ارتفاع ملحوظ.. أسعار الفراخ البيضاء اليوم الأحد 11 مايو 2025 بمطروح    شفافية في الذبح والتوزيع.. الأوقاف: صك الأضحية يصل كاملًا للمستحقين دون مصاريف    وزيرة التضامن: وقف دعم «تكافل وكرام» لرب الأسرة المدان جنائيًا واستقطاعه للمخالفين    بوتين: أوكرانيا اخترقت وقف الضربات على منشآت الطاقة    ديروط يستضيف طنطا في ختام مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    موعد مباراة برشلونة وريال مدريد في الدوري الإسباني    تعليق مثير من نجم الأهلي السابق على أزمة زيزو والزمالك    حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    محافظ القاهرة يشكل لجنة لفحص عقار النزهة وبيان تأثره بحريق مطعم أسفله    تامر أمين بعد انخفاض عددها بشكل كبير: الحمير راحت فين؟ (فيديو)    بسمة وهبة: ما يُقال الآن في حق بوسي شلبي اتهام خطير ومخزٍ    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    إنتهاء أزمة البحارة العالقين المصريين قبالة الشارقة..الإمارات ترفض الحل لشهور: أين هيبة السيسى ؟    نشرة التوك شو| "التضامن" تطلق ..مشروع تمكين ب 10 مليارات جنيه وملاك الإيجار القديم: سنحصل على حقوقن    سامي قمصان: احتويت المشاكل في الأهلي.. وهذا اللاعب قصر بحق نفسه    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 11 مايو 2025    انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    انتهاء هدنة عيد النصر التي أعلنها الرئيس الروسي في أوكرانيا    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حريق مطعم مصر الجديدة    التحفظ على صاحب مطعم شهير بمصر الجديدة (صور)    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    إصابة شاب صدمه قطار فى أبو تشت بقنا    وزير التعليم: إجراءات مشددة لامتحانات الثانوية العامة.. وتعميم الوجبات المدرسية الساخنة    إعلان اتفاق "وقف إطلاق النار" بين الهند وباكستان بوساطة أمريكية    غلطة غير مقصودة.. أحمد فهمي يحسم الجدل حول عودته لطليقته هنا الزاهد    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    أحمد فهمى يعتذر عن منشور له نشره بالخطأ    مثال للزوجة الوفية الصابرة.. نبيلة عبيد تدافع عن بوسي شلبي    "التعليم": تنفيذ برامج تنمية مهارات القراءة والكتابة خلال الفترة الصيفية    وزير الصحة: 215 مليار جنيه لتطوير 1255 مشروعًا بالقطاع الصحي في 8 سنوات    إجراء 12 عملية جراحة وجه وفكين والقضاء على قوائم الانتظار بمستشفيي قويسنا وبركة السبع    حكام مباريات الأحد في الجولة السادسة من المرحلة النهائية للدوري المصري    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    مصابون فلسطينيون في قصف للاحتلال استهدف منزلا شمال غزة    رياضة ½ الليل| هزيمتان للفراعنة.. الزمالك يلجأ لأمريكا.. كلمات بيسيرو المؤثرة.. وشريف ومصطفى احتياطي    قمصان: زيزو سيكون إضافة كبيرة للأهلي.. الساعي قصر وهذه حقيقة خلاف كولر وأفشة    «التعاون الخليجي» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    في أهمية صناعة الناخب ومحاولة إنتاجه من أجل استقرار واستمرار الوطن    باكستان تعلن إحياء "يوم الشكر" احتفالًا بنجاح عملية "البنيان المرصوص" ضد الهند    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    راموس يقود باريس سان جيرمان لاكتساح مونبلييه برباعية    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    حان وقت التخلص من بعض العلاقات.. حظ برج القوس اليوم 11 مايو    «عشان تناموا وضميركم مرتاح».. عمرو أديب يوجه رسالة إلى أبناء محمود عبدالعزيز    خالد الغندور: مباراة مودرن سبورت تحسم مصير تامر مصطفى مع الإسماعيلي    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 11 مايو 2025    أبرزها الإجهاد والتوتر في بيئة العمل.. أسباب زيادة أمراض القلب والذبحة الصدرية عند الشباب    تبدأ قبلها بأسابيع وتجاهلها يقلل فرص نجاتك.. علامات مبكرة ل الأزمة القلبية (انتبه لها!)    منها «الشيكولاتة ومخلل الكرنب».. 6 أطعمة سيئة مفيدة للأمعاء    سعر الذهب اليوم الأحد 11 مايو محليًا وعالميًا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا يبحثان مستجدات الأوضاع    بوتين يعبر عن قلقه بشأن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمى والعيش المشترك
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 02 - 2019


* تبنى الحوار دربا والتعاون سبيلا والتعارف نهجا
* التطرف الدينى والقومى أثمر عن أجواء حرب عالمية ثالثة
* حماية دور العبادة واجب تكفله الأديان السماوية والقيم الأخلاقية
* حق المرأة فى العمل والتعليم وممارسة الحقوق السياسية ضرورة ملحة
يحمل الإيمان المؤمن على أن يرى فى الآخر أخا له، عليه أن يؤازره ويحبه. وانطلاقا من الإيمان بالله الذى خلق الناس جميعا وخلق الكون والخلائق وساوى بينهم برحمته، فإن المؤمن مدعو للتعبير عن هذه الأخوة الإنسانية بالاعتناء بالخليقة وبالكون كله، وبتقديم العون لكل إنسان، لا سيما الضعفاء منهم والأشخاص الأكثر حاجة وعوزا.
