التربص بالوطن أصبح سلوكا ملازما لأتباع الجماعة الإرهابية، بدءا من الشماتة فى سقوط الشهداء من الجيش والشرطة، مرورا بالتشكيك فى جدوى الإصلاحات الاقتصادية الراهنة أو مجاهرتهم بالولاء للدول التى تؤويهم واستبدلوا وطنهم بها، انتهاء بمحاولتهم المغرضة تشويه التعديلات الدستورية المرتقبة لتأمين مسار الممارسة الديمقراطية واستكمال ثورة البناء والتعمير فى ربوع الوطن. لجأ الإخوان لسلاحهم المفضل للهدم، فأطلقوا شائعة خبيثة بأن التعديلات تشمل المادة الخاصة بتحصين شيخ الأزهر من العزل وهو ما تم نفيه على الفور، وإبطال أول محاولة خرقاء لتشويه التعديلات شعبيا، وليثبت الفصيل الشيطانى أننا لن نأمن شره حتى ولو كانت قياداته خلف القضبان، لأن آلته الدعائية الممولة من الخارج لا تستسيغ شيوع الأمن والاستقرار أنحاء الوطن. امتلأت صفحة الإخوان بالبراهين على عدم رغبتهم الخروج من العباءة الضيقه للجماعة الدعوية نحو رحاب العمل السياسى الإصلاحي، ولاتمتلك قياداتهم شجاعة الاعتذار عما اقترفته أيديهم، ولا يتوقع أن يقود هؤلاء مراجعات فكرية تنبذ أفكارهم القطبية المتشددة لأنهم يعلمون تماما أن فى ذلك فناء لجماعتهم. فتح هؤلاء منذ زمن مزاد بيع الوطن بدم بارد (طز فى مصر)،ولا أتعجب سلوكهم فى مبادلة الوطن بأى رخيص، فمنذ أن خلطوا الدين بالسياسة وهم جاهزون لبيع الأرض مقابل الحكم والتمكين. وحاول البعض خلط الأوراق دون وعى بتساؤل ساذج: إذا كانت الحكومة المصرية تسعى لتحقيق المصالحة الفلسطينية بين الخصمين، فتح وحماس رغم أن الأخيرة متهمة بإراقة الدماء، فلماذا لا تسير الحكومة على نفس النهج مع الإخوان؟ الحقيقة أنه من الخطر على الاستقرار الداخلى أن يتم التعامل مع الإخوان بنفس المقاربة، فالجماعة تعانى معضلة أيديولوجية ترتكز على أنها ليست مثل الأحزاب الثورية أو الأصولية التى تم دمجها سياسيا فى آليات العمل الديمقراطى فى تجارب شهدها العالم، بسبب الطبيعة المعقدة لبنيتها التى تعظم مبدأ السمع والطاعة وإنكار الولاء للوطن ومؤسساته. ممارسات الجماعة تجاوزت دور التيار الذى وصل إلى الحكم ثم أزاحه الشعب، فالأزمة أخطر وتتمثل فى وجود جماعة سرية مشكلتها ليست مع النظام وحده، بل مع الشعب الذى لا يسلم من حماقاتها كل يوم. [email protected] [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين