منذ سنوات أعلن الاتحاد الإفريقى من نيروبى أن الأعوام 2010-2020 هى أعوام المرأة الإفريقية، وفى مصر أعلن الرئيس السيسى تخصيص عام 2017 عاماً للمرأة المصرية وذلك فى ضوء اهتمام القيادة السياسية بقدرات ودور المرأة المصرية فى عملية التنمية الشاملة، حيث خطت مصر خطوات كبيرة فى ملف تمكين المرأة، ودفعت بها قيادتها السياسية فى مراكز وزارية وقيادية رفيعة المستوى وتم تعيينها فى منصب محافظ وعمدة وقاضية وغيرها من مناصب كانت حكرا على الرجال، وانعكس ذلك بقوة على صعيد تمثيل السيدات فى الحكومة حيث توجد 8 وزيرات لأول مرة، بالإضافة إلى شغلها 30 % من التمثيل الحالى فى البرلمان المصرى ، وهو الأمر الذى أسهم بدوره فى تعزيز ودعم عمل المرأة بصورة أكثر كفاءة. وفى ظل رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى فى دورته الثانية والثلاثين لعام 2019 تحرص مصر على تحقيق التنمية والرخاء لشعوب القارة، ولا سبيل للتنمية دون تحسين وضعية المرأة الإفريقية. وتضع مصر نصب أعينها ترسيخ وتعزيز التعاون مع إفريقيا والحرص على استرداد المرأة دورها ومكانتها كأولوية، فالخطط والسياسات التى تقوم الدولة بتنفيذها على المستوى الوطنى للارتقاء بمكانة المرأة ودورها فى المجتمع على جميع الأصعدة، لا تتم بمعزل عن محيطها الإفريقى. فمع توافر الإرادة لتحقيق أهداف أجندة «إفريقيا 2063»، خاصة الهدف السادس الخاص بتمكين المرأة والقضاء على جميع أشكال العنف والتمييز ضدها، وكذلك دورها فى تحقيق الأمن والسلام والتنمية, تتبنى مصر برنامجا خاصا بالمرأة الإفريقية ضمن المبادرة الرئاسية لتدريب الشباب الإفريقى ويستهدفُ السيدات من كل أنحاء القارة الإفريقية، اللاتى لديهن سجل متميز فى مجال الإدارة والقيادة وريادة الأعمال، داخل مجتمعهن، مع إدماج مشاركات من متحدى الإعاقة، ويتيح البرنامج للمتدربات الانخراط مع القادة وصناع القرار بمصر، والشخصيات الرائدة فى القطاع الخاص والمجتمع المدنى والإعلام، بما يدعمُ الارتقاء بقدرات المرأة الإفريقية. تمثل المرأة نحو 50% من السكان داخل القارة الإفريقية، فيما لا يتجاوز نسبة مشاركتهن فى صناعة القرار وتولى المناصب القيادية فى أعلى معدلاتها عن 20%. ويختلف دور المرأة فى قارة إفريقيا من منطقة لمنطقة أو من دولة لدولة حسب العادات والتقاليد أو التاريخ أو الثقافة أو الدين. وكان الاستعمار فى بعض البلدان الإفريقية سبباً رئيساً فى تهميش المرأة الإفريقية، فقبله أسهمت المرأة الإفريقية فى مختلف المجالات منذ نهاية القرن ال19م، حيث كانت فى التعليم وميادين أخرى. وإبداع المرأة الإفريقية مستوحى من الطبيعة الإفريقية ومن التراث والتقاليد والعادات. وعبر تاريخ إفريقيا أسهمت المرأة فى إدارة وسياسة دولها فكانت المرأة المصرية الفرعونية أول ملكة فى التاريخ القديم، وفى التاريخ الحديث كانت فى مقدمة القائمين على ثورة 1919، استمر دورها الواضح حتى آخر ثوراتنا فى يونيو 2013. والنساء الجزائريات وقفن خلال حرب الاستقلال الجزائرية فى عام 1962 جنبًا إلى جنب الرجال. وقد حققن بذلك إحساسًا جديدًا بهويتهم وقدرا من قبول الرجال بهم فى الساحة. وعقب حروب الاستقلال فى إفريقيا، حافظت النساء على التحرر الجديد الذى حصلن عليه، كما شاركت النساء فى تطوير وبناء الدولة الحديثة. وتذخر إفريقيا الحديثة بالنماذج التى تثبت أن للمرأة الإفريقية المقدرة على إدارة دفة الحكم فى بلدان القارة بحكمة ودراية. فالإنجازات النسوية الأخيرة تعنى أن حاضر ومستقبل المرأة الإفريقية زاهر فى كل المجالات، وفى مجال السياسة على وجه الخصوص والأمثلة عدة من سهلى زودى رئيسة إثيوبيا حالياً وإلين جونسون سيرليف رئيسة ليبيريا (2006 -2012)، والتى أصبحت أول امرأة تحكم دولة إفريقية فى العصر الحديث، وبعدها كاثرين سامبابانزا الرئيسة المؤقتة لإفريقيا الوسطى فى 23 يناير 2014، ومن قبلها إليزابيث دوميتيان التى تولت منصب رئيسة الوزارة فى جمهورية إفريقيا الوسطى (1975-1976) ومن بعدهم كانت كارمن بيريرا الرئيسة المؤقتة السابقة لغينيا بيساو، وسيلفى كينجى الرئيسة المؤقتة السابقة لبروندى (1993-1994) تمثيلاً لصمود المرأة الإفريقية وقيامها بصدارة الموقف السياسى حين الأزمات. كما قدمت جويس باندا الرئيسة السابقة لملاوى وأمينة غريب التى تولت رئاسة موريشيوس فى عام 2015نموذجا ناجحا آخر. كما وجدنا على رأس نساء الاتحاد الإفريقى دلامينى زوما من جنوب إفريقيا رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقى (2012-2017) والتنزانية جيرترود ايبينجوى مونجيلا التى أصبحت أول سيدة إفريقية تتولى رئيس البرلمان الإفريقى الموحد. وقد لعبت المرأة الإفريقية دورا مهما فى بناء المجتمع الإفريقى، حيث تمتعت بمكانة متميزة أكثر من غيرها لفترة طويلة. فإلى المرأة يرجع الفضل فى قيام المجتمع الزراعى الذى على أساسه تتألف باقى المجتمعات الأخرى، بل وتبنى الحضارات، فكثير من العلماء يؤكدون أن هناك علاقة متداخلة بين المرأة والأرض وإبرازها على أنها ذات طابع دينى أو غيبى، فكلما حملت المرأة الإفريقية وأنجبت طفلا، زادت خصوبة الأرض، وزاد محصولها. واعتبرت المرأة فى المجتمعات الإفريقية البدائية الأساس فى تكوين الأسرة والحفاظ عليها. وبالتالى النهوض بالمرأة الإفريقية يشكل أساس تنمية القارة والنهوض بها. لمزيد من مقالات السفيرة د. عبير بسيونى رضوان