بالنسبة للبعض هى مصدر كل شر كما قال سقراط، ولآخرين هى أبهج شىء فى الحياة كما وصفها كونفشيوس، وبالنسبة للغالبية هى الغموض، كما يؤكد نزار قبانى: قرأت كتاب الأنوثة حرفا حرفا ومازلت أجهل ماذا يدور برأس النساء. صفة الغموض هى مجرد عذر يستسهل الرجال ربطه بالنساء حتى لا يجهدوا أنفسهم فى محاولة فهم كيف يفكر الجنس الناعم وماذا يريد؟ بل لا أنكر أن بعض النساء أيضا تهوى إضفاءها على نفسها وكأنها احدى مستحضرات التجميل التى تزيدهن جاذبية كما يعتقدن. لكن سؤال: ماذا يدور برأس النساء؟ يستوقفنى كثيرا عندما يصدمنى مشهد من مشاهد قمع المرأة للمرأة، وهو فى ظنى أقوى وأشد تأثيرأ من قمع المجتمع الذكورى للمرأة. فكيف تقبل الأم أن تتعرض ابنتها لنفس المعاناة التى تكبدتها من قبل فى منزل أسرتها من تمييز بينها وبين أشقائها الذكور وإجبارها على خدمتهم وسلبها أحيانا حقها الشرعى فى الميراث لمجرد أنها أنثى. لماذا تسمح كثير من الأمهات بالمبالغة فى فرض القيود على بناتهن وتلجيم محاولاتهن للتعبير عن آرائهن أو التحكم فى طموحاتهن وأحلامهن بحجة الخوف عليهن من أن يسئ المجتمع الحكم عليهن ويلفظهن دون أن يسألن أنفسهن ما هو المجتمع؟ أليس مجموعة من الأبناء من الذكور والإناث شكلت وعيهم وأساليب تفكيرهم ونظرتهم للآخرين أمهات أى نساء آخريات يكررن نفس الأخطاء؟ وكيف لا تأخذ الزوجة، التى تعانى أنانية وعناد الزوج ورفضه مساعدتها بل وعدم تقديره لها أو ما تقوم به، عهدا على نفسها بألا تبتلى امرأة أخرى بنفس العيوب، فتحرص على تنشئة ابنها على احترام النساء والرأفة بهن وتفهم احتياجاتهن؟بالعكس نجد هذه الزوجة المنكوبة التى تشكو ليل نهار من صلف واهمال الزوج تفرط فى تدليل ابنها وتسقيه أن الكرة الأرضية ملك يمينه، وأن على المرأة التى يختارها زوجة له أن تقبل يدها «وش وظهر» لأنها ستحظى بطلعته. وليتها تتوقف عند هذا الحد بل نجدها تتعامل مع زوجة ابنها وكأنها خاطفة أو خصم، فتستهدف كل حركاتها بالانتقاد والتقريظ وتحاول حبسها داخل إطار ضيق من قواعد ما يصح وما لا يصح فعله وفق تخريجاتها هى. تحديد أطر المقبول وغير المقبول وإصدار الأحكام هواية يعشقها كثير من بنات حواء ويمارسن بها ضغوطا على غيرهن من النساء. فالمرأة هى أكبر ناقدة لبنات جنسها. تعلق على وزن زميلتها الزائد متناسية أنها مرت بنفس التجربة أو أنها نفسها تتبع حمية منذ سنوات للسيطرة على وزنها، تنظر بامتعاض لأخرى لمجرد أن أسلوبها فى الملبس مختلف، تلوى شفتيها عندما ترى فتاة تقود فيسبا للوصول لجامعتها بأقل قدر من البهدلة، تحكم على أم بأنها مهملة لأنها لم تعافر من أجل ادخال ابنها الفريق، تسخر من تفكير إحدى قريباتها بالخروج عن المألوف وبدء مشروع خاص بها، تنظّر على أخريات بفتاوى دينية وكأنها الأتقى! نوع أخطر من القمع غير المباشر أو بالأحرى التشويه تتعرض له النساء من بنات جنسهن، وهو قيام بعضهن بأعمال وتصرفات ترسخ لصورة المرأة كمخلوق أدنى أو كسلعة وككائن مثير للغرائز، لينطبق عليهن وصف لو مارتين «المرأة كتاب أبدع الله رسم غلافه فبدا فتنة للناظرين ووضع مقدمته فجاءت باسمة كالزهر فى الربيع وكتب الشيطان فصوله فكانت خداعا وشقاء وأحزانا!». وفى اليوم العالمى للمرأة أدعو نفسى وبنات جنسى لإعادة التفكير فيما نرتكبه فى حق الأخريات. لمزيد من مقالات هناء دكرورى