بتأسيس جيف بيزوس موقع أمازون، المتخصص في بيع الكتب على الإنترنت، سنة 1995، بدأت رحلته مع الثروة. وبشرائه جريدة واشنطن بوست، سنة 2013، أنهي سيطرة عائلة جراهام على المؤسسة لأكثر من أربعة عقود. ثم توالت قفزاته في قائمة أغنى أغنياء العالم ليصل إلى المرتبة الأولى، لكنه قد يتراجع إلى المرتبة الثانية بعد انفصاله عن زوجته، الذي سيكلفه ما يزيد على 65 مليار دولار، بموجب القانون المعمول به في ولاية واشنطن، حيث يعيش، الذي ينص على اقتسام ثروة الزوجين بالتساوي، حال انفصا لهما. قيل إن سبب الانفصال هو تشكك ماكينزي بيزوس، طليقة الملياردير، في وجود علاقة بينه وبين لورين سانشيز، النجمة التليفزيونية الأمريكية. ولم تمض أيام، حتى كشفت جريدة ناشيونال نكوايرر أن بيزوس أرسل إلى سانشيز، صورًا فاضحة له، ورسائل نصية تحمل إيحاءات جنسية. وهنا، ظهرت عدة فرضيات حول كيفية وصول الرسائل والصور إلى الجريدة، المعروفة بتصيدها للفضائح، بينها أن سانشيز كانت تحاول أن تثبت لإحدى صديقاتها أنها على علاقة بالملياردير الشهير، فأرسلت لها الصور والرسائل التي وصلتها منه، فقامت تلك الصديقة ببيع الصور للجريدة. وهناك من رجّحوا أن يكون بيزوس قد تعرض للقرصنة. معروف أن بيزوس يحيط نفسه بعدد من كبار المسئولين السابقين في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي. ومع أن هؤلاء يمكنهم الوصول إلى من قام بالتسريب، ومع أن الرجل قال إنه يجري تحقيقًا بهذا الشأن، إلا أنه استبق النتائج ببيان أصدره، الخميس قبل الماضي، زعم فيه أن جريدة ناشيونال إنكوايرر قامت بتهديده وابتزازه. ووجه اتهامات إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بزعم أن جريدة واشنطن بوست، التي يملكها، كسبت عداءه بسبب انتقاداتها المستمرة لسياساته، خاصة بعد نشرها تقارير عن صلات ترامب الوثيقة، وعائلته، بقادة السعودية ورفضه إدانة المملكة، على خلفية مقتل جمال خاشقجي، موضحًا أن طريقة تغطية واشنطن بوست لتلك القضية لم تكن محبوبة، بلا شك، لدى بعض الدوائر. بإقحام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في الموضوع، ثم المملكة العربية السعودية، خفتت قصة الطلاق الأغلى في العالم وتضاءلت أهمية إزاحة بيزوس عن صدارة قائمة أغنى أغنياء العالم وتم تجاهل مصير أمازون، وغيرها من الشركات، بعد فقدانه نصف أسهمه فيها. كما تنازلت صحف الفضائح عن قصة تتضمن العناصر الثلاثة الضامنة لنجاح القصة الفضائحية المثيرة: الزوج، الزوجة، والعشيقة. ولا نتوقع أن تعود تلك القصص إلى الصدارة، حتى بعد أن ذكر موقع ديلي بيست، أن الشخص الذي قام بتسريب الرسائل والصور، هو مايكل سانشيز، شقيق لورين!. المهتمون بالقضية، ومتابعوها، لم يفاجئهم أن بيزوس لم يتعرض للقرصنة كما كان محتملًا. ولم يفاجئهم اسم القائم بالتسريب، بل هناك من استنتجوه من لقاء عرضته شبكة «إيه بي سي»، الأحد الماضي، مع إلكان أبراموفيتش، محامي شركة أمريكان ميديا مالكة جريدة ناشيونال إنكوايرر، والممثل القانوني لها، الذي أكد أن القضية ليست سياسية بالمرة، وأن الرسالة التي عرضها بيزوس، وادعي فيها أن ديفيد بيكر، الرئيس التنفيذي لشركة أمريكان ميديا، هدده فيها بنشر صوره ورسائله إلى عشيقته، لم يكن هدفها الابتزاز، بل ما حدث هو أن ناشيونال إنكوايرر، حصلت على تلك الرسائل والصور من مصدر موثوق فيه ومقرب من بيزوس وعشيقته لورين سانشيز. وأضاف أبراموفيتش: بالطبع لا يمكنني أن أكشف من هو أن المصدر، حفاظًا على سرية المصادر، لكن ما يمكنني تأكيده هو الرئيس ترامب أو السعودية لا علاقة لهما بتسريب الرسائل والصور، أو بأي عملية ابتزاز مزعومة. محامي أمريكان ميديا وممثلها القانوني أكد أن الشركة لا تخوض أبدًا حروبًا بالوكالة، سواء عن السعودية أو بسبب موقف واشنطن بوست من أي قضية. ورجّح أن يكون الهدف من تلك الرسالة التي استند إليها بيزوس، هو التفاوض وليس الابتزاز. موضحًا أن الأخير تربطه مصالح عديدة مع أمريكان ميديا، وأن هناك خلافات بينهما، كانا يسعيان لحلها. وعليه، يمكننا ترجيح وجود دوافع شخصية وراء التسريب، ومصالح تجارية وراء النشر. كما يمكننا استبعاد أي دوافع سياسية لهذا أو ذاك. لكن السؤال الأهم هنا: هل يمكن أن يكون لتسريب الصور والرسائل أو لنشرها، علاقة بأداء واشنطن بوست؟ أو بمعنى آخر، هل يمكن أن يكون الهدف هو الضغط على الجريدة، عبر مالكها، لتغيير توجهاتها أو لتخفيف حدة انتقادها لإدارة ترامب؟ على شاشة «سي إن إن»، ظهر توماس فريدمان، الكاتب المعروف بجريدة نيويورك تايمز، ليؤكد أن أي أحد يعرف أي شيء عن الصحافة، يعرف أن جيف بيزوس لا يكتب عناوين صحيفته أو يتدخل في تحريرها. غير أن هذا الكلام، كلام فريدمان، مردود عليه بأن مالك واشنطن بوست، بربطه بين التسريبات وصيغة تناول الجريدة، لسياسات أو قضايا، يكون قد اعترف، ضمنيًا، بأنه يتدخل في تحرير الجريدة، ويكون قد أثبت، مجددًا، صحة المثل القديم القائل: من يدفع للزمَّار.. يختار اللحن. لمزيد من مقالات ماجد حبته