خصص العالم يوم الثامن من مارس يوما عالميا للمرأة، بعد أن خرج الآلاف من النساء في شوارع مدينة نيويورك عام 1856 للاحتجاج على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل بها، وانعقاد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945، ليبدأ العالم في تحديد "يوم عالمي للمرأة" فإن هذا التخصيص يأتي وكأنه يقول: لقد تم القيام باللازم نحو النساء وكفى.. فبعد انقضاء هذا اليوم، يعود العالم مجددا إلى شأنه.. إلا الإسلام، فله شأن آخر ومختلف مع هذا المخلوق، الذي هو كيان دائم واستثنائي، في آن واحد. فلم تنصف رسالة سماوية المرأة وتقدر مكانتها كما فعلت رسالة "الإسلام"، ولو أدرك نساء الأرض، جميعا، جوهر هذه الرسالة ومدى رحمة هذا الدين بالمرأة، وكيف مكنها ووقف إلى جانبها، كما شرع قرآنه وفسر نبيه، لآمن هؤلاء النساء بالرسالة التي وضعتهن في مقدمة الصفوف من بين خلق الله، سبحانه، كافة. وبكل وضوح، عبر شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، عن أهمية المرأة واعتبر قضاياها من أهم القضايا التي تحتاج إلى تجديد، لأن المرأة هي نصف المجتمع، وعدم الاهتمام بها يجعلنا كما لو كنا نمشي على ساق واحدة. ووصف الكاتب التركي عزيز نيسين المرأة قائلا: "كلما قدمت للمرأة شيئا تعيده إليك مضاعفا، إن قدمتم لها نطفة تعيدها إليكم طفلا، وإن أقمتم لها بيتا تعيده إليكم عشا دافئا، وإن قدمتم لها خضارا تعيده إليكم طعاما شهيا، وإن قدمتم لها ابتسامة تقدم لكم قلبا، دائما تعيد ما تقدمونه لها مضاعفا وكبيرا.. لهذا السبب إن رميتموها بحفنة من طين، عليكم أن تكونوا مستعدين للغرق في مستنقع ستعده لكم". ومع طبيب أمراض نساء وتوليد، سطر كلمات تقطر خبرة: "لا تتحدوا صبر الأنثى، فمن استطاعت أن تتحمل نزع جنين من أحشائها وهزمت ألم المخاض، فهي قادرة على أن تنزعك من قلبها، وتتحمل فقدك بنفس الصبر.. لذا تعلموا احترام الأنثى، هي ليست ناقصة ليكملها رجل، وليست عورة ليسترها رجل، هي من تلد نصف المجتمع، وتربى النصف الآخر، هي أمي أختي زوجتي وابنتي.. وعندما تُنفخ فيك الروح تكون في بطن امرأة وعندما تبكِي تكون في حضن امرأة، وعندما تعشَق تكون في قلب امرأة.. رفقاً بها.. فالاُنثى أمانة ما خُلِقَت للإهانة، فلتحيا كل أنثى متزوجة أو عازبة أو مطلقة أو كانت أرملة. ستظلين امرأة لم يزدها الزواج كرامة ولن ينقصها الطلاق أنوثة". وقبل هؤلاء، وضع النبي محمد، صلي الله عليه وسلم، دستورا للمرأة وللكافة، شمل المشاعر والأحاسيس، قبل الحقوق والواجبات، وحدد كل ما يتعلق بالمرأة بأن يتم وفقا للود والاحترام والتوقير، والأهم هو أن كل ما يقوم به الرجل نحو المرأة في الحياة يحقق له أيضا، الجزاء والثواب في الحياة الآخرة.. ومن المؤكد أن الخالق سبحانه، وضع الحياة تحت مظلة واحتواء ما يعرف ب"الأم"، فهي الحاضنة للحياة بكل معانيها. ولا يكفي "عيد الحب" لكي نحب زوجاتنا، ولا يعطي "عيد الأم" القدر الكافي للأم من التقدير والامتنان لها، ولا يستوعب "يوم المرأة العالمي" الأهمية المناسبة لدور النساء في هذا الكون.. ونقول مع الدكتور مصطفى محمود: "أنتِ الحُبُ يا أماه.. إن كل هذه الثرثرة والمعارف هي بعضٌ من فتاتِ موائدك"، وكما عبر المفكر كارلوس زافون عن إمه قائلا: "أمى كانت لها رائحة كُل الأشياء الطيبة في العالم".. كل عام وأنتن بكل خير. لمزيد من مقالات ثابت أمين عواد