وانطلاقا من هذا المعنى المتسامي، وفى عدة لقاءات سادها جو مفعم بالأخوة والصداقة تشاركنا الحديث عن أفراح العالم المعاصر وأحزانه وأزماته سواء على مستوى التقدم العلمى والتقني، والإنجازات العلاجية، والعصر الرقمي، ووسائل الإعلام الحديثة، أو على مستوى الفقر والحروب، والآلام التى يعانى منها العديد من إخوتنا وأخواتنا فى مناطق مختلفة من العالم، نتيجة سباق التسلح، والظلم الاجتماعي، والفساد، وعدم المساواة، والتدهور الأخلاقي، والإرهاب، والعنصرية والتطرف، وغيرها من الأسباب الأخري. ومن خلال هذه المحادثات الأخوية الصادقة التى دارت بيننا، وفى لقاء يملؤه الأمل فى غد مشرق لكل بنى الإنسان، ولدت فكرة «وثيقة الأخوة الإنسانية»، وجرى العمل عليها بإخلاص وجدية؛ لتكون إعلانا مشتركا عن نوايا صالحة وصادقة من أجل دعوة كل من يحملون فى قلوبهم إيمانا بالله وإيمانا بالأخوة الإنسانية أن يتوحدوا ويعملوا معا من أجل أن تصبح هذه الوثيقة دليلا للأجيال القادمة، يأخذهم إلى ثقافة الاحترام المتبادل، فى جو من إدراك النعمة الإلهية الكبرى التى جعلت من الخلق جميعا إخوة.
الوثيقة
باسم الله الذى خلق البشر جميعا متساوين فى الحقوق والواجبات والكرامة، ودعاهم للعيش كإخوة فيما بينهم ليعمروا الأرض، وينشروا فيها قيم الخير والمحبة والسلام.
باسم النفس البشرية الطاهرة التى حرم الله إزهاقها، وأخبر أنه من جنى على نفس واحدة فكأنه جنى على البشرية جمعاء، ومن أحيا نفسا واحدة فكأنما أحيا الناس جميعا.
باسم الفقراء والبؤساء والمحرومين والمهمشين الذين أمر الله بالإحسان إليهم ومد يد العون للتخفيف عنهم، فرضا على كل إنسان لا سيما كل مقتدر وميسور.
باسم الأيتام والأرامل، والمهجرين والنازحين من ديارهم وأوطانهم، وكل ضحايا الحروب والاضطهاد والظلم، والمستضعفين والخائفين والأسرى والمعذبين فى الأرض، دون إقصاء أو تمييز.
باسم الشعوب التى فقدت الأمن والسلام والتعايش، وحل بها الدمار والخراب والتناحر.
باسم «الأخوة الإنسانية» التى تجمع البشر جميعا، وتوحدهم وتسوى بينهم.
باسم تلك الأخوة التى أرهقتها سياسات التعصب والتفرقة، التى تعبث بمصائر الشعوب ومقدراتهم، وأنظمة التربح الأعمي، والتوجهات الأيدلوجية البغيضة.
باسم الحرية التى وهبها الله لكل البشر وفطرهم عليها وميزهم بها.
باسم العدل والرحمة، أساس الملك وجوهر الصلاح.
باسم كل الأشخاص ذوى الإرادة الصالحة، فى كل بقاع المسكونة.
باسم الله وباسم كل ما سبق، يعلن الأزهر الشريف - ومن حوله المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها - والكنيسة الكاثوليكية - ومن حولها الكاثوليك من الشرق والغرب - تبنى ثقافة الحوار دربا، والتعاون المشترك سبيلا، والتعارف المتبادل نهجا وطريقا.
إننا نحن - المؤمنين بالله وبلقائه وبحسابه - ومن منطلق مسئوليتنا الدينية والأدبية، وعبر هذه الوثيقة، نطالب أنفسنا وقادة العالم، وصناع السياسات الدولية والاقتصاد العالمي، بالعمل جديا على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فورا لإيقاف سيل الدماء البريئة، ووقف ما يشهده العالم حاليا من حروب وصراعات وتراجع مناخى وانحدار ثقافى وأخلاقي.
ونتوجه للمفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين فى كل مكان ليعيدوا اكتشاف قيم السلام والعدل والخير والجمال والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وليؤكدوا أهميتها كطوق نجاة للجميع، وليسعوا فى نشر هذه القيم بين الناس فى كل مكان.
إن هذا الإعلان الذى يأتى انطلاقا من تأمل عميق لواقع عالمنا المعاصر وتقدير نجاحاته ومعايشة آلامه ومآسيه وكوارثه - ليؤمن إيمانا جازما بأن أهم أسباب أزمة العالم اليوم يعود إلى تغييب الضمير الإنسانى وإقصاء الأخلاق الدينية، وكذلك استدعاء النزعة الفردية والفلسفات المادية، التى تؤله الإنسان، وتضع القيم المادية الدنيوية موضع المبادئ العليا والمتسامية.
إننا، وإن كنا نقدر الجوانب الإيجابية التى حققتها حضارتنا الحديثة فى مجال العلم والتقنية والطب والصناعة والرفاهية، وبخاصة فى الدول المتقدمة، فإنا - مع ذلك - نسجل أن هذه القفزات التاريخية الكبرى والمحمودة تراجعت معها الأخلاق الضابطة للتصرفات الدولية، وتراجعت القيم الروحية والشعور بالمسئولية، مما أسهم فى نشر شعور عام بالإحباط والعزلة واليأس، ودفع الكثيرين إلى الانخراط إما فى دوامة التطرف الإلحادى واللاديني، وإما فى دوامة التطرف الدينى والتشدد والتعصب الأعمي، كما دفع البعض إلى تبنى أشكال من الإدمان والتدمير الذاتى والجماعي.
إن التاريخ يؤكد أن التطرف الدينى والقومى والتعصب قد أثمر فى العالم، سواء فى الغرب أو الشرق، ما يمكن أن نطلق عليه بوادر «حرب عالمية ثالثة على أجزاء»، بدأت تكشف عن وجهها القبيح فى كثير من الأماكن، وعن أوضاع مأساوية لا يعرف - على وجه الدقة - عدد من خلفتهم من قتلى وأرامل وثكالى وأيتام، وهناك أماكن أخرى يجرى إعدادها لمزيد من الانفجار وتكديس السلاح وجلب الذخائر، فى وضع عالمى تسيطر عليه الضبابية وخيبة الأمل والخوف من المستقبل، وتتحكم فيه المصالح المادية الضيقة.
ونشدد أيضا على أن الأزمات السياسية الطاحنة، والظلم وافتقاد عدالة التوزيع للثروات الطبيعية - التى يستأثر بها قلة من الأثرياء ويحرم منها السواد الأعظم من شعوب الأرض قد أنتج وينتج أعدادا هائلة من المرضى والمعوزين والموتي، وأزمات قاتلة تشهدها كثير من الدول، برغم ما تزخر به تلك البلاد من كنوز وثروات، وما تملكه من سواعد قوية وشباب واعد. وأمام هذه الأزمات التى تجعل ملايين الأطفال يموتون جوعا، وتتحول أجسادهم - من شدة الفقر والجوع - إلى ما يشبه الهياكل العظمية البالية، يسود صمت عالمى غير مقبول.
وهنا تظهر ضرورة الأسرة كنواة لا غنى عنها للمجتمع وللبشرية، لإنجاب الأبناء وتربيتهم وتعليمهم وتحصينهم بالأخلاق وبالرعاية الأسرية، فمهاجمة المؤسسة الأسرية والتقليل منها والتشكيك فى أهمية دورها هو من أخطر أمراض عصرنا.
