تحت شعار «الجهاد المقدس»، قام أعضاء جماعة «الحشاشين»، في القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي، بكثير من الاغتيالات والعمليات الانتحارية، معتقدين، أن تلك العمليات هي جواز مرورهم إلى الجنة السماوية، التي ذاقوا حلاوتها، تحت تأثير مخدِّر الحشيش، في «جنة أرضية» أقامها زعيمهم الحسن الصباح، داخل قلعة حصينة، معروفة باسم «قلعة الموت»، تقع على بعد نحو 100كم من العاصمة الإيرانية، طهران. أخيرا، ظهرت تقارير ودراسات، تؤكد أن أعضاء التنظيمات الإرهابية، الحديثة، يتعاطون المخدرات أيضًا، أبرزها دراسة حديثة أعدها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، شملت 82 إرهابيًا، عادوا من بؤر التوتر في الخارج، وانتهت إلى أن 63.4% منهم تعاطوا مواد مخدرة. كما أكدت تقارير أمنية ليبية، أن غالبية من يديرون تجارة المخدرات، في ليبيا، على علاقة بميليشيات التنظيمات الإرهابية، ك «داعش» و«القاعدة» و«الإخوان». وهناك أيضا تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، أكد أن كثيرين من الإرهابيين الذين اعتقلتهم الولاياتالمتحدة متهمون بتعاطي وتجارة المخدرات. كما سبق أن أثبت الصحفي التركي «عبدالله بوزكورت»، تورط نظام رجب طيب أردوغان في تجارة المخدرات، بالتعاون مع تنظيمات إرهابية، في سوريا والعراق وليبيا و.... و..... وصولًا إلى الصومال. طبقًا لما جاء في التقرير الذي حصلت عليه جريدة «واشنطن بوست»، فقد تم اعتقال 100 شخص، خلال العام الماضي، ينتمون لمنظمات إرهابية دولية، 9 منهم فقط تم اتهامهم بالإرهاب، بينما واجه الباقون اتهامات أخرى بينها تعاطي أو حيازة أو تجارة المخدرات. أما تقرير بوزكورت، الذي نشرته صحيفة «واشنطن إكزامينر»، فأكد أن إبراهيم سن، المعتقل حاليًا في باكستان، كان يعمل جنبًا إلى جنب مع مسئولين في المخابرات التركية للإشراف على مجموعات إرهابية مسلحة في سوريا، واستخدم العديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية، غير الحكومية، كواجهة لإخفاء شحنات المخدرات والأسلحة. وكان أهم ما جاء في التقرير، هو أن السلطات التركية حاولت التستر على عمل «سن» لمصلحتها، وأغلقت تحقيقًا بشأنه، سنة 2014، وأبعدت رجال الشرطة والمدعين العامين والقضاة، الذين كانوا على علاقة بهذا التحقيق. مع زيادة انخراط التنظيمات الإرهابية في تجارة المخدرات، بدأت تظهر تنظيمات هجينة تعمل في المجالين معًا، كحركة طالبان الأفغانية، وتنظيم القاعدة، وحزب الله اللبناني، التابع لإيران التي خرجت منها «جماعة الحشاشين»، قديمًا، وخرجت منها، حديثًا، تنظيمات وكيانات هجينة عديدة، ربطتها علاقات قوية بشبكات الجريمة المنظمة وعصابات المخدرات الدولية. وسبق أن كشفت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية، في ديسمبر 2017، عن أن إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، أوقفت مشروعًا لإدارة مكافحة المخدرات، اسمه «مشروع كساندرا»، كان هدفه ملاحقة أنشطة إيران وأذرعها في تجارة المخدرات، خوفًا من أن يؤثر ذلك المشروع على الاتفاق مع طهران حول برنامجها النووي. وكان بين العناصر التي شملتها التحقيقات شخص ملقّب ب«الشبح»، نقلت المجلة، عن مصادر مطلعة على القضية، أنه أحد أكبر مهربي الكوكايين في العالم. ولأن العالم صار قرية صغيرة أو «أوضة وصالة»، لا نستبعد أن تكون لذلك «الشبح» علاقة بال1200 كيلو هيروين، التي أحبطت السلطات المصرية محاولة تهريبها، في 11 إبريل الماضي، داخل مركب إيرانية الجنسية، كانت متوجهة إلى ميناء سفاجا جنوبي البحر الأحمر!. لم تمض أيام على نشر تقرير مجلة «بوليتيكو»، إلا وعقدت لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الأمريكي، في 10 يناير 2018، جلسة استماع، قال خلالها خوان زاراتي، المسئول السابق في وزارة الخزانة الأمريكية إن عمليات «حزب الله» في تهريب المخدرات وغسل الأموال تتخذ بعدًا دوليًا. وأشار إلى جهود إدارة مكافحة المخدرات ووزارة الخزانة، لتفكيك الشبكات التابعة لحزب الله، الواسعة الانتشار، والممتدة عبر أوروبا وإفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية. وفي اليوم التالي، أي في 11 يناير 2018، أعلنت وزارة العدل الأمريكية، في بيان، إنشاء وحدة خاصة للتحقيق في مصادر تمويل «حزب الله»، ستبدأ عملها بتقييم النتائج التي انتهى إليها «مشروع كاسندرا»، وتضم محققين من إدارة مكافحة المخدرات ومكتب التحقيقات الفيدرالي وإدارة الأمن القومي ووزارة الأمن الداخلي ووزارة العدل. بالإضافة إلى متخصصين في غسل الأموال وتهريب المخدرات والإرهاب والجريمة المنظمة. بعد تركيا، إيران، وأفغانستان، أدعوك إلى مشاهدة فيلم «صناعة أمريكية»، وهو فيلم أمريكي، أخرجه دوج ليمان عن قصة حقيقية لطيار، استخدمته المخابرات المركزية الأمريكية لتهريب السلاح والمخدرات إلى (ومِن) جماعات مسلحة في أمريكا الجنوبية. وغير باري سيل، في الواقع، أو توم كروز، في الفيلم، هناك «وايتي بولجر» الذي لقي مصرعه، في 30 أكتوبر الماضي، بأحد السجون الأمريكية، بعد أن ظل، لأكثر من 20 سنة يمارس الإجرام تحت حماية مكتب التحقيقات الفيدرالي، وبالتعاون مع المخابرات المركزية. ولو أردت مزيدًا من التفاصيل، ستجدها في كتاب ديك ليهر وجيرار ك. أونيل، «القدّاس الأسود»، الذي تحول سنة 2015 إلى فيلم بالاسم نفسه، أخرجه سكوت كوبر، وقام ببطولته جونى ديب. ونشير، بالمرة، إلى أن الوزير الإسرائيلي السابق جونين سيجيف، الذين عوقب في 26 فبراير الماضي، بالسجن لمدة 11 سنة، في اتهامه بالتجسس لمصلحة إيران، سبق أن أدين سنة 2005 بتهريب مواد مخدرة. ..وتبقى الإشارة إلى أن جماعة «الحشاشين» القديمة، كان هدفها الرئيسي، هو أستاذية العالم، بالسيطرة التدريجية على كل بقاع الأرض. وهو الهدف نفسه الذي تسعى إليه التنظيمات والجماعات «الهجينة» الحديثة، وأبرزها جماعة الإخوان، التي لا حرام فيها إلا ما تراه كذلك. لمزيد من مقالات ماجد حبته