فى إطار الاهتمام العالمى بالبحث عن أفضل السبل للتصدى للتحدى الأكبر الذى يهدد جميع دول العالم أعد «مركز تحليل العمليات الأمنية» الأمريكى دراسة لتقييم برامج الوقاية من الإرهاب المطبقة حاليا فى الولاياتالمتحدة وتقديم مقترحات لتطويرها فى المستقبل . وركز الباحثون الذين أعدوا الدراسة على السياسات والبرامج الحالية لمكافحة الإرهاب داخل الولاياتالمتحدة وخاصة الجهود الفيدرالية. و أشارت نتائج الدراسة إلى أن سياسات وبرامج الوقاية من الإرهاب تهدف فى مجملها إلى الحد من مخاطر الإرهاب عن طريق تبنى توجهات واستخدام أساليب تختلف عن الوسائل التقليدية المستخدمة حاليا والتى تعتمد على تطبيق القانون وشن حملات اعتقال ومحاكمات والسجن للمتطرفين.وأضاف الباحثون أنه تماشيا مع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب ،تركز الجهود الحالية للوقاية من الإرهاب على بناء شراكة فعالة بين هيئات تطبيق القانون ومنظمات المجتمع المدنى ووكالات الخدمات الاجتماعية والجمعيات.وتعمل هذه الجهود على توسيع نطاق الخيارات المطروحة لمواجهة ظاهرة «التطرف العنيف» التى تعانيها الولاياتالمتحدة. ثغرات كبرى فى الجهود الوطنية للوقاية من الإرهاب فى سعيها لرصد الثغرات فى برامج التصدى للإرهاب حددت الدراسة خمسة أنواع من أنشطة مكافحة الإرهاب التى من الممكن أن تقوم بها الحكومة الفيدرالية.وتم تقسيم الأنشطة الخمسة إلى ثلاث مراحل: المرحلة المبكرة -مكافحة رسائل المتطرفين عبر الإنترنت. -التوعية المجتمعية، ،المرونة ،الحد من عوامل الخطر. أمثلة: - تنقية الإنترنت من أى محتوى يحض على العنف. - بث رسائل عبر الإنترنت لتشجيع أفراد المجتمع على تحديد الأشخاص المتطرفين وطلب التدخل من السلطات. - تخصيص موارد لمساعدة العائلات على دعم الأقارب لتجنب التطرف. - تنسيق التعاون وتبادل المعلومات بين المؤسسات المختلفة. .- تقديم الدعم للجمعيات الشبابية وبرامج التنمية الاقتصادية. المرحلة الوسطى - التشجيع على إحالة المشتبه فى تطرفهم للجهات المختصة. - التدخل. أمثلة: - نشر التوعية بشأن أنواع السلوكيات المثيرة للقلق. -حملات لتعليم أفراد المجتمع رصد الأشخاص الأكثر عرضة للتطرف وكيفية التعامل معهم. - التدريب على تطبيق القانون. - برامج لتعزيز قدرات التدخل المحلى. - دعم برامج التدخل غير الحكومى. المرحلة الأخيرة -الحد من الانتكاسات أمثلة: -برامج داخل السجون الفيدرالية تشمل - استشارات نفسية -استشارات دينية -الدعم الاجتماعى -استشارات أسرية -استشارات مهنية -برامج ما بعد الإفراج وقد كشفت الدراسة عن وجود فجوات كبرى فى الجهود الفيدرالية الحالية للوقاية من الإرهاب خلال المراحل الثلاث، مشيرة إلى أن تلك الفجوات لم تنجم عن التركيز المحدود فى وضع البرامج او ضيق الموارد فقط بل جاءت نتيجة المعارضة المستدامة لمثل تلك الجهود ومحاولة عرقلتها. ولكن فى الوقت نفسه رصدت الدراسة بعض التقدم فى مجال توعية المجتمع والشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ بعض البرامج المتعلقة بتمويل الجامعات لابتكار حملات اعلامية للتصدى لرسائل المتطرفين. كما سجلت بعض نماذج للتدخل بالنسبة للأفراد الأكثر عرضة لمخاطر التطرف على المستوى المحلى وذلك من خلال برامج موجودة بالفعل مخصصة للتصدى للعنف ومخاطر أخرى متعلقة به.فعلى سبيل المثال بدأت إدارة شرطة لوس انجلوس برنامجا بعنوان «تقديم البدائل لمنع التطرف» يهدف إلى التعامل مع الأشخاص الأكثر عرضة لارتكاب جرائم عنف بالإضافة إلى التعاون مع وحدة التقييم الذهنى من أجل التعامل مع هؤلاء الأشخاص وتقديم الاستشارات النفسية وغيرها لهم. ومن أجل تطوير برامج الوقاية من الإرهاب فى المستقبل حدد الباحثون عددا من التحديات التى يجب أن تأخذ فى الاعتبار عند إعداد أى برامج لمكافحة الإرهاب فى المستقبل: - تحقيق التوازن بين الحاجة للفعالية والحسم والتى قد تؤدى إلى التركيز على مجتمعات بعينها، وخطورة وصم تلك المجتمعات وتنفير حلفاء أساسيين - الاستجابة للتغييرات فى الرأى العام والتى قد تنتقل من الحماس الشديد إلى المعارضة الشرسة. - تحديد توجهات قياسية من أجل تعميم الاستفادة مع الأخذ فى الاعتبار أن أنشطة الوقاية من الإرهاب قد تتطلب فى بعض الأحيان أن تكون ذات طابع محلى لتناسب ظروفا محددة. - عدم الاستسلام للخوف من تحمل المسئولية أو الفشل مما قد يحد من الابتكار والتجريب. -تبنى توجهات لمكافحة الإرهاب لا تعتمد على أشخاص بل لديها مقومات الاستمرارية حتى بعد تغيير المسئولين. - تحقيق التوازن بين ضرورة جمع المعلومات وتقييمها وأهمية تفادى أن يشعر المواطنون بأنهم تحت الرقابة . دور المنظمات المحلية والأهلية أكد الباحثون أن أفضل طريقة لمواجهة الإرهاب هى أن تدعم الحكومة الفيدرالية الجهود التى تقوم بها المؤسسات المحلية والمنظمات الأهلية ومؤسسات القطاع الخاص فى مجال مكافحة الإرهاب عن طريق تقديم التمويل و أى مساعدات أخرى. وأشار الباحثون إلى أن من استطلعت آراؤهم حول الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب أجمعوا على ضرورة أن تكون تلك الجهود نابعة من المجتمع الذى تستهدفه بحيث يتم تصميمها وفقا لما يعتبره ذلك المجتمع مناسبا ومقبولا ومتماشيا مع عاداته. كما أكد معظم من استطلعت آراؤهم ضرورة أن تشمل برامج مكافحة الإرهاب كل أنواع تهديدات العنف الايديولوجى سواء كانت من منظمة اسلامية متطرفة مثل «داعش» أو منظمات البيض العنصرية أو المتعصبين البيئيين. ويخلص الباحثون إلى أن الهدف الأساسى من هذه الدراسة هو المساعدة على اعداد برامج «فعالة وعملية» قادرة على التصدى لمخاطر الإرهاب مع الحد من التكلفة والمتاعب .