أن تتعرض شركة ما لخسائر, فهذا أمر وارد.. لكن أن تستمر الأوضاع كما هي دون البحث بجدية عن حلول عاجلة للأزمة, فهو أمر يثير المخاوف, ويدعو للقلق هذا هو واقع الحال في الشركة المصرية للملاحة البحرية, التي غرقت في الديون, ولاحقتها الخسائر. تلك اوضاع كشفت عنها المذكرات, والاستغاثات, والخطابات, التي بعثت بها اللجنة النقابية للعاملين بالشركة إلي مختلف الجهات المعنية, والتي حصلت' تحقيقات الأهرام' علي نسخة منها.. أما ماذا حدث للشركة ؟.. وكيف؟.. فالتفاصيل في السطور المقبلة: الذي حدث, أن المصرية للملاحة البحرية كانت تخضع للقانون رقم203 لسنة1991 م, وبمقتضاه كانت الشركة تتبع الشركة القابضة للنقل البحري, ثم تحولت في عام2005 إلي القانون رقم129) الشركات المساهمة), وبالتبعية تملكت شركة الملاحة الوطنية نحو90% من أسهم الشركة المصرية للملاحة البحرية, وال8% من الأسهم إلي الشركة القابضة للنقل البحري, و2% لشركة الإسكندرية لتداول الحاويات, واعتقدنا أننا سوف ندخل عصر الاستثمار من أوسع أبوابه, وسوف تنتعش شركتنا, وبالتالي سوف يعم الخير علي كل العاملين في الشركة.. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن, فقد تبدلت أحوال المصرية للملاحة البحرية تماما, وبعد الأرباح, غرقنا في الديون, والخسائر!!.. هكذا قال لنا المهندس إسماعيل رجب عضو مجلس إدارة الشركة عن العمال في مجلسها الجديد.. وبالنسبة لنا, فقد استحوذت شركة الملاحة الوطنية علي الشركة المصرية للملاحة المصرية,- والكلام هنا يأتي علي لسان إبراهيم العجمي رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالشركة- صارت الشركة المصرية للملاحة البحرية قائمة بذاتها, وأصبح دخل الشركة مقصورا علي السفن التي نقوم بتشغيلها, وعددها14 سفينة, ولكن تهالكت سفن, فتم بيع سفينتين, وكانت لدينا ناقلة بترول تسمي العجمي, وكانت تدر دخلا قدره10 ملايين دولار سنويا, ومن ثم تغطي تكاليف الشركة, ورواتب العاملين, لكن خرجت العجمي من التشغيل في نهاية عام2005 طبقا لتعليمات التفتيش البحري, وتم بيعها لمستثمر عراقي, وهي تعمل حاليا بين العراق والكويت. وهكذا خرجت شركة الملاحة البحرية من نشاط نقل البترول, ودخلت شركة أخري, وعندما حاولنا استعادة نشاطنا في هذا المجال, قالوا لنا: لابد أن نشتري مركبا أو نستأجره, وندخل المناقصة. وقبل الاستحواذ,- والحديث هنا ل علاء فهمي عضو اللجنة النقابية بالشركة ومدير إدارة الحسابات- كانت شركتنا تحقق أرباحا, ففي عام2003, بلغت أرباح الشركة11 مليونا و535 ألف جنيه, وفي عام2004 بلغت الأرباح55 مليون جنيه, زادت في عام2005 إلي58 مليون جنيه, حتي وقع الاستحواذ!! هل تتجه النية لتصفية الشركة؟ نعود إلي المهندس إسماعيل رجب, والذي يبدي مخاوفه من أن تكون النية مبيتة لكي تظل الشركة في حالة التعثر التي تعيشها حاليا, وبالتالي استمرار الخسائر, ومن ثم يكون البديل- الذي يردده البعض- هو إحالة العاملين- وهم من خيرة الخبرات الملاحية- إلي المعاش المبكر, وبيع المراكب لسداد ديون الشركة, وما يتبقي من التركة تحصل عليه شركة الملاحة الوطنية, وهكذا سيتم إعلان غرق الأسطول الملاحي الوطني.., دون أن يتحرك أحد لإنقاذه. الأسباب الحقيقية للتدهور وفي31 مارس الماضي, اجتمعت الجمعية العمومية العادية للشركة المصرية للملاحة البحرية, حيث تقدم مجلس الإدارة باستقالته, وتم تعيين مجلس إدارة جديد برئاسة الفريق أول تامر عبد العليم فايد, وتم تعيين اللواء بهاء عزيز نخلة مساعدا للعضو المنتدب للشئون الفنية والهندسية, واللواء شريف رضوان مساعدا للعضو المنتدب للشئون المالية والتجارية مع أنهما كانا ضمن مجلس الإدارة السابق الذي قدم استقالته. وفي الجمعية العمومية الأخيرة التي عقدت في31 مارس الماضي, تقرر صرف مكافأة تعادل4 أشهر للعاملين, بالرغم من الخسائر التي حققتها الشركة, لاسيما أن الجمعية العمومية رأت أنه لا علاقة للعاملين بالشركة, ومجلس الإدارة السابق بخسائر التشغيل التي حدثت في عام2009, خاصة أن الخسائر التي لحقت بالشركة, قد لحقت أيضا بجميع شركات الملاحة داخل مصر وخارجها, والخسائر حدثت نتيجة تدني السوق الملاحية, وانخفاض قيمة تأجير السفن إلي3500 دولار في اليوم, في حين كانت السفن تستأجر بنحو9 آلاف دولار يوميا, فضلا عن انخفاض قيمة نوالين الشحن عالميا, وانخفاض صادرات السوق المصرية, حتي بدأ الانتعاش منذ فبراير الماضي بانطلاق موسم تصدير البطاطس والأرز إلي الموانئ الأوروبية والعربية, بالإضافة إلي ارتفاع تكاليف عمرات السفن, وتحمل الشركة كل أعباء الديون قبل الاستحواذ عليها, ونقل تبعيتها علي شركة الملاحة الوطنية.. بل إن بعض الشركات حققت خسائر تفوق ما حققته المصرية للملاحة البحرية. ونسأل: هل من حق الجمعية العمومية غير العادية أن تقبل استقالة مجلس الإدارة؟ وهل تتجه النية لرفع مكافأة المعاش المبكر لتشجيع العاملين بالشركة علي الخروج للمعاش؟ ثم يأتي سؤال أخير: وهو من سيدفع مرتبات العاملين اعتبارا من الشهر المقبل؟, لاسيما أن الوطنية للملاحة كما ذكرت مصادرنا تستعد لسداد أقساط قروض للبنك الأهلي بقيمة1400 مليون جنيه, وهي ثمن مراكب كانت قد اشترتها من كوريا. الأزمة تتصاعد وقد تصاعدت أزمة الشركة المصرية للملاحة البحرية كما يقول المهندس نصر حميدو نائب رئيس النقابة العامة للعاملين بالشركة, وممثل الشركة لدي الجهات الدولية بالخارج- هو أن مصلحة الضرائب لا تزال تطالبنا بسداد32 مليون جنيه من أصل58 مليون جنيه كان قد تم ربطها علي الشركة وقمنا بسداد26 مليون جنيه منها, ولأننا لا نستطيع سداد الضرائب, تم الحجز علي كل حسابات الشركة في البنوك, بحيث تقوم مصلحة الضرائب بتحصيل المتأخرات الضريبية, من نوالين الشحن التي ترد إلي الشركة من الخارج عبر حساباتها في البنوك, والنتيجة أننا لن نجد مرتبات العاملين, ولن نستطيع إجراء عمرات السفن في مواعيدها المقررة, وسوف تخرج الشركة من الخدمة! ملف الشركة في مجلس الشعب من جانب