إننا نؤكد أيضا أهمية إيقاظ الحس الدينى والحاجة لبعثه مجددا فى نفوس الأجيال الجديدة عن طريق التربية الصحيحة والتنشئة السليمة والتحلى بالأخلاق والتمسك بالتعاليم الدينية القويمة لمواجهة النزعات الفردية والأنانية والصدامية، والتطرف والتعصب الأعمى بكل أشكاله وصوره.
إن هدف الأديان الأول والأهم هو الإيمان بالله وعبادته، وحث جميع البشر على الإيمان بأن هذا الكون يعتمد على إله يحكمه، هو الخالق الذى أوجدنا بحكمة إلهية، وأعطانا هبة الحياة لنحافظ عليها، هبة لا يحق لأى إنسان أن ينزعها أو يهددها أو يتصرف بها كما يشاء، بل على الجميع المحافظة عليها منذ بدايتها وحتى نهايتها الطبيعية، لذا ندين كل الممارسات التى تهدد الحياة، كالإبادة الجماعية، والعمليات الإرهابية، والتهجير القسري، والمتاجرة بالأعضاء البشرية، والإجهاض، وما يطلق عليه الموت (اللا) رحيم، والسياسات التى تشجعها.
كما نعلن وبحزم أن الأديان لم تكن أبدا بريدا للحروب أو باعثة لمشاعر الكراهية والعداء والتعصب، أو مثيرة للعنف وإراقة الدماء، فهذه المآسى حصيلة الانحراف عن التعاليم الدينية، ونتيجة استغلال الأديان فى السياسة، وكذا تأويلات طائفة من رجالات الدين فى بعض مراحل التاريخ ممن وظف بعضهم الشعور الدينى لدفع الناس للإتيان بما لا علاقة له بصحيح الدين، من أجل تحقيق أهداف سياسية واقتصادية دنيوية ضيقة، لذا فنحن نطالب الجميع بوقف استخدام الأديان فى تأجيج الكراهية والعنف والتطرف والتعصب الأعمي، والكف عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب والبطش، لإيماننا المشترك بأن الله لم يخلق الناس ليقتلوا أو ليتقاتلوا أو يعذبوا أو يضيق عليهم فى حياتهم ومعاشهم، وأنه عز وجل فى غنى عمن يدافع عنه أو يرهب الآخرين باسمه.
إن هذه الوثيقة، إذ تعتمد كل ما سبقها من وثائق عالمية نبهت إلى أهمية دور الأديان فى بناء السلام العالمي، فإنها تؤكد الآتي:
- القناعة الراسخة بأن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وتكريس الحكمة والعدل والإحسان، وإيقاظ نزعة التدين لدى النشء والشباب، لحماية الأجيال الجديدة من سيطرة الفكر المادى، ومن خطر سياسات التربح الأعمى واللامبالاة القائمة على قانون القوة لا على قوة القانون.
- أن الحرية حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف فى الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلا ثابتا تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضارى لا يقبله الآخر.
- أن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياة كريمة، يحق لكل إنسان أن يحيا فى كنفه.
- أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم فى احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التى تحاصر جزءا كبيرا من البشر.
- أن الحوار بين المؤمنين يعنى التلاقى فى المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك فى نشر الأخلاق والفضائل العليا التى تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم.
- أن حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هى خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية.
- أن الإرهاب البغيض الذى يهدد أمن الناس، سواء فى الشرق أو الغرب، وفى الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين - حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته - بل هو نتيجة لتراكمات الفهوم الخاطئة لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي؛ لذا يجب وقف دعم الحركات الإرهابية بالمال أو بالسلاح أو التخطيط أو التبرير، أو بتوفير الغطاء الإعلامى لها، واعتبار ذلك من الجرائم الدولية التى تهدد الأمن والسلم العالميين، ويجب إدانة ذلك التطرف بكل أشكاله وصوره.
- أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة فى الواجبات والحقوق التى ينعم فى ظلالها الجميع بالعدل؛ لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة فى مجتمعاتنا، والتخلى عن الاستخدام الإقصائى لمصطلح «الأقليات» الذى يحمل فى طياته الإحساس بالعزلة والدونية، ويمهد لبذور الفتن والشقاق، ويصادر على استحقاقات وحقوق بعض المواطنين الدينية والمدنية، ويؤدى إلى ممارسة التمييز ضدهم.
- أن العلاقة بين الشرق والغرب هى ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتنى كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات؛ فبإمكان الغرب أن يجد فى حضارة الشرق ما يعالج به بعض أمراضه الروحية والدينية التى نتجت عن طغيان الجانب المادي، كما بإمكان الشرق أن يجد فى حضارة الغرب كثيرا مما يساعد على انتشاله من حالات الضعف والفرقة والصراع والتراجع العلمى والتقنى والثقافي. ومن المهم التأكيد على ضرورة الانتباه للفوارق الدينية والثقافية والتاريخية التى تدخل عنصرا أساسيا فى تكوين شخصية الإنسان الشرقي، وثقافته وحضارته، والتأكيد على أهمية العمل على ترسيخ الحقوق الإنسانية العامة المشتركة، بما يسهم فى ضمان حياة كريمة لجميع البشر فى الشرق والغرب بعيدا عن سياسة الكيل بمكيالين.
- أن الاعتراف بحق المرأة فى التعليم والعمل وممارسة حقوقها السياسية هو ضرورة ملحة، وكذلك وجوب العمل على تحريرها من الضغوط التاريخية والاجتماعية المنافية لثوابت عقيدتها وكرامتها، ويجب حمايتها أيضا من الاستغلال الجنسى ومن معاملتها كسلعة أو كأداة للتمتع والتربح؛ لذا يجب وقف كل الممارسات اللاإنسانية والعادات المبتذلة لكرامة المرأة، والعمل على تعديل التشريعات التى تحول دون حصول النساء على كامل حقوقهن.
- أن حقوق الأطفال الأساسية فى التنشئة الأسرية، والتغذية والتعليم والرعاية، واجب على الأسرة والمجتمع، وينبغى أن توفر وأن يدافع عنها، وألا يحرم منها أى طفل فى أى مكان، وأن تدان أية ممارسة تنال من كرامتهم أو تخل بحقوقهم، وكذلك ضرورة الانتباه إلى ما يتعرضون له من مخاطر - خاصة فى البيئة الرقمية - وتجريم المتاجرة بطفولتهم البريئة، أو انتهاكها بأى صورة من الصور.
- أن حماية حقوق المسنين والضعفاء وذوى الاحتياجات الخاصة والمستضعفين ضرورة دينية ومجتمعية يجب العمل على توفيرها وحمايتها بتشريعات حازمة وبتطبيق المواثيق الدولية الخاصة بهم. وفى سبيل ذلك، ومن خلال التعاون المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والأزهر الشريف، نعلن ونتعهد أننا سنعمل على إيصال هذه الوثيقة إلى صناع القرار العالمي، والقيادات المؤثرة ورجال الدين فى العالم، والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية وقادة الفكر والرأي، وأن نسعى لنشر ما جاء بها من مبادئ على كافة المستويات الإقليمية والدولية، وأن ندعو إلى ترجمتها إلى سياسات وقرارات ونصوص تشريعية، ومناهج تعليمية ومواد إعلامية. كما نطالب بأن تصبح هذه الوثيقة موضع بحث وتأمل فى جميع المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية والتربوية؛ لتساعد على خلق أجيال جديدة تحمل الخير والسلام، وتدافع عن حق المقهورين والمظلومين والبؤساء فى كل مكان.
ختاما:
لتكن هذه الوثيقة دعوة للمصالحة والتآخى بين جميع المؤمنين بالأديان، بل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وكل الأشخاص ذوى الإرادة الصالحة؛
لتكن وثيقتنا نداء لكل ضمير حى ينبذ العنف البغيض والتطرف الأعمي، ولكل محب لمبادئ التسامح والإخاء التى تدعو لها الأديان وتشجع عليها؛
لتكن وثيقتنا شهادة لعظمة الإيمان بالله الذى يوحد القلوب المتفرقة ويسمو بالإنسان؛
لتكن رمزا للعناق بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وبين كل من يؤمن بأن الله خلقنا لنتعارف ونتعاون ونتعايش كإخوة متحابين. هذا ما نأمله ونسعى إلى تحقيقه، بغية الوصول إلى سلام عالمى ينعم به الجميع فى هذه الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.