوبل تُخفف الصراع    سالم الدوسرى يحصد جائزة أفضل لاعب فى آسيا لعام 2025    مواجهات نارية في ذهاب دور ال32 من دوري أبطال إفريقيا 2025    بينهم محمد صلاح، كريستيانو رونالدو يتصدر قائمة أعلى 10 لاعبين أجرًا في العالم    حبس المتهمين بالتعدي على طفل وإصابته بقصد ترهيبه في حلوان    أبرزهن يسرا ونيللي كريم.. إطلالات مميزة لنجمات الفن في افتتاح مهرجان الجونة السينمائي    السبت.. ملتقى القاهرة للمسرح الجامعي يكشف تفاصيل دورة كوكب الشرق    الحليب المكثف المحلى في البيت.. وصفة سهلة بطعم لا يقاوم    صحة بني سويف تُطلق حملة في 188 مدرسة للتوعية بصحة الفم والأسنان    نائب محافظ القاهرة تتابع تطبيق قانون التصالح بحي شرق مدينة نصر    محمود الخطيب: "لأول مرة أفكر في نفسي قبل الأهلي.. وهذا سر التراجع"    عاجل- رئيس الوزراء يطمئن ميدانيا على الانتهاء من أعمال تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه    حسن مصطفى: كنت أتمنى التنسيق بين حسام حسن وحلمي طولان في اختيارات اللاعبين    السعودية وباكستان تبحثان جهود تهدئة الأوضاع في المنطقة    سكك حديد مصر تعلن موعد تطبيق التوقيت الشتوي على الخطوط    حجز قضية اتهام عامل بمحل دواجن بالخانكة بقتل شخص بسكين لحكم الشهر المقبل    قائد القوات المسلحة النرويجية: قادرون مع أوروبا على ردع روسيا    متحدث الخارجية الهندية: مستعدون لاستيراد المزيد من الطاقة من الولايات المتحدة    يرتدي جلبابا أحمر ويدخن سيجارة.. تصرفات زائر ل مولد السيد البدوي تثير جدلًا (فيديو)    نائب رئيس مهرجان الموسيقى العربية: آمال ماهر تبرعت بأجرها ورفضت تقاضيه    حسام زكى: العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية السبيل الوحيد لهدوء الأوضاع فى غزة    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندى: رأينا بأعيننا عواقب مخالفة ولى الأمر (فيديو)    سيدات يد الأهلي يهزمن فلاورز البنيني في ربع نهائي بطولة أفريقيا    بعد مقتل رئيس أركان الحوثي.. نتنياهو: سنضرب كل من يهددنا    نائب رئيس جامعة الأزهر بأسيوط يشهد انطلاق المؤتمر العلمي الخامس لقسم المخ والأعصاب بالأقصر    قائمة بأسماء ال 72 مرشحًا بالقوائم الأولية لانتخابات مجلس النواب 2025 بالقليوبية    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    الاتحاد الأوروبي يكرّم مي الغيطي بعد اختيارها عضو لجنة تحكيم مهرجان الجونة    ضبط معمل تحاليل غير مرخص بإحدى قرى سوهاج    إصابة 3 أشخاص من أسرة واحدة فى حادث انقلاب ملاكى بقنا    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبنى سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    سحر نصر: نبدأ مسيرة عطاء جديدة في صرح تشريعي يعكس طموحات أبناء الوطن    فيريرا يكشف حقيقة رحيل أوشينج وجهاد عن الزمالك وموقفه من المعد النفسي    «يمامة» يشكر الرئيس السيسي: عازمون على تقديم رؤى تناسب الجمهورية الجديدة    وزير العدل: تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية تعزز الثقة في منظومة العدالة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    علاء عبد الهادي: مكتبة الإسكندرية نافذة مصر على العالم وتجسيد لرؤيتها الثقافية    «حظهم وحش».. 3 أبراج تفشل في العلاقات والحب    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    نبيلة مكرم تشارك في انطلاق قافلة دعم غزة رقم 12 ضمن جهود التحالف الوطني    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    فنزويلا تعمل على إقامة دعوى جنائية ضد أمريكا واتهامها بالهجوم عليها    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    بمناسبة اليوم العالمي للمكفوفين، وزارة العمل تواصل دعمها وتمكينها لذوي الإعاقة البصرية    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(بوبجى) أميراً لمُجاهدى (نيوزيلاندا)

صبيحة جُمعَةٍ من أيام واقعنا القاسي، ينطلق شابٌ استرالى مُدَججًا بالسلاح، نحو مسجدين فى الدولة الساكنة بالمحيط الهادى (نيوزيلاندا)، ينطلق قائدًا سيارته فيما تنبعث موسيقاه الخاصة من حوله، وتلتصق به (كاميرا) تُوَثِق دقائق التوحش وتبثها عبر شبكات التواصل الاجتماعى لحظة بلحظة، فيما تتابع تعليقاتٌ آنيةٌ تحتفى وترحب، يقتحم (الذئب المنفرد) ساحات أهدافه لتتناثر فوارغ الطلقات مع تناثر الجثث والأشلاء، وليكون على إدارة العالم أن تواجه توحشًا صُنِعَ على عينيها!.
