القلم، تلك الأداة المدهشة والخطيرة، والذي لا يلقي لها بالا الكثيرون، ويخطون بأقلامهم ما يشاءون دون أن يدروا أن ما يسطرون ويكتبون محاسبون عليه في يوم لن يجدوا أقلاما يخطون بها ما يدافعون عما خطت أيديهم وما كتبت أقلامهم، لا يدرون أنهم سيسألون في ذلك اليوم الذي رفعت فيه الأقلام وجفت الصحف، القلم يا سادة هو أخطر ما في أيدينا، فما أكثر ما يكب الناس فيه فى النار بفعل حصائد ما قالوا باللسان وما خطوا بالقلم. القلم ذوو شأن عظيم عظم السماوات والأرض ونحن عن ذلك غافلون ضائعون تائهون بفعل ما يفعله بنا سحر الأقلام وما نخطه بيميننا، لقد أقسم المولى خالق السماوات والأرض بالقلم قرآنا يتلى إلى يوم الحساب إذ قال تعالى: "ن والقلم وما يسطرون، ما أنت بنعمة ربك بمجنون"، وهذا القسم الإلهى يؤكد عظم القلم وعظم ما يسطر به. والقلم هو أول ما خلق رب القلم ليكتب به علم الخلائق ما كان وما هو كائن وما سوف يكون إلى يوم الدين، وبعد أن كتب القلم بأمر الله في اللوح المحفوظ كل ما قدره الله على خلقه جميعا من الإنس والجن والطير والحيوان والجماد وغيره من مخلوقات الله وجنوده ما علمنا من ذلك وما نجهل، رفعت الأقلام وجفت الصحف، لكننا نكتب ما نشاء وكيف نشاء لمن نشاء ونملأ صحائفنا كتابة نريد بها كسبا ماديا أو معنويا منصبا أو جاها غير عابئين بخطورة ما نكتب. ولأهمية القلم ورد ذكره في كتاب الله بآيات أربع مفردا وجمعا منها "ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" وذكر في أول آيات نزلت على رسول الله في سورة العلق "الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ" وفي لقمان "وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" وفي آل عمران "ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ" وعن ابن عباس عن رسول الله قال: أول ما خلق الله القلم قال: اكتب . قال: وما أكتب؟ قال: اكتب القدر. فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم قيام الساعة. القلم عظيم يا سادة عظم الخلق والكون، لذا أنصحكم وأنصح نفسي بتقوى الله فيما نكتب ونسطر وتحرى الصدق في القلم، فلا مجال للمجاملة والممالأة والمواءمة، فما نحن كاتبون عنه محاسبون في يوم لا ينفع فيه رؤساء ولا مرؤوسين. وللحديث بقية عن القلم. لمزيد من مقالات فهمى السيد