قضت « الاهرام « يوما كاملا مع فريق عمل مبادرة «حياة كريمة» لانقاذ المشردين بشوارع اسيوط..كشفت الجولة عن وجود عالم اخر خاص بهؤلاء المشردين والاستغلال البشع من عصابات تشغلهم وتنتهك حقوقهم لدرجة انهم اوهموا هؤلاء الأطفال بأن فرق الإنقاذ ما هى إلا مافيا لسرقة أعضائهم البشرية...وتفاصيل أخرى ربما تكون صادمة. بداية يقول عبد القادر سالم مسئول المتابعة والتقييم بالبرنامج بمديرية تضامن أسيوط إن المبادرة الممولة من صندوق «تحيا مصر» والتضامن الاجتماعى نجحت منذ انطلاقها فى التعامل مع 213 مشردا و التعامل مع 74 طفلا من خلال أخصائيى النشاط قاموا بممارسة أنشطة متنوعة داخل أتوبيس أطفال بلا مأوى،لافتا الى أن أغلب نسبة المدخنين بين الأطفال المشردين تصل الى 98 % وبعضهم مدمنون. وأضاف عبد القادر انه لا يمكن أن نتجاهل أن أغلب هؤلاء الأطفال يتم استغلالهم فى أعمال التسول ومنهم من يتعرض للانتهاكات والإيذاء ممن يقومون بتسريحهم واستغلالهم وهو ما يصعب من المهمة بخلاف أن منهم من تعرض لعقوبات شديدة بعدما استجاب لنا من قبل هذه «المافيا» فى محاولة لتهديده وغيره من عدم الاستجابة لفريق الإنقاذ، مؤكدا أنه فور عمل فريق الإنقاذ كانت هناك حملة مضادة لإيهامهم وتخويفهم من أن فريق الشارع «أطفال بلا مأوى» ما هو إلا عصابة للاتجار فى الأعضاء البشرية حتى لا يستجيب الأطفال لنا وخلال الفترة الماضية نجحنا إلى حد كبير فى زرع الثقة لدى هؤلاء الأطفال. البلطجى الصغير ومن الأمور التى رصدها فريق الشارع التابع لجمعية كاريتاس المسئول عن تنفيذ البرنامج أن الأطفال فيما بينهم يفعلون ما يفعله بهم الكبار من بلطجة وفرض الإتاوات حتى إن بعضهم يقوم بتسريح عدد لحسابه وكلما تقدم فى السن كلما كان أكثر استغلالا وسيطرة، كما أن الأطفال الموجودين فى الشارع ليسوا جميعا مشردين وإن كان أغلبهم على مستوى عال من الذكاء حتى يتمكن من العيش فى ظل الظروف القاسية بالشارع ومنهم أطفال متسولون لصالح الغير أو يعملون لحسابهم، ومن الأطفال الذين التقى بهم الفريق طفل دائما ما يكون جالسا فى المنفذ الكبير ورغم برودة الجو فإنه يجلس مرتديا ملابس خفيفة وممزقة ليستدر عطف الناس وبعضهم كان يتبرع له بملابس وعندما تعامل الفريق معه ودعوه لدار الرعاية رفض بشدة ليتبين لهم بعدها أن له أسرة وبيتا وأنه يتسول لبعض الوقت ويعود لمنزله وعرفنا كذلك أن له سقفا معينا فى التسول وهو مبلغ 150 جنيها ليشترى بها « عشاء من اللحوم والدواجن « بصورة يومية وحاولنا معه ومازلنا لتأهيله وعندما راقبناه فى بعض الوقت فوجئنا أنه فى نحو 20 دقيقة جمع نحو 80 جنيها من التسول. فتاة تحمل رضيعة ولعل من أصعب الحالات كانت تلك الطفلة التى لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها وتحمل رضيعة وكانت وطفلتها محل استهداف وعندما تحدثنا معها فوجئنا بأن لها شقيقات يمارسن التسول وتم نقلها وابنتها لدار الرعاية واكتشفوا بعد ذلك أنها حررت 3 محاضر لثلاثة أشخاص تدعى أنهم آباء لطفلتها. كما التقى الفريق طفلا لم يتجاوز الثامنة من عمره وقد هرب من أسرته بالقاهرة بعد تعرضه لحادث