مع كل دورة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى مثل هذا التوقيت من كل عام يتجدد اليقين بأن مصر لم تزل – رغم ما تواجهه من مصاعب وتحديات – ترى فى الكتاب سبيلا لإعادة الاعتبار لثقافة القراءة والاطلاع. والحقيقة أن معرض الكتاب بات يمثل عيدا للكتاب والقراءة على حد السواء بل إن أكثر الناس إحساسا بهذا العيد هم الكتاب أنفسهم لأنه ليست هناك متعة يحسها المفكرون والمثقفون سوى ما يلمسونه من مردود إيجابى لما يكتبون، حيث لا شيء يسعد المؤلف أو المفكر أو الباحث أكثر من سعادته عندما تصله إشارات الاهتمام بما أصدره من مؤلفات تجدد لديه أكبر حافز للإجادة والتدقيق فى كل ما يكتب بأسلوب راق وفكر مركز. ولعل هذا هو السر فى أن أكثر الناس إقبالا على المعرض هم من طائفة المفكرين والباحثين الذين يعرفون عن يقين أن وراء كل كاتب عظيم ممن تركوا بصمة واضحة فى تاريخ البشرية توجد لديه مكتبة عظيمة مليئة بكل كنوز الفكر فى شتى المجالات لأن من يقرأ أكثر ويستوعب أكثر هو الذى يكتب أفضل من غيره. وخلال زيارة أخيرة لمعرض الكتاب استمعت إلى مناشدات عديدة حول ضرورة إعادة النظر فى أسعار الكتب التى قفزت هذا العام قفزة باهظة تفوق قدرات معظم المتعطشين للقراءة والمعرفة بسبب ما لحق بصناعة الكتاب من ارتفاع فى تكاليف الإصدارات وذلك أمر يتطلب مبادرة ترعاها وزارة الثقافة من أجل تشجيع كل من يريد القراءة على اقتناء كتاب أنيق بثمن معقول لأن دعم العقول ليس أقل أهمية من دعم البطون. وفى إطار استحقاقات بناء القدرة على التصدى لحروب الجيل الرابع والجيل الخامس التى أنهكت شعوبنا تجيء أهمية السعى لمشروع قومى بشراكة متكافئة بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية بالفكر والثقافة من أجل كتاب زهيد الثمن لن تقل أهميته ولن يقل دوره عن كل أسلحتنا المشروعة التى نشهرها فى وجه الظواهر الكريهة للعنف والتعصب والإرهاب. والشعوب التى تعشق الاطلاع وتبحث عن المعرفة وتؤمن بالعلم وتحترم الثقافة والمثقفين هى الشعوب التى تستطيع أن تقهر تحديات الحاضر وتحلق بأفكارها المتجددة نحو آفاق المستقبل وهو ما يتطلب نظرة مجتمعية بعد أن أصبحت أسعار الكتب «نار»!. خير الكلام: قمة البؤس عندما يحاول أى فاشل تبرير فشله! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله