وسط حالة من الترقب في سوق الصرف بعد أن سجل سعر الدولار أمام الجنيه منذ أيام قليلة أعلي ارتفاع له منذ10 سنوات, حيث بلغ6.11 جنيه, ثم ما لبس ان تراجع مرة أخري. وهو ما يؤكده بعض المصرفيين أن سوق الصرف مستقرة بفضل الثقة في قدرة البنك المركزي علي اتباع سياسة نقدية متوازنة تحقق المصالح الاقتصادية في ظل الظروف والصعوبات التي تواجه الاقتصاد ويعزز أصحاب هذا الرأي ثقتهم في استقرار سوق الصرف بالزيادة التي سجلها الاحتياطي الأجنبي خلال الشهر الماضي بنحو705 ملايين دولار ليرتفع إلي15.1 مليار دولار, إضافة إلي الإعلان عن الاستثمارات القطرية بمصر, ويتبني هذا الرأي بقوة رئيس اتحاد البنوك المصرية ورئيس البنك الأهلي المصري طارق عامر, حيث يؤكد أن هناك ثقة كبيرة في ضرورة البنك المركزي في المحافظة علي استقرار سوق الصرف بعيدا عن الامواج والعواصف حتي يعبر الاقتصاد المصري الصعوبات الحالية التي يواجهها الي بر الآمان. ويعتقد بأن الاقتصاد تجاوز مستوي القاع الذي كان قد بلغه منذ أشهر قليلة, وأن بعض المؤشرات خاصة السياسية تعزز التفاؤل في قرب التحرك الاقتصادي, خاصة مع بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والتي توجتها زيارة رئيسة الصندوق كريستين لاجارد للقاهرة في اشارة جيدة لدوائر المال والاستثمار علي عزم الصندوق مساندة الاقتصاد المصري. وعلي عكس مايتردد, يؤكد عامر أن الاحتياطي الاجنبي سيواصل ارتفاعه خلال الاشهر المقبلة لأسباب عديدة منها تحويل باقي الوديعة القطرية بمبلغ1.5 مليار دولار الي جانب الدفعة الاولي من قرض صندوق النقد الدولي بعد التوقيع قبل نهاية العام الحالي, كما أن التوقيع مع الصندوق يمثل شهادة علي المضي قدما في تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي الوطني واستعادة الاقتصاد عافيته, وانه يمثل رسالة ايجابية لمؤسسات الاستثمار مما يشجع علي تنشيط الاستثمارات بالسوق المصرية. وفي السياق ذاته يري حسن عبد المجيد عضو مجلس ادارة اتحاد البنوك والعضو المنتدب لبنك الشركة المصرفية العربية الدولية أن سوق الصرف مستقرة لا تواجه اهتزازات طوال الاشهر الماضية رغم العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات, والميزان التجاري فإن البنك المركزي ينتهج سياسة نقدية متوازنة ولديه آليات في الحفاظ علي استقرار السوق, مشيرا الي أن الارتفاع الطفيف في سعر الدولار لا يقلق لانه من الطبيعي أن يشهد السعر ارتفاعات وانخفاضات وفق العرض والطلب, ولكن المهم أن هناك ثقة في قدرة البنك المركزي ناتجة عن تجربته طوال السنوات الماضية, وكذلك في تكوين الاحتياطات الدولية الكبيرة منذ عام2003, علي جانب قدرته الي ضبط ايقاع سعر الصرف وقتها كان يواجه متاعب كبيرة وشهد ارتفاعا كبيرا تجاوز7.5 جنيه الا أن كفاءة وقدرة البنك المركزي اعادة الي الانخفاض ليستقر عند5.30 جنيه, كما تم تكوين مبلغ كبير نسبيا من الاحتياطي النقدي الاجنبي بعد أن كان انخفض الي درجة كبيرة. ويلفت عبد المجيد الانتباه الي أن ارتفاع الاحتياطي الاجنبي الشهر الماضي مؤشر جيد بفضل تحريك جزء من الوديعة القطرية بمبلغ500 مليون دولار الي جانب طرح الحكومة للسندات باليورو بمبلغ400 مليون دولار, ولكنه يشدد علي أهمية اتخاذ الحكومة للاجراءات والتدابير اللازمة لتحريك الاقتصاد وفي مقدمتها مصادر النقد الاجنبي خاصة السياحة والصادرات وانتعاش الاستثمارات.وتطرح الدكتورة فائقة الرفاعي نائب محافظ البنك المركزي الأسبق رؤية مغايرة, حيث تري أن ارتفاع الاحتياطي الاجنبي لدي البنك المركزي بسبب تحويل جزء من الوديعة القطرية أو طرح سندات دولارية أو باليورو يعني زيادة في الاصول الاجنبية يقابلها زيادة في الخصوم والتزامات البنك المركزي تجاه العالم الخارجي, وبالتالي فإن هذا الارتفاع لا يمثل زيادة في صافي الاصول الاجنبية لدي البنك المركزي وهو مايعكسه عجز ميزان المدفوعات, وتري أنه قد يكون مفيدا في حالة تحويل وديعة خارجية للبنك المركزي وأن يتم اعادة اغراضها لصالح تنشيط الاستثمار والانتاج خاصة في المشروعات التصديرية التي من شأنها توليد فرص عمل الي جانب انها تدر عائدا بالدولار لمصلحة الاقتصاد وبما يمكن من سداد قيمة الوديعة عند استحقاقها.وتضيف أما في حالة اضافة الوديعة الي الاحتياطي الاجنبي فهذا يعني ان البنك المركزي سيقوم باعادة ايداعها في بنوك بالخارج أو توظيفها في شراء أذون خزانة فيدرالية أمريكية وفي كلا الحالتين, فإن العائد ضعيف وأقل من السعر علي الوديعة وتكلفتها ولن يكون مفيدا للاقتصاد كثيرا.