أكد الدكتور عبدالحى سالم أستاذ اللغة السواحيلية ورئيس قسم اللغات الإفريقية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر أن مصر لها مكانة عظيمة فى قلوب أبناء القارة الإفريقية، وساهم فى ذلك الدور الكبير الذى يلعبه الأزهر بين أبنائها..فأكثر من ألف منحة مجانية يقدمها الأزهر للطلاب الأفارقة للدراسة به كل عام. وفى حوار ل «الأهرام» أكد عبد الحى سالم أن للأزهر دورا فاعلا فى قيادة مصر للقارة السمراء، وأن جامعة الأزهر لم تتخل يوما عن الملف المصرى الإفريقي. وأن ما يقوم به قسم اللغات الإفريقية من ترجمة الفتاوى ومعانى القرآن للسواحيلية ما هو إلا تأكيد لرسالة الأزهر فى إفريقيا.. وإلى نص الحوار. قسم اللغات الإفريقية..متى أنشئ.. ولماذا؟ حرص الأزهر على إنشاء قسم اللغات الإفريقية بكلية اللغات والترجمة عام 1967م ليقوم بتدريس اللغات الإفريقية الأكثر انتشاراً فى القارة وهي: السواحيلية، والهوسا، والأمهرية، والفولانية. وذلك حتى يقوم القسم بتحقيق جزء من رسالة الأزهر وجامعته فى هذه المجتمعات، ومنها نشر صحيح الدين وتصحيح المفاهيم المغلوطة والخاطئة، والتعرف على آداب وثقافات الشعوب الإفريقية. كما تم إنشاء شعبة لتدريس الدراسات الإسلامية باللغة السواحيلية داخل قسم اللغات الإفريقية باعتبارها أكثر اللغات الإفريقية انتشاراً فى شرق القارة الإفريقية ووسطها. هل يقتصر نشاط القسم على الجانب التعليمى (الأكاديمي) فقط؟ بالطبع لا، فالقسم له دور مهم وحيوي من خلال ترجمة فتاوى دار الإفتاء المصرية إلى اللغة السواحيلية من خلال توقيع بروتوكول طويل الأمد، بالإضافة إلى ترجمة معانى القرآن الكريم باللغة السواحيلية تحت مظلة مركز الترجمة بالأزهر الشريف، بالإضافة أيضا إلي ترجمة تفسير المنتخب للغة السواحيلية تحت مظلة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف.. كما أن هناك تعاونا مع مرصد الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية لترجمة إنتاج المجمع باللغة السواحيلية فى نطاق رسالة الأزهر لنشر صحيح الدين، بالإضافة إلى نشر قاموس عربى سواحلى وقاموس سواحلى عربي. عام 2019 عام شباب إفريقيا.. كيف ترى دور جامعة الأزهر وعلى الأخص قسم اللغات الإفريقية فى دعم الملف المصرى الإفريقي، لاسيما ما يتعلق بالتعليم والشباب؟ جامعة الأزهر لم تتخل أبدا عن الملف المصرى الإفريقي، فهى مستمرة فى تعليم أبناء إفريقيا فى كلياتها العملية والنظرية. والكثير من شباب إفريقيا قضوا فترة كبيرة من عمرهم فى أحضان الأزهر بمصر، عاشوا فيها كما يعيش الشباب المصرى أنفسهم، وباعتراف بعض منهم ممن عملوا معنا فى قسم اللغات الإفريقية والإذاعة المصرية، عندما حصل على فرصة عمل فى إحدى الدول العربية، ورجع لزيارتنا بعد فترة ليست طويلة، فوجدناه قد نحف جسمه وهزل بنيانه، وعندما سألناه عن السبب قال: «فى مصر كنت أعيش وسط أهلى فلما فارقت أهلى حدث لى ما ترونه». فهذه العلاقات الحميمة بين المصريين وإخوانهم من دول القارة الإفريقية تجعل التواصل بينهم مثمرا، وتوفر كل أسباب النجاح لأى ملف مصرى مع أشقائهم فى الدول الإفريقية شبابا وشيوخا. أما دور قسم اللغات الإفريقية فيتمثل فى تخريج منتج جيد من طلابه يجيدون اللغة السواحيلية التى تنتشر فى دول شرق إفريقيا كلغة رسمية فى تنزانيا وكينيا وزنجبار، ولغة تواصل بين أبناء دول حوض النيل فى الشرق الإفريقي. هذا الخريج إذا تم توظيفه جيدا ممن بيدهم الملف الإفريقى فى مصر، سيصبح الوجود المصرى فى شرق إفريقيا منافسا للصين وإيران وتركيا فى كل المجالات، ويحمل رسالة مصر بين أشقائه فى هذه الدول. وماذا يمثل اختيار جامعة الأزهر عضوا بمجلس إدارة الجامعات الإفريقية واستضافة المقر الإقليمى لشمال إفريقيا لاتحاد الجامعات الإفريقية؟ جامعة الأزهر لها الأيادى البيضاء لدعم رسالة الأزهر الشريف فى إفريقيا، فكان أبناؤها هم الأساس فى أى إيفاد للدول الإفريقية علاوة على أبناء إفريقيا أنفسهم الذين درسوا فيه، فهم بمنزلة سفراء للأزهر الشريف فى بلادهم. وبناء على الوجود الواضح على الساحة الإفريقية لأبناء جامعة الأزهر من أعضاء هيئة تدريس وخريجين، ومساهماتهم فى وضع البرامج التعليمية للغة العربية وغيرها فى الجامعات الإفريقية، تم اختيار جامعة الأزهر لتكون من بين أول خمس عشرة جامعة إفريقية فى الترتيب الدولى لهذه الجامعات، ثم بدور أبنائها الواضح فى كلية اللغات والترجمة وخاصة قسم اللغات الإفريقية وعلاقاته بالجامعات الإفريقية من شرق القارة لغربها، تم اختيار جامعة الأزهر لتحتل المركز الأول بين هذه الجامعات. وبناء على ذلك رأست جامعة الأزهر اتحاد الجامعات الإفريقية وأصبح مقره فى مصر. وتستضيف جامعة الأزهر أوليمبياد الجامعات الإفريقية الفترة المقبلة، وستظل جامعة الأزهر تحمل شعلة الأزهر التى تضيء فى ربوع إفريقيا إن شاء الله. بحكم التخصص وكثرة الأسفار..ما حال المسلمين فى إفريقيا.. وكيف يرى الأفارقة مصر؟ المسلمون فى إفريقيا بخير، خاصة أهل السنة منهم. فالمساجد ولله الحمد فى صلاتى المغرب والعشاء لا تسع المصلين، فيملأون الساحات الخارجية كصلاة الجمعة تماما. لكن مسلمى إفريقيا يحتاجون دائما لمن يجدد لهم دينهم وتلك هى رسالة الأزهر. كما ينقصهم الدعم المادى والمعنوى وخاصة سكان القرى المتناثرة وسط الغابات، فوجود مسجد ومدرسة ومركز صحى ومصدر للمياه النقية فى كل قرية هو الطريق الأمثل للدعوة إلى الله. وهذا الدور ربما تتفوق علينا فيه بعض الدول التى لها أجندات خاصة لنشر مذاهبهم وفكرهم. أما عن رؤية الأفارقة لمصر، فمصر دولة محورية؛ ليست فى إفريقيا فحسب، بل فى العالم كله. ولكن لها مكانة عظيمة فى قلوب أبناء القارة الإفريقية، وأسهم فى ذلك الدور الحيوى الذى يلعبه الأزهر بين أبنائها، من خلال المنح السنوية التى يقدمها لطلاب العالم الإسلامى وخاصة إفريقيا، والتى تصل إلى أكثر من ألف منحة سنويا لا يتكلف فيها الطالب جنيها واحدا. فالطالب يأتى إلى مصر ويدرس فى معاهد الأزهر وجامعته ويقيم فى مدينة البعوث إلى أن يتخرج دون أن ينفق جنيها واحدا، حتى مصروفاته الشخصية يتسلمها شهريا من الأزهر. بشكل عام..كيف ترى دور الأزهر بالنسبة لقارة إفريقيا؟ دور الأزهر واضح للعيان، بوجوده فى كل الدول الإفريقية جنوب الصحراء من غير منافس فى مكانته، فهناك من يمثل الأزهر فى المعاهد والمراكز الإسلامية فى هذه الدول.. ولتعم الفائدة من وجود الأزهر وجامعته فى الدول الإفريقية نناشد فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أن يوجه القائمين على الإيفاد بأن يتخيروا الكفاءات من أبناء الأزهر الذين يجيدون اللغات الأجنبية وخاصة الإفريقية منها، حتى يكون لهؤلاء الموفدين دور أكثر عمقا فى الدعوة بلغات يفهمها أهل هذه البلاد، ونتمكن من أن نروى ظمأ أشقائنا فى إفريقيا للعلوم الإسلامية، ولتستمر رسالة الأزهر الشريف بلا منافس من بعض الدول التى لها أجندات فى إفريقيا وتعلم أبناءها اللغات الإفريقية وترسلهم إلى هناك لهذا الغرض. وبهذا يستمر دور الأزهر مع قيادة مصر للقارة الإفريقية.