دعونا ننطلق بعيدًا عن خانات الشجب والإدانة والرفض، ونتحرك بعيدًا عن ساحات صلوات الخشوع وقفات الشموع ودعوات الدموع، ونُعمِل العقول دون أن تكبلها أهوال الصدمات، وأصوات الطلقات، وأوجاع الآهات، ومشاهد رحيل أرواحٍ مغدورات، فالتهديد ليس موجًها صوب منْ غُدِروا، والهدف ليسَ منَ آمَنَ بإلهٍ أو أنكر، والمُستهدَف لن يكون مسجدًا أو كنيسة أو معبدًا أو كنيسا، ولن يقف عند حدود ملهيً ليلي، أو مسرحٍ أو ساحة مهرجان فنى أو ملتقى ثقافى أو تجمع روحانى صوفي، ولقد سبق أن قرَع المِدادُ كل نواقيس الخطر فى آذان الوعى الإنسانى عبر سلسلة مقالاتٍ بدأت عام 2017، يمكنُ للقارئ الرجوع إليها فى أرشيف الأهرام بحثًا عن عناوين أساسية هى (الذئاب المنفردة) و (جند الفزع)، وفى المقالات ما يمكن توصيفه بحصاد بحث مستمر- عن تطور استراتيجيات وأدوات صناعة (الفزع).
والسؤال الذى يجب أن نطرحه على ضمير الإنسانية فى القرن الحادى والعشرين، هل حقًا تألمت إدارات العالم لمشاهد الدماء التى سالت فى مسجدى نيوزيلاندا، أو فى كنيسة القديسين بمصر أو فى احتفالٍ شيعى بالعراق، أو فى عرسٍ استهدفه القصف باليمن، أو فى استهداف مقر شارل إبدو فى فرنسا، أو فى ملهى ليلى فى أمريكا؟.وحتى نتمكن من مجابهة الخطر المحدق بالإنسانية، علينا أن نكون أكثر صراحة فى طرح التساؤلات على ضمير الإنسانية، هل كل أدوات الانتشار لجراثيم العنف والتطرف والإرهاب المؤدية لشيوع الفزع تتنامى بعيدًا عن رعاية إدارات عالمية لها، وهل تتطور هذه الأدوات دونما رصدٍ من أجهزةٍ أمنية عالميةٍ؟، وحال الرصد هل يتمُ تجفيف منابع هذه الأدوات أم يُصبِح استثمارها أكثر فائدةً من تقويضها؟.
بحسب ما هو مُعلن فإن تاريخ 23 مارس 2017 شهدَ ميلاد أول نسخة للعبة إلكترونية تحمل اسم PlayerUnknowns Battlegrounds ويُرمز لها اختصارًا ب (pubge)، وتعنى (ساحات معارك اللاعبين المجهولين)، وخلال عام واحد تم تطوير اللعبة لتُصبح فى متناول كل حاملى الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر فضلاً عن أجهزة الألعاب، كان هذا التطوير بتضافر جهود شركتين عالميتين هما (تينسنت) و (بلوهول) وهذه الأخيرة أضافت اللغة العربية على اللعبة، كان وجود دعاية للعبة عبر صفحات التواصل الاجتماعى التابعة للخلايا النوعية الإخوانية أمرا مثيرا للتساؤل، غير أن تتبع واقع اللعبة يُشير إلى إنها تعتمد على القَنصْ ويُمكن أن يتم لعبها فى مجموعات تصل إلى 100 لاعب يستهدف كلُ منهم أن يكون الناجى الأخير ليفوز ففى بداية كل مباراة يقفز اللاعبون من «طائرة» بالمظلات على «جزيرة» دون أن يكون بجعبتهم أية أسلحة، وبمجرد هبوطهم، يبدأ كل لاعب البحث فى المبانى وغيرها من المواقع للعثور على «الأسلحة» والمركبات، وغيرها من المعدات التى يتم توزيعها عشوائيا فى جميع أنحاء الخريطة وبها تبدأ مهمته فى القتل.(بوبجي) ليست سوى لعبة من ضمن ألعاب كثيرة، غير إنها تفتح ساحات تدريب إلكترونية على كل ما يخص السلاح والقتل، والأكثر إدهاشاً أنها تفتح وسائل تواصل مباشرة بين مقاتلين لا يعرفون بعضهم البعض، ويُمَثِل التعاطى مع السلاح بتفاصيله حوارًا طبيعيًا فى سياق لعبة محورها القتل ورسالتها (اقتل لتضمن بقاءك وتفوز)، عبر هذه اللعبة وغيرها بالتأكيد تُثبت ماكينة المال فى العالم أنها بلا قلب، وأنها فى سبيله قادرة على فتح حاضنات إلكترونية تتجاوز أى رقابة لتمنح كلُ مُشَوَه فرصته ليتحول إلى ذئب منفرد!. إن لملمة ساحات صناعة جند الفزع فى العراق وسوريا ليس نهاية معركة الإنسانية مع الفزع، وإنما بداية لمرحلة جديدة من تطور جنده وأدواته، وما (بوبجي) إلا نموذج لما آلت إليه أوضاع صناعة الفزع، وهو النموذج الذى كان لا يمكن استيعابه إلا عبر صدمة بحجم جريمة إرهابى (نيوزيلاندا)، ولا يعنينا أبدًا خلفياته الدينية والعرقية والثقافية والجنسية، فجميعها ليست الأساس فى استخدامه قدر ما هو مهم أن نستوعب أن (الذئاب المنفردة) أو (جند الفزَع) الجدد متفقون فى عنصر واحد هو التشوه النفسى القابل للاستخدام من قبل آخر يقوم بتعبئته وتوجيهه ليتحول إلى (بوبجي) قادر على أن يتم إسقاطه فى أى ساحة ليتحصل على أسلحته ويطورها ثم يبدأ فى مهمته من أجل البقاء، وليتوج فائزاً أميرًا لمجاهدى مصر أو نيوزيلاندا، لا يهم اسم الساحة طالما فيها إنسانٌ يجب أن يُقتل..
لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.