استطاع شاب يُدعى رمضان العبد في الأربعينيات بيع الترام لشاب قروي بسيط اسمهُ حفظ الله سليمان مُقابل 200 جنيه، مستغلا علامات السذاجة المفرطة على وجه هذا القروي، والذي كان يجلس بجواره في الترام، وبعد معرفة أن معه بعض المال جاء به من القرية ليستثمره في القاهرة عرض عليه رمضان شراء الترام والحصول على إيراده بالكامل، ليكتشف في آخر الخط أنه وقع ضحية لنصاب محترف. وبعد سنوات كثيرة تكتشف أن رمضان أبو زيد العبد تحول من شخص إلى دول ومؤسسات كبيرة، وأن حفظ الله سليمان هو بمثابة الشعب المصرى كله، فالدول الكبرى هي من صدرت وباعت لنا فكرة مطاعم الوجبات السريعة، مع عدم الاهتمام بمكونات الوجبة وصلاحيتها، المهم هو الطعم سواء كان "سبايسي أو أوريجينال"، وكانت النتيجة انتشار أمراض كانت بعيدة عن المصريين وأصبحت متوطنة مثل السرطان وفيروسات الكبد والفشل الكلوي وغيرها، وخير دليل هو وجود طوابير من المرضى في المستشفيات الحكومية والخاصة والعيادات الخارجية، ورغم معرفتنا بخطورة هذه الأطعمة إلا أننا مازلنا نأكلها رغم زيادة سعرها. الترام الثاني والذي نشتريه يوميا هو الهواء أو خطوط التليفون المحمول واشتراك شبكات الإنترنت، والذي تحول لإدمان للشعب المصري، رغم أن التليفون الأرضي قد يظل أياما دون أن يستخدمه أحد، بينما المحمول نستخدمه لساعات طويلة خاصة خارج المنزل كنوع من الوجاهة الاجتماعية ورغبة في إثبات الذات والتأكيد للآخرين أن المتحدث رتبة كبيرة في البلد. الترام الثالث هو كرة القدم، والتي نتسابق لمشاهدتها في المقهى ودفع ثمن المشاهدة والمشاريب أو في الاستاد ودفع ثمن التذاكر والمواصلات، لتجد أن كل ما تدفعه من قوت يومك يصل بمنتهى البساطة للاعبين ثمن الواحد منهم أكثر من 100 مليون جنيه، ومش مهم أن اللاعب يكمل أو يصاب أو يحرز أهدافا أو يجلس على دكة الاحتياطي بقية الموسم، ولكن المهم العمولة والتي يحصل عليها اللاعب والسمسار من فلوس مشجعي وأعضاء النادي. استطاع رمضان العبد أن يستغل سذاجة حفظ الله سليمان ويبيع له الترام مرة واحدة، بينما استطاعت الدول الكبرى أن تبيع لأحفاد حفظ الله الترام يوميا، وبينما كانت نهاية العبد سريعة ووقع في يد العدالة فلا تزال الدول الكبرى حرة طليقة. لمزيد من مقالات عادل صبري