آخر, ذكرت مصادرنا داخل المصرية للملاحة البحرية أن النائب كمال احمد عضو مجلس الشعب قد تقدم ومعه11 نائبا- بطلب إحاطة عاجل إلي وزير الاستثمار, وأحاله الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب, إلي لجنتي القوي العاملة برئاسة حسين مجاور, والنقل والمواصلات برئاسة حمدي الطحان, ولم يتم البت في القضية حتي الآن. لا مساس بحقوق العاملين حملنا ملف القضية إلي محمد شوقي يونس رئيس مجلس إدارة شركة الملاحة الوطنية, والتي استحوذت علي المصرية للملاحة البحرية, الذي أكد لنا أن مجلس إدارة الوطنية للملاحة لم يتأخر في سداد رواتب العاملين بالمصرية للملاحة, ولكن يجب وضع حل لهذه الشركة يضمن استمرار تشغيلها, وعدم المساس بحقوق العاملين بها, كذلك- وهذا هو الأهم- فمن الضروري إقالة الشركة من عثرتها, ونحن نريد أن نعرف الوضع الحقيقي للشركة, حتي يتم وضع خطة الإصلاح المناسبة التي تساعدها علي الانطلاق, لان انهيار الشركة يعني ضياع استثماراتي بها, وقد بدأنا في التنفيذ, ودفعنا الرواتب, والتأمينات, والجزء الأول من الالتزامات العاجلة, ومؤخرا بدأت السوق الملاحية في التحسن, وللعلم الشركة المصرية للملاحة البحرية لديها8 مراكب' شغالة', والمفروض أن إدارة الشركة تتولي مسئولياتها في أن تحقق هذه السفن إيرادات تغطي المصروفات اليومية, وليس الالتزامات العاجلة, وهذه الالتزامات سوف نتعرض لها بصورة أو بأخري. لقد أبلغت إدارة المصرية للملاحة- والكلام لرئيس مجلس إدارة الوطنية للملاحة- بأننا سوف ندفع مستحقات المعاش المبكر لمن خرجوا, أما الرواتب فعليكم سدادها كنوع من التحفيز لكي تعمل إدارة هذه الشركة بجدية لكي تغطي إيراداتها مصروفاتها اليومية, وليس الالتزامات المتراكمة, فقد دفعنا حتي الآن مبلغا يتراوح بين28 و30 مليون جنيه, مع أن الوطنية شركة لها إدارتها, وسياساتها, واستثماراتها, والمصرية للملاحة كذلك.. أما المراكب التي يقولون إن المصرية كانت تريد شراءها فقد تم تقييمها بسعر9 ملايين دولار, بينما عرضت المصرية شراءها بثلاثة ملايين دولار فقط, وبتسهيلات فكيف أعطيها لهم بهذا السعر؟, وبخصوص مركب العجمي التي تم بيعها, فقد طرحنا عليهم شراء مركب أخري والتقدم لمناقصة نقل البترول, فقالوا إنه ليس بإمكانهم شراء مركب, والانتظار لمدة شهرين حتي يتم التقدم للمناقصة, وقد وافق مجلس إدارة المصرية للملاحة, علي أن تقوم الوطنية بهذا النشاط. ونحن لم نتدخل في إدارة الشركة التي كانت ناجحة من قبل, فلماذا لم تنجح منذ2005 وحتي الآن, قد تكون لديهم أسبابهم المعقولة, وربما لا تكون هناك أسباب, والخسائر بما ترجع لسوء إدارة, أو لأمور تتعلق بالسوق الملاحية, وإذا لم يكن هذا ولا ذاك, ربما يكون التعثر بسبب الحالة الفنية للسفن, وبالتالي إذا كانت المشكلة في السفن فلنبحث عن بدائل, وهذه مهمة مجلس الإدارة, وهناك مسائل فنية, واقتصادية, فإذا كانوا قادرين عليها فليستمروا, وإذا لم يكونوا غير قادرين فليقولوا لنا الأسباب.