قطار أفقده ساقه وهو ما كان حافزا لوالديه أن يستخدماه فى التسول بدعوى حاجته لتركيب طرف صناعى ولكنه رفض وكانت النتيجة وسط ضغط ومضايقة أهله أن هرب من القاهرةلأسيوط متخذا من أحد الكبارى مكانا له وتم التعامل معه وإلحاقه بدار الرعاية لتأهيله نفسيا واجتماعيا، وعلى مقربة منه كان طفل آخر ينتمى لأسرة ميسورة الحال ولكن نظرا لوفاة والده ورفض أعمامه رعايته قرر ترك المنزل وافترش الشارع . وأضاف الفريق أننا اكتشفنا طاقات جبارة لدى هؤلاء الأطفال وعندهم قدرة على الإبداع حيث يقومون برسم لوحاتهم وذيلوها بأسمائهم من خلال الأنشطة التى نقدمها لهم ولفت الفريق إلى أن معظم حالات الأطفال والكبار فى الشارع سواء كانوا مرضى أو مشردين أو متسولين و يتمركزون فى مدينة أسيوط ومحطات السكة الحديد مستغلين اختلاف الوجوه كل يوم. وشدد أعضاء الفريق على تضافر كل جهود المجتمع فى سبيل إنجاح هذا المشروع القومى خصوصا مديرية الصحة مطالبين بدعم منظمات المجتمع المدنى لأن امكانات دور الرعاية محدودة ولافتين إلى أنهم يعملون وفق خطة شهرية معدة مسبقا. ويقول مجدى نجيب وكيل مديرية التضامن الاجتماعى بأسيوط إن المديرية بدأت برنامج رعاية الأطفال بلا مأوى فى أواخر يوليو 2017 وتم خلال هذه الفترة التعامل مع نحو 1200طفل تم دمج 11 طفلا منهم بأسرهم وإيداع نحو 35 اخرين دار الرعاية و تأهيل 29 منهم وتسليمهم لذويهم، وفى بداية شهر يناير 2019 ومع إطلاق مبادرة حياة كريمة شقت المبادرة طريقها على أرض أسيوط والتى تستهدف كل المشردين بمن فيهم كبار السن خصوصا أن أغلبهم مرضى كما أن هناك شراسة فى التعامل من قبل بعض المشردين نتيجة وجودهم فى الشارع لفترات وبعضهم كان يمثل خطرا على المواطنين، ناهيك عن خطورته على نفسه وهو ما يتطلب وجود تجهيزات خاصة لفريق أطفال بلا مأوى كذلك نحتاج لتوفير عدد من الأطباء خصوصا النفسيين لأنهم الأقدر على التعامل مع مثل هذه الحالات لتأهيلهم صحيا و نفسيا ليصبح الفريق متكاملا لافتا إلى أن الفريق يواصل عمله يوميا من الساعة الرابعة عصرا وحتى العاشرة مساء و ينزل للشارع فى أى وقت فى حالات الضرورة وهناك تعاون كبير وتفاعل من قبل المواطنين مع المبادرة وإرسالهم لصور أى حالات يتم رصدها لبوابة أسيوط الالكترونية وكذلك عبر ال «واتس آب» لافتا إلى أنه يتم تنفيذ البرنامج من خلال الوحدة المتنقلة والمجهزة لذلك ثم فريق العمل الذى يضم مسعفا وإخصائى نشاط وأخصائيا نفسيا وإخصائيا اجتماعيا وسائقا ولكل أدواته التى تساعده على أداء عمله. من جانبه قال اللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط ان المحافظة تواصل جهودها لإنقاذ كبار السن والأطفال بلا مأوى المقيمين بالأرصفة والشوارع بالتنسيق مع مديرية التضامن الاجتماعى وإيداعهم دور الرعاية المخصصة وتوفير الوجبات الساخنة والبطاطين وقد تم تخصيص 3 دور رعاية بالمحافظة هى «دار الرعاية الشاملة» للأطفال اقل من 18 سنة و«دار رعاية كبار السن المشردين للرجال» و «دار رعاية المسنات» للسيدات كما قام محافظ أسيوط بتكريم فريق العمل لتشجيعهم معلنا دعمه الكامل ليواصل الفريق مهمته.
