عانت سوريا منذ اندلاع ما سمى «الربيع العربى» فى عام 2011 من التدمير الممنهج لمعالمها الأثرية فى مختلف ربوعها، إلى حد جعل الحكومة السورية تتهم دولا بعينها بتدمير وتهريب آثارها،يأتى على رأسها تركيا وأمريكا وإسرائيل وفرنسا. وقد عانت تدمر أو مملكة تدمر، المدينة التاريخية للآثار السورية، والتى كان يطلق عليها «عروس أو لؤلؤة الصحراء»، أكثر من غيرها من النهب والسرقة والتدمير، بعدما دخلها تنظيم «داعش» الإرهابى فى مايو 2015 وسيطر عليها، حيث بدأ التدمير لمعظم معالمها. وقد مثلت تدمر، التى تتبع محافظة حمص فى الوسط السورى، وكان يقصدها آلاف السياح سنويا، أهمية إستراتيجية بالنسبة للتنظيم الإرهابى، نظرا لقربها من آبار البترول التى تقع فى محيطها. وأشار الخبراء إلى أن السبب وراء تدمير تنظيم «داعش» للمواقع الأثرية فى سوريا، هو الرغبة فى الاستيلاء على القطع الأثرية وبيعها فى السوق السوداء لتجار الآثار، وبعد ذلك يفجر الموقع لإخفاء الأدلة على ما تم نهبه من قبل عناصره. وفى مارس 2016 استعاد الجيش السورى السيطرة على المدينة الأثرية، بعد معارك عنيفة مع «داعش»، ثم عاد التنظيم الإرهابى وسيطر عليها فى العام نفسه، واستعادها الجيش السورى بعد ذلك فى أوائل عام 2017، وقد أرسلت منظمة اليونيسكو بعثة لتقييم الأضرار التى لحقت بمدينة تدمر، وعاين الخبراء المدينة، ووجدوا أن معظم التماثيل والتوابيت الحجرية ثقيلة الوزن، والتى لا يمكن نقلها إلى مكان آمن، قد تعرضت للتخريب، والتحطيم، ومنها ما وجد مقطوع الرأس وملقى على الأرض. و حددت البعثة إجراءات وتدابير طارئة لترميم والمحافظة على تراث المدينة، بالإضافة إلى الأعمال اللازمة لتوثيق كل ما هو موجود، ونشر التوعية محليا ودوليا فيما يتعلق بأهمية الموقع وضرورة المحافظة عليه كأحد أهم وأقدم المواقع الأثرية فى العالم، وقد جلبت الحكومة السورية بالفعل مئات القطع الأثرية التالفة والمدمرة كاملا إلى المتحف الوطنى بدمشق لإصلاحها، وهى عملية من المتوقع أن تستغرق ما بين 5 و 8 سنوات وبدأ فريق سورى العمل على ترميم ومعالجة هذه القطع، كما بدأت السلطات السورية ترميم المدينة الأثرية القديمة فى تدمر لتصبح جاهزة لاستقبال السائحين خلال صيف العام الحالى، طبقا لما سبق أن صرح به طلال البرازى، محافظ حمص. كما أعربت كل من اليونيسكو وروسيا وبولندا وإيطاليا وبلدان ومؤسسات أخرى، ومنظمات أوروبية غير حكومية، عن استعدادها لتقديم المساعدة فى ترميم واستعادة الآثار والتحف القديمة للمدينة. وتعد آثار تدمر واحدة من 6 مواقع تشهد على عظمة تاريخ سوريا، وقد أدرجتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) على لائحة التراث العالمى للإنسانية عام 1980، وبعد تعرض الكثير من معالمها للتدمير أدرجتها اليونيسكو فى عام 2013 على لائحة المواقع المعرضة للخطر. وقد شهدت تدمر أزهى عصورها فى الفترة بين القرنين الأول والثالث الميلادى، حيث حملت القوافل التى مرت بها مختلف البضائع الثمينة، كما حملت معها كذلك التأثيرات الحضارية المختلفة التى ربطت الشمال بالجنوب، والشرق بالغرب، وظهرت تلك التأثيرات واضحة على الطابع العمرانى للمدينة تدمر، كما يوجد العديد من المعالم الأثرية.