اختتم مؤتمر ميونيخ للأمن أعماله أمس بمناقشة القضية السورية، حيث سعت الولاياتالمتحدة إلى تهدئة حلفائها بشأن وتيرة وتداعيات الانسحاب الأمريكى من سوريا، فى الوقت الذى هيمنت فيه أجواء توتر جديد بين واشنطنوأنقرة بسبب الخلاف حول مصير فصائل الأكراد المسلحة فى سوريا فضلا عن إصرار تركيا على إتمام صفقة صورايخ مع روسيا. فمن جانبه، قال جيمس جيفرى المبعوث الأمريكى الخاص إلى سوريا،فى كلمته أمام المؤتمر، إن الولاياتالمتحدة لن تقوم بانسحاب مباغت وسريع من سوريا وإنها ستتشاور عن كثب مع الحلفاء بشأن المسألة. وقال «نقول للحلفاء باستمرار إن هذا لن يكون انسحابا مباغتا وسريعا وإنما خطوة بخطوة». وفيما يتعلق بالمحادثات الرامية إلى إقامة منطقة آمنة على الحدود التركية السورية، بدا أن هناك خلافا بين جيفرى ووزير الدفاع التركى خلوصى أكار بشأن مصير الفصائل التى يقودها الأكراد وتعمل مع التحالف المدعوم من الولاياتالمتحدة لمحاربة تنظيم داعش الإرهابى. وقال أكار «نحترم وحدة الأراضى السورية، لكن القضية الأساسية تتمثل فى سلامة وأمن الحدود التركية والشعب التركى، القضية الرئيسية هى الأمن للتخلص من الإرهابيين سواء وحدات حماية الشعب الكردية أو داعش». جاء ذلك بعد ساعات من توجيه نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس تحذيرا غير مباشر، لكنه شديد اللهجة، إلى تركيا بسبب إصرار الأخيرة على شراء منظومة الدفاع الجوية «إس- 400» من روسيا. وقال بنس فى كلمة له أمام مؤتمر ميونيخ: «لن نقف متفرجين عندما يقوم شركاء فى حلف الناتو بشراء أسلحة من أعدائنا». جاءت تصريحات نائب الرئيس الأمريكى بعد بضعة أيام فقط من تأكيد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى مقابلة تليفزيونية أن بلاده لن تتخلى عن عقد أبرمته مع موسكو لشراء منظومة الصواريخ الروسية. ومن ناحية أخرى، استغلت إيران آخر أيام مؤتمر ميونيخ للرد على الضغوط التى مارستها واشنطن خلال أيام المؤتمر لإقامة تحالف جديد ضدها، حيث شن وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف هجوما عنيفا ضد الولاياتالمتحدة وإسرائيل، محذرا من أن فرص اندلاع حرب فى المنطقة باتت هائلة. وقال ظريف فى كلمته أمام المؤتمر: «بالتأكيد، بعض الجهات تسعى للحرب.. إنها إسرائيل». وتابع:«إن خطر اندلاع حرب كبير وسيكون أكبر إذا واصلنا التغاضى عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي»، مؤكدا أن التصرفات الإسرائيلية والأمريكية تنتهك القانون الدولى. كما انتقد وزير الخارجية الإيرانى ما وصفه بتركيز أمريكا المرضى مع إيران، منددا بمساعى إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للضغط على الدول الأوروبية للانسحاب من الاتفاق النووى المبرم مع إيران عام 2015. وقال:«لقد كنا هدفا لتركيز مرضى أودعونا نقل هوس من جانب الولاياتالمتحدة على مدى فترة طويلة»، منددا بدعوة نائب الرئيس الأمريكى ال»المغرورة» لأوروبا لتنضم إلى الولاياتالمتحدة فى تهديد أمننا والإخلال بالتزاماتها نحو إيران. كما انتقد ظريف الآلية الأوروبية للتجارة مع إيران قائلا إنها لا تفى بالغرض، وطالب ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ببذل جهد أكبر لإظهار التزامهم بالاتفاق النووى وقال:«ينبغى أن تكون أوروبا مستعدة لتحمل المخاطر إذا أرادت أن تسبح ضد تيار الأحادية الأمريكية الخطير». وجاءت تصريحات ظريف بعد يوم من اتهام نائب الرئيس الأمريكى طهران بأنها تسعى للحصول على الوسيلة لتحقيق «محارق أخري»، داعيا حلفاء واشنطن الأوروبيين أن يحذوا حذو الولاياتالمتحدة فى الانسحاب من الاتفاق النووى. ورد ظريف على اتهامات بنس بتصريح لمجلة «دير شبيجل» الألمانية على هامش اجتماعات مؤتمر ميونخ للأمن قائلا «المحرقة كانت كارثة، ولا يصح لأحد بما فى ذلك نائب الرئيس الأمريكى اتخاذ المحرقة وسيلة لخلق مزاج سياسى ما». ووصف ظريف هذه الاتهامات بأنها «مضحكة».