حتى الألم والوجع تحول على يديها إلى إبداع.. وما هو الغريب مع مبدعة ومفكرة وأديبة ومناضلة مثل د. نوال السعداوي.. لقد عصفت بروحى سطور مقالها بالأهرام الأربعاء الماضى وأنا أعيش فى عزلة ووحشة نفسية لا تقل عن عزلتها وقسوة ووحدة الشيخوخة والغروب وتوابعها الصحية والنفسية ورعب افتقاد أنظمة آمنة للرعاية الصحية والاجتماعية والإنسانية لمن يتقدم بهم العمر خاصة من المبدعين والمفكرين والكتاب عندما يكتشفون فى ذروة شتاء العمر أنهم أصبحوا وحدهم وأن ما اجتهدوا فى تقديمه من فكر وإبداع واعتراك قضايا ومعاناة وطنهم وأبنائه لم يطرح أشجار أمان ورعاية تظللهم وتحنو عليهم فى زمان يعصف بكل الأجيال التى قبضت على جمرات قيمها ومبادئها!! عبر الهاتف تواصلت وسعدت بالاستماع إلى صوتها وعزة نفسها وشموخها وإيمانها أنها تمتلك أعظم ثروة يمتلكها من يتعالون ويستغنون عن أى عطاء أو تكريم وتقدير كلها من صميم وأعدل استحقاقات من أعطوا وتفانوا وأفنوا أعمارهم وصحتهم وأمنهم واستقرارهم محبة لبلادهم وأبنائها.. وأدركت من حوارى التليفونى معها أنها أجرت جراحة فى عينيها بإحدى مستشفياتنا الحكومية الكبرى وللأسف حدث خطأ كاد يعجزها تماما عن القراءة والكتابة ويضطرها إلى حقن شهرى فى العين بحقنة مستوردة عالية التكلفة!! أحسست أنها فى حاجة إلى مساعدة تقرأ لها وتملى عليها ما تكتب حتى لا تتوقف عن القراءة والكتابة أغلى ما عرفت وملكت وأبدعت.. وهى رغبة متواضعة تستطيع أن تقوم بها موظفة شابة بوزارة الثقافة التى أثق أن وزيرتها المحترمة د. إيناس عبد الدايم التى أعرف مدى احترامها للمبدعين وهى واحدة منهم وتقديم التكريم والتقدير الذى يليق بالدكتورة نوال وأن يكون لوزارة الثقافة على عهدها مبادرة ثقافية وإنسانية وصحية بالتعاون مع وزارة الصحة لرعاية وتكريم المبدعين والمفكرين والمثقفين فى وحشة الغروب والوحدة. كتبت فى الأسبوع الماضى عن امكاناتنا الذاتية وثرواتنا الطبيعية والبشرية والعلمية التى تتيح استغناءنا عن القروض والدين وعدم تحميل المواطن مزيدا من الأعباء والتكلفة الاقتصادية لهذه القروض وقدمت نماذج للمليارات المضيعة التى كنا نستطيع إضافتها لدخلنا القومى من خلال حسن وإدارة قلاعنا الصناعية المهملة وانتاج غذائنا من زرع أيدى فلاحينا.. كتبت كثيرا وطويلا وكتب زملاء فى فضائل وفرائض الاعتماد على ما تفيض به بلادنا من إمكانات ولفتتنى دعوة رئيس مجلس الوزراء خلال الأسبوع الماضى فى اجتماع مع وزراء الزراعة والتموين والتجارة والصناعة للاهتمام بزراعة القطن والصناعات النسيجية ووضع رؤية متكاملة لتوفير المحاصيل والسلع الاستراتيجية ورغم دهشتى لاضطرار رئيس مجلس الوزراء لهذه التوجيهات التى تمثل صميم مسئوليات وزاراتهم إلا أننى تمنيت أن تكون دعوته مؤشرا لاستجابة دائمة من الوزراء والمحافظين وسائر المسئولين لما يكتب ويطرح من أفكار ودعوات ورؤى تختلف وتتفق مع سياسات ومشروعات ومسارات وأولويات ومهما اختلفت لا تعنى أبدا الخلاف على سلامة ومصلحة وطن. لقد وقفت أمام أرقام ووقائع صادمة تكشف عن استمرار سوء وفشل وفساد إدارة ثرواتنا الزراعية والصناعية ومدى حقيقة أن صادرات منسوجاتنا 2٫5 مليار دولار بينما تصدر بنجلاديش بنحو 35 مليار دولار؟! وما جاء فى تحقيق استقصائى بالغ الأهمية فى صحيفة الأخبار 12/12/2018 عن المليارات الضائعة فى مشروعات متوقفة ومبان منسية وأصول غير مستغلة قدرتها دراسة للقيم التأمينية لها ب 15 ألف مليار دولار!! ألم يكن حسن إدارة وإحياء بعضها يغنى ويفيض ويحقق الاستغناء عن الديون والصناديق؟! وهل حوسب مسئول واحد عما ارتكب بحق شعب تحمل وحده تبعات وكوارث هذه الإدارات الثرواتية التى تشير فى منتصف 2018 إلى أنها تبلغ مائة مليار جنيه قيمة أصول غير مستغلة فى شركات قطاع الأعمال العام بينما تبلغ صادراتها 860 مليون جنيه فقط!! وتبلغ قيمة الأقطان المستوردة 1.9 مليار جنيه ولا تتوقف محاولات أصحاب محالج لهدم زراعة القطن المصرى طويل التيلة وفرض زراعة القطن الايلاند الأمريكى قصير التيلة!! احترام المسئولين لما يكتب من رؤى نقدية تحاول أن تقدم وتصحح وتنبه وتدق أجراس الخطر لا يقل عنه أهمية إجابة ما يتردد من تساؤلات كثيرة من حق الناس أن تجد إجابات موثقة عليها وهو أمر لا يقل أهمية عن الرد على الشائعات.. على سبيل المثال هل أُجريت دراسات الجدوى الكافية عن الكم الهائل من المدن الجديدة والأبراج الشاهقة لفرص الحياة وهل تناسب أسعارها الشباب ومدى صحة المخاوف أن تذهب هذه الثروة العقارية كالمعتاد لأصحاب الثروات والقوى المالية التى تزداد تضخما وتمكنا ويتحول شبابنا إلى غرباء فى بلدهم!! وحق أكثر من عشرة ملايين من أصحاب المعاشات فى معرفة مصير أكثر من 700 مليار جنيه تحويشة أعمارهم تستثمر منها الحكومة 550 مليار جنيه بينما يعانى أصحابها أصعب ظروف هذه المراحل القاسية فى نهايات أعمارهم!! وأعود لأؤكد أنه وسط ما تحملته ومازالت عشرات الملايين من الأرصدة والظهير الشعبى لدولة 30/6 فالشفافية والمصارحة فريضة لتخفيف بعض معاناتهم وتستدعى بعض اطمئنانهم والأمل فى الغد القادم وفى احترام استحقاقهم فى عائد وثمار ما صبروا وتحملوا وحدهم من أجل أن تعبر بلادهم أزمات وكوارث صنعها من لم يتوقفوا عن نهب وإهدار واستغلال الإمكانات والثروات التى يفيض بها هذا الوطن. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد