الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية, لأنه يؤدي في النهاية إلي الصالح العام, وذلك إذا كان الطرفان المختلفان يقصد كل منهما المصلحة العامة للوطن والأمة. أما اذا كان الاختلاف لمجرد الاختلاف, أو التعصب لحزب, أو طائفة, أو جماعة, فإنه في الغالب يكون ضد مصلحة الوطن, وأمنه, وسلامته, واستقراره. ومن ثم, يكون الاختلاف هو السبب الأصيل في ضياع الوطن, وتفرقه إلي شيع, وملل, وشراذم ليس لها من هدف إلا إشاعة الفوضي, والانفلات الأمني والخلقي والسياسي. وهنا يتحقق أمل العدو وأهدافه في تمزيق الأمة إلي دويلات صغيرة يستطيع أن يستولي عليها كالذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية! ولذلك, فإنه من أوجب الواجبات في هذه المرحلة الدقيقة, التي يمر بها وطننا العزيز, أن نستمسك جميعا بما يوحد الصف, وننحي أسباب الفرقة والخلاف. وعلينا جميعا أن نبتعد عن كل ما يؤدي إلي توتر الأوضاع بين مختلف أطياف الجماعة الوطنية, وعن كل ما يمكن أن يسئ إلي روح ثورة 25 يناير. وعلينا جميعا أن نوقف أي عمل من الأعمال التي تعيق السير الحسن لأمور الحياة, وإلي إعلاء روح الأخوة الوطنية, والتوافق, والحوار السلمي بين كل الأطراف. كما ينبغي علينا جميعا عدم إثارة القضايا السطحية التي لا طائل ولا منفعة للوطن من ورائها, وأن نجعل من حب الوطن قاسما مشتركا بين جميع الأحزاب والقوي السياسية, وأن يترجم هذا الحب والانتماء إلي أفعال تصب في الصالح العام وليس لمصالح حزبية ضيقة. وعلينا أيضا أن نتفق علي البعد عن لغة التخوين, وأن نتوحد من أجل هذا الوطن, ونتسامح فيما بيننا, ويبدأ كل منا بنفسه بالتخلي عن أي خصومة من أجل التصدي للفوضي والفتنة وبناء دولة حديثة.