رسائل الغرام التى كان يحملها كانت سبباً فى إقامة ممالك العاشقين شرقاً وغرباً، لم يتوان لحظة فى أن يقطع الأميال فى رحلات طويلة ليطمئن قلب حبيب على حبيبه. كلمات بسيطة كان يحملها فى رسالة توضع بقدمه ويطير بها بجسده النحيل كانت كفيلة بإشعال نار الحرب أو إخمادها فى لحظات .. يكفى أن تضع غصن الزيتون فى فمه ليكون أيقونة السلام ورسول المحبة عبر الأجيال والسنين، إقامته الدائمة فى أعلى المنازل، أو داخل أبراج بيضاء وسط حقول خضراء تسر الناظرين. يملك من سحر الجمال ما يأسر شابا مثل أحمد (21 سنة)، هو أحد أبرز مربى وتجار الحمام فى سوق الإمام، أو بلد الحمام كما يٌطلق عليه .. يجلس فوق سطح بيته فى عز برد الشتاء لساعات ليراقب حوالى 100 فرد حمام من 10 أنواع مختلفة ونادرة ، هى كل ما ورثه عن والده الذى سبقه فى عشق تصنيع غيات الحمام وتربيته. يراقب أحمد طيوره وهى تغدو من غيتها مع شمس الأصيل فى أسراب متناغمة لتزين سماء قلعة صلاح الدين وكأنها قناديل من فصوص لؤلؤ درى .. بٌعد المسافة بين الأرض والسماء لا تمنع الشاب من أن يقول لك إن الحمامة التى فى آخر السرب من نوع الحمام «الزاجل»، والتى بجوارها من فصيلة «الشقلباظ»، والتى فى المقدمة تنتمى إلى عائلة «النفاخ». دراسته الحرة وقراءته عن عالم الحمام جعلاه بحق رغم صغر سنه ملك الحمام فى سوق الإمام.