لم توافق إسرائيل قط، وبعناد شديد، ولن توافق أبداً طواعية، على خيار حل الدولة الواحدة التى تضم الإسرائيليين والفلسطينيين معاً على قاعدة المواطنة، حيث المساواة بين جميع المواطنين! وكانت لهذا الرفض المتعنت أسباب دبلوماسية يعلنونها، وأما الدوافع الحقيقية فلم تجاهر إسرائيل بها رسمياً، ومنها ما جاء فى أحد التصريحات المنفلتة للرئيس ترامب الذى عبَّر عن عدم اقتناعه بحل الدولة الواحدة، لأنها، كما قال، ستؤدى فى القريب إلى أن يكون اسم رئيس دولة إسرائيل (محمد)! وهكذا، أفصح تماماً عن أهم أسباب إسرائيل، وهو خشيتها من أن يتولى المسلمون السلطة فى الدولة الواحدة إذا تحققت بالفعل، بسبب أعدادهم المتزايدة فى وقت لا يزيد فيه الإسرائيليون بنفس النسبة حتى مع إضافات المهاجرين الجدد التى لا تتوقف! وأما حل الدولتين الذى يدّعى قادة إسرائيل حتى الآن أنهم يحبذونه، فقد عملوا ضده بكل طاقتهم، ولا يزالون، حتى إن جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكية فى الولاية الثانية لأوباما، قال صراحة فى خطبة الوداع إن إسرائيل قد ابتلعت بالفعل مساحات شاسعة من الأرض التى خصصتها الشرعية الدولية للفلسطينيين، وأنها دمرت على الأرض كل إمكانات إقامة دولة فلسطينية! وأما إذا أردت أن تعرف النية الحقيقية فى عدم ممانعة إسرائيل فى أن تستمر فيما يُسمّى مفاوضات السلام، فإن والد نيتانياهو قدَّم التفسير مرة بقوله إنه واثق أن ابنه لن يتنازل للفلسطينيين عن أى شىء، وإنه يتعمد أن يقترح عليهم ما يجب أن يرفضوه! من ناحية أخرى، ومن أجل تماسك المجتمع الإسرائيلى، فإن لديهم رأياً قوياً، فى أوساط كثيرين من اتجاهات سياسية مختلفة، يُقرّ بأنهم يستفيدون من العمليات الإرهابية ضدهم، شريطة ألا تتجاوز حداً معيناً! ودع عنك أنهم يسمون كل استخدام للقوة ضدهم إرهابا، فإنه يبقى واضحاً أن لديهم إدراكاً بفائدة أن هذا الحد يجعل الإسرائيليين أكثر التحاماً مع بعضهم البعض، وأكثر استعداداً للمواجهة، وأكثر ميلاً لرفض الحقوق الفلسطينية، بل واعتبارها تنازلات تُخلّ بأمن إسرائيل!! فماذا يتبقى إذن لمثل هذه المفاوضات؟! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب